ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

من ذاكرة المدينة

عمار بولحبال - الجزائر

 

فوق هذا البركان النازف, تحدثت إلي عشتارعن آخر مغامراتها ووصفت حبها الأسطوري لهذه المدينة الجاثمة بين مخالب الضياع... عشتار قالت إن شهرزاد أخطأت الطريق، أضاعت منها إشارات المرور، فهي لم تكن تعرف ذلك المداح الذي كثيراً ما جال بوسط المدينة معبراً عن نوايا شهريار, وشيخ المدينة...
عشتار أسرت في أذني أن شهرزاد كانت على علاقة برجل وسيم أراد تحريك خيوط المأساة لعائلة المداح، ودفعه لقول ما لم يكن واجب عليه قوله...
ففي ذات صبيحة من أيام الربيع والشمس؛ تعانق عنفوان الزمن والاخضرار يسكب دموع الفرح، فكانت الأرض رائعة الجمال، التقت شهرزاد بالرجل الوسيم، وقالت إن شهريار يريد حاجباً جديداً، وأن المداح مرشح لذلك, حتى تتمكن من إدخاله إلى القصر، وتوليه الوظيفة بالتخلص من غريمه المداح...

والشمس تتهادى وئيدا اجتمع الرجل بالمداح، ودفعه للخروج إلى شوارع المدينة والاجتماع بزرافات التائهين عبر دروب المدينة النائمة في أحضان الألم واليأس والقنوط .
هؤلاء الذين سكنهم الخوف والضياع ووهنت أجسادهم، وشهريار يترنح بين حسنوات القصر يقرع قارورات الخمر، وينفث دخان الترف، غير مبال بما آلت إليه حالة أهل المدينة.
وكانت البداية بأن قاد المداح الجموع الجائعة ذات المناكد الصدئة لتطالب شيخ المدينة بالمساواة في قطعة لحم مشوي وكؤوس الشاي البراقة... والمداح يقود فلول المهرولين، كانت عيناه تراقب حركات الرجل، وشهرزاد لم يخامرها أدنى شك أن هذين هما عصبة من لحم المدينة المهترئة... هذه المدينة التي قال عنها عمي عبد الله ذلك الشيخ الجليل قبل وفاته إن رجلاً من عامة الشعب سيتولى حجابتها، ليقوض ملك شهريار ويصبح شيخ المدينة الأول.
وتقول عنها الأسطورة إنها مدينة ممسوخة، إلى أن يجيء رجل لم يذق في حياته لحماً مشوياً، وينفض غبار الألم عنها...
ولهذا شهريار يغير حاجبه كما يغير ثيابه, وذلك إما بالقتل أو النفي إلى الجزيرة ...

شهرزاد شعرت بأن شهريار أصبح يتقرب من دنيا زاد، وأنها معرضة للرحيل والعودة إلى أكل النبات والخبز اليابس... أمام قصر شهريار تدافعت المناكب وتشابكت الأيدي، فاهتدت النفوس وبلغت القلوب الحناجر، وبدأت النوايا تتصادم، وتجلى للمداح أن الرجل الغريب الوسيم أراد أن يعصف بهدوء المدينة ويستغل ما قاله عمي عبد الله وما روته الأسطورة لينعم بالجمال، فتحركت غريزة الحب في قلب المداح وتذكر أولئك الذين سقطوا من أجل هذه المدينة, وصاح بأعلى صوته: يحيا شهريار، والموت لشهرزاد ومن معها...
وأمام ذهول الجميع، توقفت عقارب الساعة لتدق زهرة الأمل، واحتارت النفوس، واشرأبت الأعناق، وتساءلت الألسنة.. ماذا يقول المداح؟
وفي وسط الجموع قال المداح: أيها الناس، ارجعوا إلى بيوتكم، ولا تدعوا الدجالين يستعملونكم.
ودارت عقارب الزمن لتجدد الحياة، وترسم خرائط الفرح، وتدون على صفحات التاريخ أن المدينة لم تعد ممسوخة ولا منسية...

وقالت عشتار إن الملك شهريار اكتشف الحقيقة فأبقى على حياة شهرزاد بعد أن فر صاحبها لتواصل رواية ألف ليلة وليلة..
وتختم عشتار كلامها أن هذه حكاية من ذاكرة مدينة.

 

hatem9bl@yahoo. fr

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا