![]() |
شعر مترجم |
هشام حراك - المغرب (*)
( إلى كل الأطفال ضحايا الحروب في العالم )
حسام، طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره... يحب الناس... يحب الألوان... يحب الجمال... يحب الحياة... حسام هو ذاك الطفل الذي سأله المدرس يوما عن سر تمسكه بالمركز الأول في صفه الدراسي، فأجاب بلغة الواثق من نفسه: - لأنني أريد أن أقدم شيئا للناس حين أكبر. ... لم يعرف حسام شيئا اسمه النوم، طيلة ليلة الأمس، من شدة سعادتـه بلوازم الرسم التي جلبها له والده بعد أن لمس فيه عشقا جنونيا لهذا الفن الرائع، كما أنه ظل يفكر في أول موضوع لأول لوحة سيرسمها في مشواره الإبداعي... لم يتناول إفطاره ولا غذاءه رغم إلحاح والدته... خط حسام، على قطعة ثوب بيضاء، عدة خطوط وأشكال هندسية... شرع يلونـها بتركيز وعناية فائقين، وبألوان مختلفة، ليهتدي، في النهاية، إلى رسم حمامة بيضاء تحلق في فضاء أزرق سماوي... حين فرغ من ذلك، سأله والده: - بماذا ستعنون اللوحة يا حسام؟ أجاب واثقا كالعادة: - صبرك علي يا والدي... أنا بصدد التفكير في ذلك. ... فكر حسام، بحركات سريعة من عينيه، ثم شرع يكتب، عند أسفل اللوحة، بحروف أنيقة وبارزة: "ا... ل... س... ل... ا... م.". ... خرج الطفل مزهوا بنفسه، حاملا لوحته التشكيلية... نادى على أصدقائه، من أبناء الجيران، لمشاهدتـها... كانت الشمس، لحظتـها، قد غابت تماما، لكن نور القمر عوض نور أشعتـها في انتظار عودتـها بعد الفجر... شرع حسام يشرح لزملائه كيف تمكن من إنجاز لوحته وهم يصغون إليه بإعجاب كبير... بينما هم كذلك، إذا بمجموعة من الطائرات الحربية تغطي كل سماء المدينة، وتخترق سكون الليل، وتحجب عن الأطفال نور القمر... أصيب الأطفال برعب شديد... حاول حسام أن يسحب لوحته ويدخل البيت... في طريقه، سقطت عليه شظية قنبلة حولت جسده الصغير إلى شظايا تناثرت على لوحته... غمرت دماؤه اللوحة، واختلطت بألوانـها، لكن، بقيت الحمامة البيضاء بارزة بشموخ، وكذلك تلك الحروف الأنيقة المشكلة ل: " ا... ل... س... ل... ا... م.".
(*) رئيس نادي القصة بالمغرب وعضو اتحاد كتاب المغرب.
|
|
|
![]() |
![]() |
|