![]() |
![]() |
![]() |
عن الشاعر | راسلنا | صوت الشعر | لقاءات | قراءات نقدية | قصة | مقالات أدبية | شعر |
يانج خوي تشون - الصين ترجمها عن الصينية مباشرة: سيد جودة - مصر
في صباح يوم ولد طفل بأحد مستشفيات مدينة نيويورك بأمريكا. سألت الأم الطبيب بسعادة: "هل يمكن أن أرى طفلي؟" على الفور ناولها الطبيب اللفافة الصغيرة التي بها الطفل واضعاً إياه في حضنها, أزاحت عن وجهه الغطاء القماش ونظرت إلى وجهه الصغير فشهقت شهقة من الهواء البارد. لم يستطع الطبيب أن ينظر مرة أخرى فأشاح وجهه بسرعة, فقد كان الطفل مولوداً بلا أذنين! أسماه أبوه جيمي. بعد فترة من الوقت اكتشف الوالدان بفرح أن قدرة الطفل على السمع كأي شخص طبيعي بلا إعاقة. فقدان الأذنين شوه من منظره فقط لكن جيمي الموهوب لم يلحظ أن هناك أي فرق بينه وبين باقي الأطفال فعاش طفولة سعيدة في ظل رعاية وحب أبويه. مرت السنوات سراعاً وفي سن السابعة التحق جيمي بالمدرسة وذات يوم عاد للبيت جارياً ودفن رأسه في حضن أمه وأجهش بالبكاء قائلاً لها ما تعرض له في المدرسة: "هناك طفل, طفل كبير.... يناديني بالطفل المشوه!" استمعت الأم لشكواه ثم تنهدت وحضنته, كانت تعرف أن حياة طفلها في المستقبل ستتعرض لسلسلة لا تنقطع من هذه السخريات. كبر جيمي وبدأ اختلافه عن باقي الناس يبدو أكثر وضوحاً لأنه بلا أذنين. كان زملاؤه يحبونه ولولا هذا التشوه في شكله فربما كان يمكن أن يكون رائد الفصل. بيد أنه أظهر موهبة فائقة في الأدب والموسيقى. كان دائماً ما يسأل أمه: "لماذا أنا بلا أذنين؟" كانت أمه تواسيه قائلة: "ومع ذلك فأنت لا تختلف عن بقية الأولاد!" ولكن كان قلبها مفعماً بالشفقة والألم. وذات يوم فهم جيمي أخيراً أنه في الواقع معاق, ولأنه بلا أذنين فقد الثقة بالنفس ولم يعد يحب أن يذهب للمدرسة, وتغير طبعه ليكون انطوائياً, حتى أنه لم يعد يجرؤ على الخروج من باب البيت. أحس أبواه بغاية الألم لهذا فذهب أبوه ليستشير طبيباً شهيراً وسأله: "هل حقاً أنه لا حيلة البتة لعلاج تشوه ابني؟" أكد له الطبيب قائلاً: "لو استطعنا الحصول على أذنين فأعتقد أنني أستطيع إجراء عملية جراحية لزراعتهما." ولكن من أين يأتي بأذنين؟ من يستطيع أن يقدم هذه التضحية الكبيرة لأجل طفل؟ كما أن إجراء هذه العملية الجراحية سيكلف كثيراً. مر عامان وذات يوم قال الأب لجيمي: "بنيّ, يجب أن تذهب للمستشفى لإجراء عملية جراحية. أنا وأمك وجدنا شخصاً سيتبرع لك بأذنيه ولكن ماهية هذا الشخص ستظل سراً." كانت عملية زارعة الأذنين ناجحة للغاية, وأخيراً أصبح لجيمي أذنان. كانت سعادته بالغة, فهو بكل بساطة أصبح مثل أي شخص عادي. عاد يدرس في المدرسة واستمرت مواهبه في التفتح والنمو بسرعة واستمر نجاحه يتوالى تباعاً. تزوج بعد تخرجه في الجامعة والتحق بالعمل في السلك الدبلوماسي كما تمنى وأصبح دبلوماسياً لامعاً. كان يعمل في مبنى حكومي فاخر ويحضر المأدبات الدبلوماسية, ثم يعود لبيته لزوجته الجميلة. كان جيمي في غمرة سعادته يرفع يديه ويتحسس أذنيه ويرغب أن يشكر هذا الشخص الغامض الذي تبرع بهما وجهاً لوجه. هذان الأذنان هما اللذان أعطيا لحياته الشجاعة والثقة فاستطاع أن يحقق ما هو فيه اليوم من نجاح. "لابد أن أعرف!" ظل جيمي يلح في سؤال أبيه, "من الذي قدم لي هذه التضحية الكريمة؟ أنا لن أستطيع أبداً مكافأته." قال أبوه: "لا أظن أنك تستطيع أن تفعل شيئاً, ولكن حسب اتفاقي معه لا يجب أن تعرف ..... على الأقل ليس الآن." مرت سنوات عديدة بهدوء ظل فيها الوالدان محتفظين بالسر. وعلى الرغم من أن جيمي قام سرًّا ولوقت طويل بالبحث والتقصي, إلا أنه لم يعثر على هذا الشخص الغامض الذي تبرع له. ومع ذلك فقد جاء اليوم الذي اكتشف فيه إجابة هذا اللغز.... ربما كان هذا اليوم هو أسود يوم في حياة جيمي. كان يقف مع أبيه أمام تابوت أمه, مد أبوه يده للأمام ببطء ورفق وأزاح شعر الأم الكثيف الرمادي اللون.... فوجئ جيمي بأن أمه الراقدة في التابوت كانت بلا أذنين ففهم كل شيء على الفور. "أخيراً عرفت لماذا كانت أمي تقول إنها سعيدة لأنها لن تحتاج لقص شعرها أبداً." قالها جيمي ثم همس لأبيه ودموعه تنهمر على وجهه: "لم يشعر أحد أن أمي كانت تبدو أقل جمالاً, أليس كذلك؟!"
|