في الكوخ الجبلي ذاك ، نافذة ترتوي من نضرات بحيرة تحت
القمر .. عاصفة ترقص التانغو على السقف الخشبي. .كنت
على موعد مع امراة ، ارادت بقاء بابي مفتوحا !
وبذا ، يرفرف كوخي مع وشوشة ستائر ، ملاءات فراش،
دانتيلا الطاولة..
بحثت عن عود ثقاب لأشعل شمعة
بلا جدوى.. زرعتها في الشباك ..
لسع لسان البرق،
اضاء خيط الشمعة !
ولمحت على جدار كوخي ظلا...
سعف رموش ! .
(2)
بعد التاسعة ، تُطفأ انوار الردهة ، والكل يخلد الى
نوم ،الا ( مازن) ؟!
فصوت مذياع العجوز قبالته
يغني 24ساعة..
خاطبه في سره..
- اوقف زعيق
المذياع ، اريد نوما يساوي نومك ، ارجوك ، بل اتوسل
اليك !
ما من مفر !...يتقرفص يائسا على سريره
واضعا كفيه على خديه متتظرا حصول معجزة !
في لحظة
خاطفة ، فزة نوم عجوز تطلق صرخة :
- هل
قتلوا الخنزير ؟!.
(3)
في ان واحد ، دقت اجراس كنيسة البشارة وارتفع اذان
صلاة من جامع !
.. سقط صاروخان .. هرعت (
هناء) نحو النافذة .. كانت تلك الكوة ، اعلى من ان
يتمكن اطفالها من رؤية شي ما ..
سالت ( نور )
خائفة :
- ما هذا ياماما ؟!
... احتضنتها
امها ، ولم تتمكن القول ابدا :
- طفلان قد ماتا
! .
(4)
في مدينة ( لينز) ، شارع ( موزارت ) ، السبت مساءً..
بضاعة وبشر ، في زحام من حولي ، في يوم البيع اياه..
اشق طريقي الآن مسرعا .. تنحرف امامي فجأة امراة عجوز
تسعينية !
لم يرق لي تجاوزها كأحمق ،غير مكترث
لخطوات ملائكية..
حاذيت خطواتها ووازيت خط
المسير معها .. وارتحت لعدالة رقة ما !
بيد ان
المرأة الواهنة ما انفكت تلقي تناوب استغراب علي..نحوي
والي ؟!
استدرت على عجل لأتخذ طريقا اخرى ..
فنظرات عجوز ملاك ، كان فيها خوف و ريبة ! .
(5)
ابرقت لي خائفة على شوارع بيروت و قرى الجبل .. -مرور
خجل بكبرياء هناك يساوي الف مدينة عظمى!
..........ارسلت برقيتي... - يا اختاه !
ابرقت لي ، لتقول :
- لاتقلق، انا لست بيائسة ،بل
افكر .. افكر .افكر..
ابرقت لها
..................
ابرقت لي بدورها، وهي تقول :
- نحن ، العالم ، بحاجة الى ثورة !
(6)
وهي تنشر خضرتها ، منتصبة تحت الشمس ، اشرقت شجيرة أرز
يافعة ظهر هذا اليوم ..
الا ان الأرز الأعلى
منها سبب لها اختناقا وهو يزمزم حواليها !.. يعكر
رؤيتها ويسد منافذ هواء اليها ..
حسنا ، هي قررت
ان تبتعد قليلا !
سحبت جذورها بروية من الأرض
.. و.. مشت..!
وجدت لحسن الطالع ،مكانا قريبا
يطل على ميسم في الغابة ، مكان شجرة ارز مقلوعة..
قالت وهي تخاطب شحرورا يغني ، حط عليها :
- انظر يا هذا ، باسم الرب ، كم أنا محظوظة !
مدت
جذورها في المكان الجديد ، محمرة الخدود لغزل شحرور
عليها.. هناك في مقلع الأرز القديم..
وقفت على
اصابع وردية لقدميها وانتفخ ثدياها ، تلمست قدها
الأهيف وبدأت تحلم من جديد..
ما كانت تعرف
ان الحطاب ينظر اليها !!.
(7)
اخذت حماما سريعا بعد عودتي من العمل ، حشرت نفسي في
فراشي وسحبت الغطاء محكما فوقي ولففت راسي به ، حتى
انني لم اكلم نفسي ، كنت تعبا جدا !
حصل
امر ،لم يكن حتى واردا في خيالي .. ؟!
صخب في
الغرفة لامثيل له..!
مددت عنقي من تحت
الغطاء ، وكشفت وجهي..
الف امراة في
الغرفة ؟!
- ياالهي ، واحدة تكفي !
اراهن منشغلات بالبحث الدؤوب عن شئ ما !!
قلبن ملابسي فتشن جيوبي ، فككن تلفازي ، فتحن ثلاجتي ،
بحثن في ماء الغسالة ، فتحن صنبور الماء ، فحصن
الصابون، شممن منشفتي ، نقرن فرشاة اسناني.. لمسن
ادوات المطبخ ،احداهن فحصت توابلي.. قلبن كتبي ، قرأن
بسرعة قصصي واشعاري المكتوب منها وغيره لم يكتب ..
بحثن وبحثن .. كل شئ تناثر منفوشا في غرفتي ..
تقدمن وحلقن من حولي !
في حركة متزامنة رفعن
الغطاء عن عريي ، قلبن شعري وحرثن جسدي بحثا ، حتى ما
تحت اظافر قدمي..
- يا الهي عم يبحثنى
؟ واحدة منهن تكفي !
سألتهن :
- اخبرنني ، عم تبحثن جميعا.. علني اساعدكن ؟!
وانا افكر لنفسي..
- واحدة تكفي..يكفي !
... قائدة منهن ،قوست السبابة والأبهام في فمها ،صافرة
..
غادرن الواحدة تلو الأخرى..
..
اخر امراة ، قبل ان تصفق الباب من خلفها بقوة ، قالت :
- متى يعرف رجل ، ماتبحث عنه امراة ؟!.