أَبَابِلُ
رَأْيَ العَيْنِ أَمْ هَذِهِ مِصْـرُ
فَإِنِّي أَرَى فِيهَا عُيُونَاً هِيَ السِّحْـرُ
نَوَاعِسَ أَيْقَظْنَ الهَـوى
بِلَوَاحِـظٍ تَدِينُ لَهَا بِالفَتْكَةِ
البِيضُ وَالسُّمْـرُ
فَلَيْسَ لِعَقْلٍ دُونَ سُلْطَانِـهَا
حِمَىً وَلاَ لِفُؤَادٍ دُونَ
غِشْيَانِـهَا سِتْـرُ
فَإِنْ يَكُ مُوسَى أَبْطَلَ
السِّحْرَ مَرَّةً فَذَلِكَ عَصْرُ
المُعْجِزَاتِ ، وَذَا عَصْرُ
فَأَيُّ فُـؤَادٍ لاَ
يَذُوبُ صَبَابَـةً وَمُزْنَةِ
عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَـا قَطْـرُ؟
بِنَفْسِي
– وَإِنْ عَزَّتْ
عَلَيَّ –
رَبِيبَـةٌ
مِنَ العِينِ
فِي
أَجْفَانِ
مُقْلَتِهَا
فَتْـرُ
فَتَاةٌ يَرِفُّ البَدْرُ
تَحْتَ قِنَاعِـهَا وَيَخْطِرُ
فِي أَبْرَادِهَا الغُصُنُ النَّضْـرُ
تُرِيكَ جُمَانَ القَطْرِ فِي
أُقْحُوَانَـةٍ مُفَلَّجَةِ الأَطْرَافِ ،
قِيلَ لَـهَا ثَغْـرُ
تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا
سَوَاحِـرُ " بَابِـلٍ" وَتَسْكَرُ مِنْ
صَهْبَاءِ رِيقَتِهَا الخَمْـرُ
فَيَا رَبَّةَ الخِدْرِ الذِي حَـالَ
دُونَـهُ ضَرَاغِمُ حَرْبٍ، غَابُهَا
الأَسَلُ السُّمْرُ
أَمَا مِنْ وِصَـالٍ أَسْتَعِيـدُ
بِأُنْسِـهِ نَضَارَةَ عَيْشٍ كَانَ
أَفْسَدَهُ الهََجْـرُ؟
رَضِيتُ مِنَ الدُّنْـيَا بِحُبِّكِ
عَالِمَـاً بِأَنَّ جُنُونِي فِي
هَوَاكِ هُوَ الفَخْـرُ
فَلاَ تَحْسَِبي شَوْقِي فُكَاهَـةَ
مَازِحٍ فَمَا هُوَ إلاَّ الجَمْرُ ، أَوْ
دُونَهُ الجَمْـرُ
هَوَىً كَضَمِيرِ الزِنْدِ لَوْ أَنَّ
مَدْمَعِي تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ
لاَحْتَرَقَ الصَّـدْرُ
إِذَا مَا أَتَيْتُ الحَيَّ فَـارَتْ
بِغَيْظِـهَا قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ
آمَاقِهَا الغَـدْرُ
يَظُنُّونَ بِي شَرَّاً ، وَلَسْـتُ
بِأَهْلِـهِ وَظَنُّ الفَتَى مِنْ
غَيْـرِ بَيِّـنَةٍ وِزْرُ
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ إِنْ تَرَنَّـمَ
شَـاعِـرٌ بِقَافِيَةٍ لاَ عَيْبَ
فِيهَا ، وَلاَ نُكْـرُ؟
أَفِي الحَقِّ أَنْ تَبْكِي
الحَمَائِمُ شَجْوَهَا وَيُبْلَى فَلاَ
يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ حُـرُّ؟
وَأَيُّ نَكِيرٍ فِي هَوَىً
شَـبَّ وَقْدُهُ بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ
فَبَاحَ بِـهِ الشِّعْرُ؟
فَـلاَ يَبْتَدِرْنِي
بِالمَلاَمَـةِ عَـاذِلٌ فَإِنَّ
الهَوَى فِيـهِ لِمُعْتَـذِرٍ عُـذْرُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُبِّ فَضْلٌ
عَلَى النُّهَى لَمَا ذَلَّ حَيٌّ لِلْهَـوَى
وَلَـهُ قَـدْرُ
وَكَيْفَ أَسُومُ القَلْبَ صَبْرَاً عَلَى الهَوَى
وَلَمْ يَبْقَ لِيْ فِي الحُبِّ قَلْبٌ وَلاَ صَبْرُ
لِيَهْنَ الهَوَى أَنِّي خَضَعْـتُ
لِحُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ لِيْ فِي غَيْرِهِ
النَّهْيُ وَالأَمْرُ
وَإِنِّي امْرُؤٌ تَأْبَى لِيَ
الضَّيْمَ صَـوْلَةٌ مَوَاقِعُهَا
فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْـرُ
أَبِيٌّ عَلَى الحِدْثَـانِ ،
لاَ يَسْتَفِزُّنِي عَظِيمٌ ، وَلاَ
يَأْوِي إِلَى سَاحَتِي ذُعْرُ
إِذَا صُلْتُ صَالَ المَوْتُ مِنْ
وَكَرَاتِـهِ وَإِنْ قُلْتُ أَرْخَى مِنْ
أَعِنَّـتِهِ الشِّعْرُ