![]() |
شعر مترجم |
سهيلة بورزق – الجزائر / الولايات المتحدة
انتهينا ...هكذا كما يحلو للغة أن تصف هزائمنا الأولى أمام الحب ، انتهينا كما يجب أن تنتهي علامة الاستفهام أمام قامة الصمت ، انتهينا... كما يجب أن ينتهي الحوار بين قلبين لا يجيدان التصالح، كنت عصي القلب ، وكنت مجنونة بالغياب ، هل تراك تقول عني ما يقوله أي رجل خذلته امرأة طائشة في صدقه ؟ أم أقول أنا انّك أكبر من طموحي ، وان عناويني كثيرة المحطات ؟ ، هل يجب أن أبرر لك جنوني بحكمة التلصص على قلبك، ثم تركه وحيدا في مفترق العشق ؟ أنا تلك المرأة التي تمتلك خسائرها بامتهان ، وتصف شهوتها بالموسيقى ، وقصائد الموج ... انتهينا ...هل كان يجب أن نحتفل بقرار ذبحي لك في عتمة حزنك ، وقفار لوعتي ؟ ، أيها المسروق من زمن ملائكي لا يأتي أبدا . جلسنا في شرفة منزلك المطلة على شارع من فوضى وغبار ، كانت بيننا طاولة من حوار صامت ، يجيد التعذيب على مهل ، قلت لي : لماذا الآن ؟ اجبت : حتى لا تزدحم بداخلنا الأسئلة قلت : والحب ؟ اجبت : هو الحضور ونحن الغياب لم يكن الحب ليجمعنا لولا الأسئلة ، وها هو يغادرنا للسبب نفسه ، هو الوقت والبعض من قلقنا ، هوالحالة القاطعة التي تأخذ شكل الغموض، ونحن في قمة نفاقنا ، تتداعى أفكارنا ورغباتنا في الحب كما لو كنا نبحث عن تبرير له . اذن لم نختلف ، ولم يكن الحب الا تلك الطاولة التي تفرقنا عن بعد مسافة قاتلة في صمت حاد . أهجرك اليوم ، كما هجرت يوما وطني ، وابتللت بغربتي فيك ، وتعلمت على يديك فن القتال عن حب. طاولة من فراق ، عليها وردة بلاستيكية بلون باهت ، هذا كلّ ما يليق بسنوات دامية بيننا ، سأفارقك بعد بضع كلمات أختزل فيها شوقي لك في الغياب . وصلت المطار ، كنت محمّلة بالكثير من عبقك، وبالقليل من صبري ، جلست هناك ، على آخر كرسي في رواق حزني ، فتحت كتاب قلبي وبدأت أقرأ ، في حين راح صوت المضيفة يعلن عن موعد اقلاع الطائرة ، اتجهت بخطوات ثقيلة الى نافذة التذاكر ، ختم الموظف جوازي الأخضر ، وختم معه وثيقة خروجي من ساحة قلبك ، كنت مشدودة الى تلك الطاولة التي فصلت بيننا في كبرياء ،المستديرة في حجم غصتي، هل كان الحب بحاجة الى طاولة حوار ؟ أم هل كان الحوار بحاجة الى حب دائري في شكل تلك الطاولة ؟ ابتسمت في وجهي تلك المضيفة الأمريكية الشقراء وهي تمدني بمنديل ورقي معطر، كما لو أنها رأت دمع قلبي وهو يجرح نبضه ، ويسكر لوعته ، كانت تذكرتي تحمل الرقم أربعة ، جلست ، أو انتهيت ، أو هويت ، أو انتحرت ، سأصل بعد ساعات الى باريس الحب ، لكنني بلا حب ، تلك الباريس الغارقة في الألوهية والبوح . مالت الشمس أو تكاد ، لم يجلس بقربي أحد ، شعرت بالبرد ، وبكثير من الوحشة ، طلبت من تلك المضيفة التي تجيد قراءتي كأس بيرة ، وقطعة شوكولاطة سوداء ، الطائرة تهتز ، ودواخلي كلّها تهتز ، ووجهك ... نمت ، كنت بحاجة الى صفحة نسيان في نومي ، وعندما استفقت وجدت نفسي بين أحضانك في سريرنا، داخل غرفتنا، في بيتنا ، وصوت أولادنا يرتفع ...يا ماما ...يا بابا .
|
|
|
![]() |
![]() |
|