![]() |
شعر مترجم |
سـؤال و جـواب فاديا سعد - الأردن
قصدّتُ البيت، بعد انتهاء حفل تخرج الدفعة الأولى من أطفال
الروضة، وكان ولدي من بينهم. شتاءات ثلاث، أرسلتك إلى هذه الروضة. قالت المدرسة إنها علمتكم الكثير. لقد سمعت أغانيكم الملائكية.. أيضاً كنت تغنيها بطريقة مخجلة. مثلاً: ماذا في هذه الأغنية ولا يعجبك فيها: ( على طريق روضتي ... أمشي أنا يمشي غدي ) تطلع من بين شفتيك كأنها أغنية لإحدى الغجريات، فتمطّ الكلمات، وتصدر من حنجرتك بحة قبيحة. هربتُ من ذكرى الإجابة المخجلة، قمت بتنظيف شامل للغرفة، مسحت حصيرة النايلون مرة تلو الأخرى، أخرجت مفرش الإسفنج الرطب، وعرضته للشمس. أفرغت فترينة الحديد من محتوياتها، مسحت الغبار، وقمت بالكثير من الحركات العشوائية. كنت على استعداد، لضرب سامي تحت أية حجة، صرخت به: ابتعد عن الزهور. قال سامي وخداه متوردان، وضحكة طيبة، تملئ وجهه: "أمي أريد طعاماً" تراجعت عن فكرة تأنيبه، وشعرت بذنب ما، نتج عن عقابي المفترض لطفل بريء. لم أتمالك نفسي، فسألته: لماذا لم تقل أنك تريد أن تكون طبيباً. محامياً. مهندساً، أو حتى معلماً؟ لكنه كان يمضغ الطعام من غير مبالاة. قفز سامي عن حضني راكضاً نحو البوابة صارخاً: "أبي" دفع زوجي البوابة وفتحها على مصراعيها، فاسحاً الطريق أمام البغل المحمل بصناديق الدخان المهرب. كان لتساؤلاتي جواب واحد مفحم حين رأيت سامي وهو يركض رامياً بنفسه في حضن والده، تعلو وجهه علائم البشر والتهليل، فاتحا ذراعيه لاستقبال أبيه، فتلقفه بفرح أيضاً، وضمه إلى صدره، ثم رفعه في الهواء، وأجلسه فوق ظهر البغل، ودار به ممسكاً اللجام بيده نزولاً وصعوداً فوق المصطبة، وهما يضجان فرحين. فقط حينها أدركت لماذا أجاب ولدي معلمته: "أريد أن أصبح مهرباً، وأركب على البغل."
|
|
|
![]() |
![]() |
|