ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

Abdul Wahab Al-Bayati

حب تحت المطر

عبد الوهاب البياتي - العراق
 

( 1 )

(واترلو) كان البدء، وكل جسور العالم كانت تمتد

لواترلو، لتعانقه، لترى مُغْتَربين التقيا تَحْتَ عمود النور،
ابتسما، وقفا وأشارا لوميض البرْق وقصْف السحب
الرعدية. عادا ينتظران، ابتسما، قالت عيناها: (من
أنت?) أجاب: (أنا! لا أدري) وبكى، اقتربتْ منه، وضعتْ
يدها في يده، سارا تحت المطر المتساقط، حتى الفجر،
وكانتْ كالطفل تغني، تقفز من فوق البرك المائيَّة، تعدو
هاربة وتعودُ. شوارعُ لندنَ كانت تتنهَّد في عمقٍ والفجر
على الأرصفة المبتلَّة في عينيه، يتخفى في أوراق
الأشجار. أجاب: (أنا، لا أدري) وبكى. قالت: (سأراك
غدًا)، عانقه، قبّل عينيها تحت المطر المتساقط. كانت
كجليد الليل تذوب حنانًا تحت القبلاتْ.
( 2 )
عانقها ثانية وافترقا تحت سماء الفجر العارية السوداء.
( 3 )
كانت تبكي في داخله سنوات طفولته الضائعة العجفاء.
( 4 )
كان يراها في الحلم كثيرًا منذ سنين. كانت صورتها
تهرب منه إذا ما استيقظ أو ناداها في الحُلم. وكان
بحمى العاشق يبحث عنها في كل مكانٍ. كان يراها
في كل عيون نساء المدن الأرضية، بالأزهار مغطاة
وبأوراق الليمون الضارب للحمرة، تعدو حافية تحت
الأمطار، تشير إليه: (تعال ورائي)
يركض مجنوناً، يبكي سنوات المنفى وعذاب البحث
الخائب عنها والترحالْ.
( 5 )
كانت تنشب في داخله معركة بين المعبوداتْ:
واحدة ماتت قبل الحبِّ وأخرى بعد الحب وأخرى في
الما بين وأخرى تحت الأنقاضْ
( 6 )
ثورة موتي كانت زلزالْ.
( 7 )
و(تعال ورائي) ظلت في لحم السنوات العاري
ودم الحب المُغتال
جرحًا لا يُشفى وحنينًا قتّالْ.
( 8 )
كان يراها في كل الأسفار ْ
في كل المدن الأرضية بين الناسْ
ويناديها في كل الأسماء.
( 9 )
كانت تتخفّى في أوراق الليمون وأزهار التفاحْ.
( 10 )
(واترلو) كان البدء وكل جسور العالم كانت تمتد
لواترلو، تسعى للقاء الغرباء.
( 11 )
تحت عمود النور التقي، ابتسم، وقفَا وأشارَا
لوميض البرق وقصف السحب الرعدية، كانا يعتنقان.
( 12 )
كان يمارس سحرًا أسودَ في داخله: (تأتي أو لا تأتي؟
من يدري؟) مجنونًا كان.
( 13)
كانت في يده دمية شمعٍ يغرز فيها دبوسًا من نار ْ
(حبيني) قال له، واتقدت عيناه
بشرارة حزن يصعد من قلب المأساة.
( 14 )
شاحبة كالوردة تحت عمود النور رآها. جاءت قبل
الموعد. كانت في معطفها المطري الأزرق. قبّلها من
فمها. سارا. قالت: (فلنسرع!) ضحكا دخلا بارً،
طلبَا كأسين. اقتربت منه، وضعت يدها في يده. قالت
عيناه لها: (حبِّيني) غرقَا في حُلمٍ. فرآها ورأته. في
أرض أخرى تحرقها شمس الصحراء. ابتسم، عادا
من أرض الحلم. أراها صورته بلباس البدو الرُّحل
قالت: (من أنت؟)
أجاب: (أنا لا أدري) وبكى. كانت صحراءٌ حمراءْ
تمتد وتمتدُّ إلى ما شاء الله
لتغطي خارطة الأشياء.
( 15 )
عانقه، قبّل عينيها. لندنُ كانت تتنهَّد في عمقٍ
والفجر على الأرصفة المبتلة في عينيها يتخفَّى في أوراق الأشجارْ.
( 16 )
(عائشة اسمي) قالت: (وأبي ملكًا أسطوريًّا كانْ يحكم
مملكة دمَّرها زلزال في الألف الثالث قبل الميلاد)

[ 2 - 12 -1974 ] من ديوان (قمر شيراز)

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا