ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

فاديا سعد - الأردن

سـؤال و جـواب

فاديا سعد - الأردن
 

قصدّتُ البيت، بعد انتهاء حفل تخرج الدفعة الأولى من أطفال الروضة، وكان ولدي من بينهم.
في المسافة القصيرة الفاصلة بين بناء الروضة في الضيعة ومنزلي، مشيت أتعثر بخطواتي، وقد ظهرت بثور حمراء رافقتها حكة شديدة، تعاود الظهور كلما كنت ساخطة.
دفعت البوابة الحديدية الثقيلة بيد واهنة، توقفت، وألقيت نظرة إلى الدرج الطويل المؤدي إلى غرفتي في بيت العائلة الكبير، شعرت بدوار خفيف وأنه سيغمى عليّ قبل الوصول إلى الغرفة، التي تضمني وزوجي وولدي.
في هذا اليوم لم أولي انتباهاً لأصص الورد المصطفة على جانبي الدرج العريض. لم تكن أصص ورد بالمعنى الحقيقي للكلمة.. إنها علب سمن فارغة جمعتها من أزقة الضيعة، ثم نظفتها ورتبتها حسب أنواع الزهور التي رغبت باحتوائها.
أيضاً لم أتحمس لتشغيل جهاز المسجل والاستماع إلى الأغاني التي تبثها الإذاعة.
كان كل ما يشغل بالي، جواب ابني سامي على سؤال معلمته:
- "ماذا تريد أن تصبح في المستقبل يا حبيبي؟"
آه منك يا صغيري كم أخجلتني إجابتك على سؤال بسيط :"ماذا تريد أن تصبح في المستقبل يا حبيبي"

شتاءات ثلاث، أرسلتك إلى هذه الروضة. قالت المدرسة إنها علمتكم الكثير. لقد سمعت أغانيكم الملائكية.. أيضاً كنت تغنيها بطريقة مخجلة. مثلاً: ماذا في هذه الأغنية ولا يعجبك فيها: ( على طريق روضتي ... أمشي أنا يمشي غدي )
تطلع من بين شفتيك كأنها أغنية لإحدى الغجريات، فتمطّ الكلمات، وتصدر من حنجرتك بحة قبيحة.

هربتُ من ذكرى الإجابة المخجلة، قمت بتنظيف شامل للغرفة، مسحت حصيرة النايلون مرة تلو الأخرى، أخرجت مفرش الإسفنج الرطب، وعرضته للشمس. أفرغت فترينة الحديد من محتوياتها، مسحت الغبار، وقمت بالكثير من الحركات العشوائية.

كنت على استعداد، لضرب سامي تحت أية حجة، صرخت به: ابتعد عن الزهور.
قال سامي وخداه متوردان، وضحكة طيبة، تملئ وجهه: "أمي أريد طعاماً"
تراجعت عن فكرة تأنيبه، وشعرت بذنب ما، نتج عن عقابي المفترض لطفل بريء. لم أتمالك نفسي، فسألته: لماذا لم تقل أنك تريد أن تكون طبيباً. محامياً. مهندساً، أو حتى معلماً؟ لكنه كان يمضغ الطعام من غير مبالاة.

قفز سامي عن حضني راكضاً نحو البوابة صارخاً: "أبي"
دفع زوجي البوابة وفتحها على مصراعيها، فاسحاً الطريق أمام البغل المحمل بصناديق الدخان المهرب.
كان لتساؤلاتي جواب واحد مفحم حين رأيت سامي وهو يركض رامياً بنفسه في حضن والده، تعلو وجهه علائم البشر والتهليل، فاتحا ذراعيه لاستقبال أبيه، فتلقفه بفرح أيضاً، وضمه إلى صدره، ثم رفعه في الهواء، وأجلسه فوق ظهر البغل، ودار به ممسكاً اللجام بيده نزولاً وصعوداً فوق المصطبة، وهما يضجان فرحين.
فقط حينها أدركت لماذا أجاب ولدي معلمته:
"أريد أن أصبح مهرباً، وأركب على البغل."

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

1-

أحمد من الجزائر
ahd_beou@yahoo.com

Sun, 28 Oct 2007 06:31:23

أنا من المعجبين بل المنبهرين بما بكل ما قرأت لك ، وأدعو الله أن يحفظك ، ويوفقك للمزيد .
شكرا

ضع إعلانك هنا