ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

عطش الكلام...!!

مراد بوكرزازا - الجزائر

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

سبع سنوات وأنا أقف عند سفوح الروح غيمةً حائرة تحاول أن تعي الذي حدث...!

سبع سنوات... توقف الوقت... كل الوقت فيها...

فستان نومك الوردي مازال ملقى في الزاوية إياها... مازالت مكاحلك... وعطورك قابعة في مكانها... ومازالت أقراطك تغفو بالقرب من المصباح الصغير...!

رشدي... ابننا الوحيد... مازال هو الآخر... يسألني بإلحاح:

- متى تعود أمي من سفرها...؟!

- الذين يسافرون إلى سماء بعيدة عادة ما يطيلون الغياب...!

- ولماذا تركتها ترحل...؟!

- كان الأمر أكبر من إرادتي... كنت هديتها لي...!!!

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

وأنا أجتر خيبة لا أقدر عليها... وأجتهد –عبثا- في تفسير هذا الثقيل الذي يجثم على صدري...

التقينا... في معرض كتاب... في اللحظة التي كنتُ سأحمل فيها رواية... كانت أصابعك تسبقني إليها...

- ذاكرة الجسد*...

قلت

- أنا مهووسة بالذين يكتبون عن قسنطينة...!

 

 

* رواية لأحلام مستغانمي

- هل قرأت مالك حداد؟

ابتسمت

- السماء لا يمكن أن تكون زرقاء...

- إلا إذا غطت مدينة كقسنطينة...

 

ودون أن أدري وجدتُنِي أدعوك لشاي... أحدثك عن الفن... عن الأدب... عن... "أنا..."

وكنتِ تنصتين... إليَّ...:

- سنتزاور أنا وأنت...

حين كنا نغادر قاعة الشاي غير آبهين بالنظرات الفضولية التي كانت تلاحقنا...!!

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

لم يتأخر الثلج فيها عن السقوط والذوبان...!

- لا أصدق أني معك... في بيت واحد...

- وأمام نافذة واحدة...

- إن كان االمولود بنتا... سأسميها بيروت...

- إن كان ذكرا... سأسميه رشدي...!!

كلما تقدم الوقت... تتضح ملامحك على وجه رشدي...

عيناه... رموشه... نظرته... وحتى حزنه الصغير الحميم...

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

وأنا أخرج  للأزقة والعتمة بحثا عنك...

يخيل إليَّ... أنك بانتظاري في أحد أمكنتنا المقدسة... أنك تسمعين أغنية كنا أحببنا... أنك ترسمينني على زجاج قاعة الشاي إياها...!

مشكلتي تبدأ معك أكثر كلما أمطرت...

- حين تمطر... تصير قسنطينة أبهى مدن الدنيا...!!

- أنت عاشقة متطرفة...!

ونحن نغادر المطعم -تلك الليلة- لم أندهش... حين باغتني ركضك... جريت خلفك:

- هل نسيت أنك...؟!

- بالعكس...

- أنت مجنونة...!

- خبِّـرني فيك...

وأنا أمضي في الدرب الطويل... أرمم جدران القلب... وأحتضن وسادتك:

- تصبح على خير...!

- تصبحين عليَّ...!!

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

وأن أهرب من أسئلة رشدي –المجرمة-:

- كل أترابي يعودون رفقة أمهاتهم...!

- ألا أكفي أنا...!!

يبكي... تماما كما بكيت يوم ودعتك:

- أريد أبي...

- حين تكبر سنذهب إليها...!

ثم أدجج غرفته باللعب الجديدة

- هذه الدمية تشبه أمي أليس كذلك...؟

- لا... أمي كانت أجمل...

- وهل ستسافر إلى سماء بعيدة؟

- لا... الدمى لا تسافر...!

- متى نسافر أبتي...؟

- غدا... يا صغيري... نم الآن...؟!!

 

مضى أكثر من ألف غد... وأنا أكذب على رشدي... على دموعه... (وعلى يتمنا...!!)

حين نزورها... ستفرح جدا... سترضعك حليبها... لأنها ذهبت للنجمة المتألقة... وثدياها يقطران... كن بطلا وتغذى كي تكبر سريعا... حتى إذا ما جاءت بيروت... اسخر منها:

- لم أترك لك شيئا...!!!

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر...

وأنا أحمل جثة متمادية في التعب والقدم... أدخل ساعات الناس وفناجين قهوتهم... أتطاول على موتي... وأشرح الحكمة للذين لا حكمة لهم...:

- مسكين ما زال كأبطال الروايات الرومانسية

يقول أولهم...

- !Son problème c’est la fidélité...

يرد ثانيهم.. هازئا...

- هذي عقارهاsure يكون صحيح...!

يستفز ثالثهم...

ثم يضحكون... يقهقهون...

وحده ريقي المر... يسافر إلى مكان ما في صدري:

إني وحيد... ومهزوم...!!

 

سبع سنوات تمضي الآن على رحيلك الباكر... وأنا أخرج لشرفة بيتنا... بعد منتصفالليل...

السيارات التي تقف بمحاذاة باب البناية... أقول:

- ربما أقلَّتها هي...!

أصوات الأقدام التي تجيء من آخر الشارع... أقول:

- هذا كعب حذائها...!

الليلة... لن أطيل البقاء... الحمى تقتات مني... السعال يكاد يفجر صدري...

سأدخل لسريرنا... أحتضن وسادتك:

- تصبح على هديتي إليك: رشدي...!

- تصبحين على وفائي...!

 

ملحوظة: النجمة التي سافرت إليها تلك المرأة... لا تنطفئ مهما تغير الجو... وتصير أكثر لمعانا كلما أمطرت...:

المطر لا يمكن أن يكن حميما وخصبا إلا إذا سقط على قبرها وعلى قسنطينة...!!!

09/1998

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا