صفحات من كتاب
الصيف والشتاء
أمل دنقل -
مصر
1 - حمامة
حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ
|
واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ
|
تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
|
تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ
|
(كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..
|
طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ
|
فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!
|
أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ
|
(وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..
|
ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ
|
دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ
|
وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ
|
حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ
|
على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ
|
.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!
|
2 - ساق صناعية
في الفُندقِ الذي نزلتُ فِيه قبلَ عامْ
|
وعَلَّقَ (السُّتْرَةَ) فوقَ المِشجبِ المُقَام
|
وعندما رأى كتابَ (الحربِ والسلامْ)
|
بين يديَّ: اربدَّ وجهُهُ..
|
وقصَّ عن صَبِيَّةٍ طارحها الغَرامْ
|
وكان عائداً من الحربِ.. بلا وسام
|
ولم يجدْ - حين صحا - إلا بقايا الخمرِ والطَّعام!
|
ثم روى حكايةً عن الدّمِ الحرامْ
|
(.. الصحراءُ لم تُطِقْ رَشْفَهْ..
|
فظلَّ فيها, يشتكي ربيعهُ صَيْفَهْ..)
|
وظلَّ يروي القصصَ الحزينةَ الخِتامْ
|
في سُحُب الدُّخانِ والكَلامْ
|
وعندما تحشرجَ الصوتُ بِه, وطالتِ الوقْفهْ
|
حتى لا أرى دمعَتَه العَفَّهْ
|
ومن خلايا جسدي: تفصَّدَ الحزنُ..
|
رأيته يخلعُ ساقهُ الصناعيةَ في الظَّلامْ
|
3 - شتاء
عاصف
مُنْبَعِجاً, كامرأةٍ في اخرياتِ الحَمْلْ
|
أرى شتاءَ (الغضبِ الساطعْ)
|
يكتسحُ الأوراقَ والمعاطِفا
|
وكانت الأحجارُ في سُكونِها الناصِعْ
|
مغسولةً بالمطرِ الذي توقَّفَا
|
عن (ظالم لاقيتُ منه ما كفى..)
|
قد (علَّموه كيف يجفو.. فجفا)
|
جلسْتُ فوق الشاطىء اليابسْ
|
وينطوي - حيناً - أمام وجهه العابسْ..
|
تنطحُه برأسِها المُهْتاجْ
|
ودون أن تَكُفَّ عن صراعها اليائس..!
|
ودون أن تكُفَّ عن صراعها اليائس..!
|
|
|