ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

نبيل عودة - فلسطينأفروديت لا تنفع طه ...

نبيل عودة - فلسطين

 

 في غارب الأيام قام  طه خضر* برحلة للوصول الى شواطئ واتا الآمنة ..حيث الاستقرار وراحة العقل والبال. اذ قرأ في فلسفة واتا ، أن العقل العربي أغلى العقول في العالم ..  وشرح المنظر الدكتور أبو هواش في قاموس واتا : ان العقل العربي احتل بجدارة اغلى تسعيرة في سوق اللحوم لأنه غير مستعمل ومتوفرة له كل شروط الراحة والتنبلة في واتا الحضارية ، فانطلق الخضر طه سعيدا مستعجلا الرسو في ميناء واتا واراحة عقلة وجسده ليرتفع سعرهما معا.. لعل الشاري يجيء أخيرا.

ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .

في ليلة ظلماء هبت رياح شرقية عاتية ، لم تتوقعها مصادر واتا للأرصاد العقلية. لاطمت الأمواج السفينة من اليمين واليسار ، وبدأ خشب السفينة يطقطق من الضربات العنيفة لأمواج البحر الهائج ، حاول الواتوي المقبل ان يسجد لرب العاملين في عز تلاطم الأمواج بسفينته ، طالبا العون والرحمة ، ولكن موجة عالية ضربت السفينة ،فأخلت بتوازنها وحطمت ساريها وغرفة القيادة .. وقذفت بالانسان الورع الى داخل الأمواج ، فصرخ: " ماذا أخطأت بحقك يا الهي ؟" ولكن الله لم يسمعه بسبب تلاطم الأمواج وضجيجها ، ولحسن حظه ، وربما تلك مشيئة ربانية ، يضرب بيد ويلقى الأخرى،  وجد نفسه متمسكا بقوة بقطعة من خشب السفينة المتففكة والغارقة ، فحمده رغم كل شيء.

قضى ليلة مرعبة بين الغرق والنجاة ، وخارت قواه ، واستسلم لمصيره  ... وبدأ يفقد ادراكه بما حوله ، الا قبضتي يديه المتسمرتان بلا وعي بخشبة تساعده على العوم ...

ماذا حدث بعد ذلك بات في علم الغيب ، ربما مفكر واتا الذي " يعمل أكثر مما يتكلم " قادر على كشف التفاصيل التي تنزل عليه مع الوحي الفكري .. رغم ان ذلك يكلفه انخفاض بقيمة عقله في سوق اللحوم .

الذي أفرح  خضر طه انه وجد نفسه ملقى على شاطئ رملي مثل الذهب الصافي ، والشمس الدافئة تمتص رطوبة جسده وتعطية شعورا بأن رب العالمين لم يتركه في لحظاته الصعبة .

 جر نفسه خارج الماء ونظر الى السماء . سالت دموع الشكر والفرح بالنجاة .

لوهلة ظن نفسه قد وصل شواطئ واتا الموعودة ، ولكن لخيبة أمله وجد نفسه في جزيرة بلا انس أو جن .. وحيدا مع الرمال والماء والأشجار ، ولحسن حظه كانت بعض الأشجارا مثمرة بفاكهة لذيذة الطعم ، أشبه بما ذكره أبو هواش عن فواكه الجنة.. ، طبعا لم يقصد صاحب الخلق القويم  الفواكه الانثوية ، تلك لها حديث آخر ..

احتار لحاله وكيف يرسل برقية لصاحب "الطابع المهني الصارخ ".. كي يرشده على حل بدون ذرائع " الحرية والأدب والابداع " ..التي يمارس عبرها "التجديف والمجون والالحاد" وانه حتى عندما تمسك بالخشبة في عرض البحر لم يمارس التجديف .. حتى لا يقع بالمحظور !!

مضت أسابيع على ضياع خضر طه ، وانطلقت مجموعات واتا للإنقاذ تبحث عنه في القارات الخمس ، فهو ذخر للعرب والمسلمين ، بعقلة الوادع المستريح منذ ولدته أمه ...

ولكن عبثا ، بوصلات واتا لا تشير الا لإتجاه واحد من أجل ضمان العقل الخامل والمستريح ...حفظا لسعره في سوق اللحوم . ولضمان ان يسجل يد أولى غير مستعمل .. حيث سعره ، بهذه الحالة ، يتجاوز في الارتفاع بورصات النفط العربي ...

بعد شهر من الضياع سجل المسكين ضمن مفقودي واتا ..

مضت الأيام خاملة ، وهذا أمر جيد يضمن راحة العقل وعدم استعماله الزائد .. وفي فجر أحد الأيام ، سمع خبطات قوية على ماء البحر .. انتفض ناهضا وبحث بعينيه عن مصدر الصوت . ويا لهول ما رأى .. كانت فتاة تصارع المياة تسبح نحوه الى الشاطئ.

- "لماذا ليس رجلا يا الله " . اشتكى لربه فورا بألم  .

وصلت الصبية الى الشاطئ بأمان ، كانت حورية كل ما فيها متكامل .. عينان زرقاوتان كلون السماء ، وشعر أسود مسترسل كموج البحرعلى بشرة تبرق بالبياض المضيء  ، سبحان من جمع الليل والنهار .. وجسد يفيض بما فيه من تناسق وبروز لرمانتين لو كان غير الانسان الصالح طه خضر لدخل في سعار الرغبة بأقل من لمح البصر..

- "من أنت ؟ " . سأل وكشرته تتكوم فوق أنفه .

- " انا أفروديت " قالت باسمة ، حابسة ضحكتها من تصرف هذا الصنم الذي لم تلتق مثله في حياتها الطويلة والتي تجاوزت حسب بعض المراجع عشرة الاف سنة .

- " انا طه " . قال عابسا .

- " لتكن طه .. الست رجلا وانا الهة الحب المشتهاة  منذ الأزل ؟ "

- "الحب محرم حسب قوانين واتا لواضعها المنظر  أبو هواش لأنه خروج عن الاتجاه الخلقي " .

- " انا أفروديت .. في معبدي كان العشاق يمارسون الجنس كنوع من العبادة ".

-"ابو هواش علمنا أن نقول  للماجنين على وجه الخصوص أن أبوابنا مفتوحة لهم بشرط أن يتركوا بضاعتهم خارج أبواب واتا " .

- " هل تتهمني بالمجون " بدأ الغضب يشتعل على محياها؟؟

-" شكلك  وصوتك يحرك الجماد .. ولكني ..". وصمت مترددا .

- " هل انت رجلا أم شبه رجل ..؟ تأتيك أفروديت في وحدتك فتجدك مثل الحطبة اليابسة ، وتردد لي تعاليم متخلفة من متخلف وصل بالصدفة للقرن الواحد والعشرين ؟"

فكر طه خضر ، وتأملها .. ثم قال :

-" حقا انت آية الجمال التي ينشدها الرجال .. اذا شئت ان أكون عشيقك لي طلب واحد ؟ "

انفرد وجه أفروديت ، ابتسمت وقالت :

- " أخيرا .. ما هو طلبك لألبية وأجعلك تاتأوه بمشاعر اقوى من الجمر؟"

- " طلبي أن تقصي شعرك قصيرا جدا ، مثل شعري تماما "

ضحكت أفورديت وتساءلت :

-"ولكن شعري جزء من سحري ومن شهوة الرجال لي ، الست رجلا ؟"

-"بل سيد الرجال ".. شمخ بأنفه

-"اذن تعال الي وانا في قمة شبقي .. أبحثت عن رجل في مكان منعزل منذ الف عام .. يا لسوء طالعي ، لم أجد غير واتاوي . "

- "احلقي شعرك وغيري اسمك ايضا .. "

-"سأحلق شعري نزولا عند رغبتي المشتعلة ، وليس لأنك تطلب مني .. سينمو مرة أخرى جميلا وسأجد غيرك ليرويني من بحر الحب .. بالطبع ليس هذا الذي ذكرته أبو هواش .. فهو ينفع في زط الكلام ..انما شخصا له عقل ومشاعر .. ها قد قصصت شعري ".

تفاجا من سرعة تحول شعرها الى شعر رجالي قصير .. وبدأت مشاعرة تدغدغه بشدة  .قال :

-"ظل لي طلب واحد .. اختاري اسما ذكوريا "

- "سمني ما شئت يا طه اذ كان هذا يحل مشكلتك  يا رجل ."

بعد تفكير لم يتعود عليه قال :

-"اسميك  سعيد .. ".

- " حسنا متى نبدأ ؟ " . حثته أفروديت .

- " تعالي نتمشى على الشطئ أولا.. "

تأبطت ذراعة  ومشيا على الرمال الذهبية  ، بعد عدة دقائق قال خضرناظرا اليها  :

- "هل تعرف يا سعيد اني أحبك منذ وقت طويل وكنت أتمنى ان اصل اليك منذ كنت في العاشرة من عمرك ؟ ".

 

****

 

 نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة

nabiloudeh@gmail.com

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا