ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

رســالة من خائــنة

لبنى ياسين - سوريا

 

              صديقتي ... أعلم انك الآن تلعنينني ألف لعنة و تصبين على شبحي ألف تميمة غدر تصمينني بها ... و الحق معك .

        أكره نفسي كلما فكرت بما فعلته بك , لكن هل اطمع في بقية  من سعة صدرك التي اعرفها فتكملي قراءة رسالتي.

        كنت اعتقد مثلك أن الدنيا لونان فقط ابيض أو اسود , صواب و خاطئ , حلال و حرام , عيب و مسموح , كنت أجالسك و زوجك و أنا لا أرى في زوجك الرجل بل أرى زوجا  لصديقتي  لا غير, شـيئاً يشبه غمامة مشاعر أخوية تظلّـل  صحراء الحياة فينهمر دفء المشاعر مطرا لطيفا ربيعيا على قحط حياتي و تنتابني لحظات  ود ليس كمثلها شئ في الدنيا .

       و مع الوقت العصيب الذي مررت به خلال مرضك , و جلسات العلاج الكيميائي و أوجاعك المدمرة , كنا نذوي  معك شيئا فشيئا , كان اكثر حزنا مما تتصورين , دموعه كانت تنهمر بصمت فتذيب قلبي , و بحكم غرفة الانتظار و ساعات الوقوف بجانب سريرك المتألم , نشأت بيننا حوارات صامتة , حوارات أخبرتني بأن روحا متألمة تقبع في جانب بعيد قصيّ  لرجل يطلب الرحمة , ما فكرت يوما بأن احبه .. اقسم لك بأني ما فكرت لحظة واحدة بأن احبه , لكن لقاء الأرواح أثمر عن جنين الحب الذي كبر و نما و أنت في غفلة المرض , أمسكت أحاسيسي .. ربطتها عنفتها .. قتلت نفسي ألف مرة .. تهربت منه .. أبعدت عيني عن عينيه و رحت اخفف من زياراتي لك فتلومينني بكلماتك المبطنة  قائلة : هل مللت من الجلوس في غرفة الموت و في حضرته ؟

        لم يكن بمقدوري أن اعتبرك كما كنت دوما صديقتي المقربة فابوح لك بمكنونات قلبي... بأحاسيس ذبحت إخلاصي لك  قربانا لعينيه  , كيف أقول لك أن مشاعري خانتك و هي تمطره وابل حب جعلني لا أستطيع أن ارفع عيني في وجهه لئلا تصافحه مشاعري , ألم أكن أدرك أن مشاعر كهذه ليست من حقي ؟؟ بالطبع كنت أدرك خصوصا و أنت حبيبة العمر و ربيبته على سرير الموت تصارعينه و يصارعك.

   سامحيني لو اعترفت لك بأنني للحظات كنت أتخيل انك ... لا سمح الله , فيباغتني شعور بالارتياح لاستفيق منه مثقلة بالشعور بالذنب , كيف اشرح لك أنني ما تمنيت لك الموت يوما لكنني تخيلته غصبا عني . قفز إلى مخيلتي عنوة فكنت كأم تتخيل موت طفلها ؟؟ هل تتخيلين أن أما تتمنى موت صغيرها ؟, صدقيني يا غاليتي أنى ما تمنيت الموت لك بقدر ما تمنيته لنفسي المعجونة بالخطيئة و الخيانة.

        هل يكفي أن نحترق بنيران الألم و أن نذبح مشاعرنا في محرقته حتى نتطهر من خطايانا؟؟ هل صحيح أن الدموع تغسل الخطايا و تكون قربانا للغفران أم أن ذلك مجرد أسطورة اختلقها الإنسان لكي يتصالح مع نفسه الخاطئة؟؟؟

       بعدها بدأت اشعر انك تقلبين نظرك بيني و بينه , أدمتني نظراتك التي  اخترقت خيانتي حتى العظم , ماذا أستطيع  أن افعل ؟ كيف أصارحك بالانشطار الذي أعانيه لتعفيني من زيارتك اليومية ؟ للحظات كان يخيل إلى انك تعرفين كل شئ ..  و اذهب بعيدا في رجائي الخائب لاسرح في فكرة سخيفة مفادها انك تباركين مشاعري فاستيقظ من خيالي هازئة من نفسي  التي بعتها للشيطان .

        كانت الطامة الكبرى  عندما رن الهاتف و أنت نائمة بعد موجة ألم اكتسحتك فأغرقتك في بحرمن التأوه  فنمت بعدها بصعوبة بالغة و أنفاسك صدى مد و جزر شرسين .. تسابقت يدانا إلى الإمساك بسماعة الهاتف لإيقاف صراخه المحموم فامسك يدي التي سبقته إلى السماعة دون قصد , صدقيني كان بإمكاني أن ارى الشرر يتطاير من بين كفينا و من عيوننا و من سائر جسدينا فافلتـنا السماعة معا في لحظة واحدة لترتطم بالأرض و توقظك , عندها سللت من عينيك ألف خنجر و طعنتني بها كلها في لحظة واحدة من خلال نظراتك المغرقة في استفهام مغلف بارتياب واضح .. بقيت يومها عندك لدقائق أخرى في محاولة لإخماد الحرائق التي اشتعلت في كل مكان في الغرفة ثم استأذنت في الذهاب .. لم يمنعني أحد منكما و كأن العبء الذي كان قد جثم فوق قلبي من وجودي بينكما في تلك اللحظة كان يجثم فوق قلبيكما أيضا .. خرجت من الغرفة و أنا لا ادري أهذا صباح أم مساء؟؟ و من أين و إلى أين أسير؟؟ و ماذا افعل؟؟ , نيران الحب تستعر بي و زوابع الغدر تمزقني فاتشظى ألما ,  و عيناه ... آه من عينيه , وحدها فعلت بي ما يفوق كل ذلك .. مضيت و أنا اشعر بأن كفه ما فارق كفي منذ امسكنا السماعة , كنت أتفقد موضع كفه كل لحظة و أنا ابتلع ظمئي في حلق تقرح من كثرة الجفاف , أي ارض تستطيع رفض المطر ؟؟ أي كائن يقف في وجه الشمس و لا يحترق ؟؟ ماذا أقول صديقتي ؟؟ كيف لي أن اشرح لك ما عانيته لئلا تندلق مشاعري مني  أمامه فاوصم بخيانة اعز صديقة لي؟؟ كيف لي أن أفسر وجع الروح و أنا لا أستطيع حتى أن أشكو أوجاعي  لصديقتي المقربة و اخبرها بما أكتوي به ؟؟

        سامحيني صديقتي فلن أقوى على زيارتك بعد اليوم إلا في غيابه .. و لا تلوميني  فذلك صار فوق احتمالي .

        طويت الورقة و مضيت باتجاه المشفى , و ألف فكرة تغتصب تفكيري , أمن الحكمة أن أعطيك رسالة كهذه و أنت على سرير الموت تحتضرين ؟ و إن لم أعطها لك كيف سأحتمل نظراتك الحبلى بارتياب واضح ؟؟ كيف سأغيب دون أن تلوميني ؟؟ أنا اعلم انك تقرئين أفكاري بمجرد أن تنظري في عيني ... لم اعد أقوى على النظر إليك و أخشى انك تعتقدين أن بيننا علاقة ما ...

   تعمدت كعادتي أن اذهب إليك أثناء دوامه في العمل علي اخفف احتكاكي به و احتقان المشاعر في داخلي لمجرد وجوده في نفس الأفق الذي اشغله, و إذ وصلت كانت غرفتك فارغة و السرير مرتب بانتظار قصة  ألم لإنسان آخر يرقد فوق جثمانه الأبيض , انتزع قلبي من مكانه عندما لمحته في زاوية الممر يتقدم باتجاهي و على وجهه آثار أخبار سيئة , وددت لو أضع أصابعي في أذني و أهرول خارج المبنى قبل أن ينطق بكلمة مما يريد أن يفصح عنه , آثار الدمار كانت واضحة على محياه و لم ادر بنفسي إلا و أنا بين ذراعيه ابكي , و لم ادر اكنت أبكيك أم ابكي خيبتي في نفسي و أنا عاشقة لزوجك أم أبكي  حبا يستعر في فؤادي ..  لم يتكلم , كانت دقات قلبه تتغلغل في أذني بينما كانت دقات قلبي قرع طبول لحرب ضروس ضد قلب لم يستطع أن يحتمل وجودكما معا في طيات انتمائه , معادلة صعبة : إما أنت أو هو ؟؟

        حتى بعد أن انتفلتِ  إلى رحمة الله  لا يزال المكان لا يتسع لكليكما إذ أنني أتخيلك تقفين بيني و بينه تنظرين إليّ  تلك النظرات الحبلى بلوم مرير ... و كيف لا تفعلين و أنا صديقة عمرك التي أحبت زوجك؟؟

       دون أن يتكلم وضع في يدي ظرفا لم يكن عليه إلا كلمة واحدة ... اسمي ... توجست خيفة مما فيه , انه خطك ..  شئ مفروغ منه .. ما الذي وضعته داخل الظرف ؟ أتراها ـ و على غرار ما فعلته اليوم أنا ـ رسالة تلومينني فيها و تخبريني بأنك كنت تقرئينني كما فعلت ِ دوما بمجرد أن تنظرين في عيني ؟ أتراك تقولين لي كيف تجرأت و فكرت به و أنا أمامك أتلوى على سرير الموت يعتصرني الألم و ينتهك حرمة جسدي و أنت تـنتهكين حرمة مشاعري و تنافسينني على  مشاعر زوجي ؟ أتراك تخبرينني بمدى خيبتك بعد أن خانتك صحتك  و تخلت عنك فاستلقيت على أعتاب الموت شهورا طوالا تعانين ما تعانينه والقدر قد استكثر عليك صحتك و  أنا استكثرت عليك مشاعر زوجك في أيامك الأخيرة ؟ ماذا عساك كتبت في رسالتك؟؟ ... أأتجرأ و أفكر في انك كتبت لي انك تسامحينني على ضعف قاومته حتى ماتت روحي ؟ تراك  فكرت أو شعرت بذلك ؟

      كنت ارتجف و دموعي تهطل من عيني شلال ألم و خوف و ندم حينما نظر إلي و الألم يرسم خرائطه البشعة على ملامحه  قائلا : افتحيه ماذا تنتظرين ؟؟ أم انك ترغبين ببعض الخصوصية ؟؟

   لم اجبه , فكرت في نفسي : صعب أن تعريني الحقيقة أمامه فبعض الخصوصية اذن... و جريت باتجاه الحمام النسائي , و عندما فتحت الظرف وجدت في داخله ... خاتم زواجك منه .

ylubna@hotmail.com

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا