ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

الشيطان الذي تلاعب بالمدينة

 لمن تقرع الأجراس ؟ سابقا  *

ابراهيم درغوثي/ تونس

 

حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله قام يصلي صلاة الصبح ، وهو خلفه يقرأ . فالتبست عليه الصلاة . فلما فرغ من صلاته قال :

لو رأيتموني وإبليس. فهويت بيدي . فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصابعي هاتين ، الإبهام والتي تليها . ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة

 

ابن كثير

البداية والنهاية

باب خلق الجان وقصة الشيطان

 

رأيته في ساحة السوق .

كان له رأس ثور ، وذيل قصير كذيل المهري يهش به الذباب الذي تكدس على مؤخرته التي تشبه مؤخرة قرود البابوان .

اقتربت من المسخ الواقف على قدمين كبقية بني آدم . كان يتحدث ، والقوم كأن على رؤوسهم الطير ، بأحاديث مروية عن النبي وبأسانيد يزعم أنها صحيحة ، عن البخاري وعن مسلم . ويستشهد بالصحيحين .

وعن سيد قطب ، وعن أبي هريرة رضي الله عنهما . ويمسح وجهه ولحيته بيديه

وعن أبي سعيد الخدري ، وعن ابن عباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم تسليما

وعن الحسن الترابي ، وعن الحسن البنا . ويحكي عن الفريضة الغائبة .

كان يعظ الناس بآيات يختارها حسب هواه من القرآن ، وبحكايات عن السلف الصالح . ويضرب الأمثال للناس ، يقول : لعلكم تهتدون .

ويقرأ من الشعر القديم حتى ظننته واحدا من الرواة . يقرأ من معلقات النابغة الذبياني ، وعنترة بن شداد العبسي ، وزهير بن أبي سلمى ، وطرفة بن العبد .

يقول : ... وأفردت إفراد البعير المعبد .

ثم يتنهد ، ويمسح اللعاب المتناثر فوق لحيته . ويلوح في الهواء بسيف استله من تحت جبته .

والناس كأن على رؤوسهم الطير .

كانت له لحية تيس عجوز معلقة في وجه ثور . وعلى جانبي الرأس ، من اليمين والشمال نبت له قرنان معقوفان .

والصدر غطاه وبر كوبر الإبل .

 وجبة الصوف التي ارتداها تلامس الركبة .

رأيت تحت الركبة حافري بغل .

والرجل يتحدث عن الشعر الحديث ، وعما بعد الواقعية الاشتراكية ، وعن انهيار أمبراطورية الثلج ، وعن سمير أمين صاحب المركز والهامش الذي يريد تطوير وتثوير الماركسية . ويخرج من فيه صوتا كالضراط . ويقول : هذا لسمير أمين ، وللماركسيين الجدد الذين جاءوا في زمن الجدب . ويحكي عن روجي قارودي الذي طلق المذاهب الوجودية واعتنق الإسلام دينا ، فأكرمه الله ونعمه خادم الحرمين الشريفين بجائزة الملك فيصل العالمية .

ويعود بعد هذا الاستطراد إلى سعاد وعبلة .

 وأطلال برقة ثهمد .

وأفاطم  مهلا بعد هذا التدلل .

وقفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل .

ويسب التجديد والمجددين .

ويتهم شعراء الحداثة بالكفر .

ويطالب بسفك دمهم في الأشهر الحرم .

ويستشهد بأبيات لأدونيس ، وأنسي الحاج ، والماغوط ، ويوسف الخال .

 ويبكي .....

والناس – الكأن على رؤوسهم الطير – يبكون وراءه .

ويتمخط ، يمسك أرنبة أنفه بين السبابة والإبهام ، ويتمخط فوق الأرض ، فيتمخطون .

ويمسح اللعاب الطائش فوق لحيته .

ويعود للحديث من جديد .

*****

صدفة ، رفع رأسه فالتقت نظراتنا .

 غرس عينيه في عيني .

انطلقت النظرة كطلقة المسدس ، سريعة وحادة . أحسست لهيبها يكوي كامل وجهي ويهبط حتى القلب الذي تبدلت فجأة دقاته من دم تك تك إلى دم دم دم . ثم عاد إلى مكر مفر مقبل مدبر معا .

والى الحديث عن جنس الملائكة .

وهل يدخل مسلمو الجن يوم القيامة إلى الجنة ؟

وهل تقبيل صورة نادية الجندي على شاشة التلفزيون حلال أم حرام ؟

وعدت أنظر إلى الحلقة التي اتسعت بازدياد الخلق .

دققت النظر في وجه الرجل الواقف جنبي ، فصدمتني صورته . كان له وجه ثور ولحية تيس عجوز .

التفت يمينا وشمالا ، فرأيت نفس الوجوه .

وأحسست برفسة حادة فلمست رجلي .

كانت الرجل قد تحولت إلى حافر بغل .

وجاء الوجع من مؤخرتي .

كان الذباب يلسعني ، فوجدتني أحك دون شعور مني ذيلا نبت في نهاية عمودي الفقري .

قلت : أنا أحلم .

والتفت أبحث عن السيارة التي ركنتها في مرآب السوق.

هي في مكانها .

والشمس في كبد السماء .

وصياح الباعة يأتي من بعيد .

والأطفال الضاجون يلعبون الكرة .

وروائح الأطعمة الشهية تنبعث من شقق العمارات المقابلة .

ونجاة الصغيرة تغني :

عيون القلب سهرانا * ما بتنمشي .

 

*****

عدوت نحو السيارة .

سمعت ورائي خبطا كخبط حوافر الخيل .

لم ألتفت ورائي .

جريت كالمجنون .

وحين ارتميت وراء المقود ، طالعتني صورتي في المرآة الصغيرة المعلقة في الزجاج الأمامي .رأيت وجهي معكوسا هناك بوضوح :

الرأس : رأس بغل .

واللحية : لحية تيس عجوز .

وشعر كثيف ، غليظ ، أشبه بوبر الجمال يغطي كامل الصدر .

ضربت المرآة الصغيرة بجمع يدي ، فتهشمت .

ونزفت دما وزجاجا .

ضمدت الجرح بسرعة وبدأت في قرع زمور السيارة قرعا عنيفا متواصلا .

جاوبني من بعيد دق أجراس .

بدأ خفيفا ، ثم صار يعظم ويعظم إلى أن ملأ ما بين السماء والأرض .

 

* صدرت هذه القصة ضمن مجموعتي القصصية : رجل محترم جدا .وقد أزعج بعض عناوينها السادة المتناقدين . ومن بين هذه العناوين ، لمن تقرع الأجراس ، هذا العنوان الذي استلفته من القاص والروائي الأمريكي ارنست هيمنقواي . لهذا قررت أن أرد العنوان لصاحبه آسفا، و أسند لهذه القصة عنوانا جديدا ، عساه يذهب عني شر الصديق والعدو . 

dargouthibahi@yahoo.fr

www.arab-ewriters.com/darghothi/

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا