
إسبانيا ترغب في اللحاق بما فاتها من من ابن عربي
في دار الكتب
الأزهر الشريف: الشيخ الأكبر ما زال مثيراً للجدل
الخلاق
ندوة - هونج كونج
حسن عند الموجود - مصر
كشف مؤتمر "محيي الدين بن عربي" عن مفارقتين
تتعلقان بواحد من كبار المتصوفين..
فمدينة "مرسية" الأسبانية التي شهدت ولادته لا
تعلم عنه شيئا، والآن يتنامي شعور لدي الأسبان
بأهمية استعادته. في الافتتاح قال سفير أسبانيا
بالقاهرة أنطونيو لوبيز-المولود في مرسية-إننا
نريد أن نبحث في أعماق روحنا كما فعل ابن عربي، فنحن
نريد استعادة روحه المتسامحة لنواجه الضغوط
السياسية والاقتصادية، الضغوط الهائلة التي تذكٌرنا
بأنه لا حلول فردية لما نواجهه، ولهذا ينبغي
أن نتقبل بتواضع -معا- حكمة الماضي!
المفارقة الثانية أن زيارتي بن عربي إلي مصر
ظلتا من الأسرار الخافية، لا يوجد كثير من
التفاصيل حولهما، في أعماله إشارات بسيطة لا يمكن
أن تكشف العالم الذي عاشه هنا، ولهذا كان شيئا
جيدا أن يختار القائمون علي المؤتمر "محيي
الدين بن عربي في مصر" محورا عاما له!
وسيكشف كثير من المتخصصين في المؤتمر الذي نظمته
ثلاث جهات، دار الكتب والوثائق القومية، جامعة
الأزهر، والسفارة الأسبانية بالقاهرة، أسرارا
جديدة حول هاتين الزيارتين اللتين لا نعرف عنهما
الكثير..كما سيركزون علي فكرة احتياجنا إلي
استعادته الآن..
وقد اتفق الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر
مع السفير الأسباني -خلال الافتتاح- علي أهمية
استرجاع روح محيي الدين بن عربي لنواجه انتكاسة
العالم الاقتصادية:"هذا ما أثمرته مادة الجسد
والرغبة والبعد عن كل ما هو روحي، الأمر الذي
دفع الإنسان إلي السقوط، وحسبنا مما نراه، فقد
صار الموت والخراب سلعة تقتات علي أثمانها دول
شديدة البذخ تزعم أنها تدافع عن حضارة الإنسان" ونبٌه
إلي أن منطق المادة واللذة والمنفعة سيعجٌل بسقوط
حضاراتنا:"وما مؤتمرات الشرق والغرب إلا دليل
واضح علي هذا الواقع المخيف"..الاحتياج أصبح ملحٌا
إلي ابن عربي الآن:"فقد اكتشف رابطة الإيمان
بين كل الموحدين بالله، والمؤمنون في العالم
أشبه بأخوة لأب واحد هو الإيمان بالله" وحتي لا
يلتبس علي البعض كلامه قال الطيب:"ابن عربي لم
يؤمن بوحدة الأديان، ولكن العارف الكامل يعرف
الله في كل صورة يتجلٌي بها، وغير العارف لا
يعرفه إلا في معتقده"..
أما الدكتور محمد صابر عرب رئيس دار الكتب فقد قال
إن ابن عربي عرفته المؤسسات لكنه ظل متفرٌدا، عصيا
علي النخبة:"حينما جاء إلي الشرق كانت الحملات
الصليبية في بداياتها، شاهد المعارك التي كانت
في ظاهرها دينية، ولكن في عمقها سياسية، فأكد
علي أهمية الإنسان باعتباره القيمة العجليا، وراح
هذا العالم الكبير يحلٌق في عالم الفكر بينما
كان العالم يعيش في القرون الوسطي، الطب هرطقة
والمعرفة شرك بالله والمعارك تعصف بالبشر، الآن
ونحن نستلهم قيمّه نشعر وكأنها موجودة من أجل
واقعنا"!
قباب الشيخ الأكبر
الدكتورة ليلي عبد الكريم خليفة (الأردن) اهتمت
في دراسة مهمة بالتأمل في قباب مصر وموالدها من
خلال نصوص الشيخ الأكبر، كما تحدثت عن إعجاب ابن
عربي بذي النون المصري:"لا بد وأن يكون ابن
عربي زار قبره ومقامه في المقطم، فهو مذكور في
كتاب (مرشد الزوار إلي قبور الأبرار) المسمٌي
ب(الدر المنظوم في زيارة جبل المقطم) لموفق
الدين بن عثمان الذي عاش في زمن ابن عربي وابن
الفارض..
كما تحدثت عن فكرة الميزان بالنسبة إلي ابن عربي:"لو
تأملنا فتوحاته، لقلنا إن حضرة الميزان تتبع
حضرة الرحمن، يأتي شرح الميزان في الباب
ثلاثمائة وواحد في تفسير سورة الرحمن، نجد أن
الإنسان الذي خلقه الرحمن هو علي صورة الميزان، يقول(خلق
صورة الإنسان علي صورة الميزان، وجعل كفتيه يمينا
وشمالا، وجعل لسانه قائمة ذاته فهو لأي جنب مال)"..
وتخلص من ذلك إلي أن الكون منظومة موزونة ومرتبط
بعضها ببعض، ويرتبط الإنسان بالأفلاك، وتكون
قبة الميزان هي السماء، وكفتاها هما الشمس
والقمر. يقول المولي تعالي:"الشمس والقمر
بحسبان" ويشرح الشيخ:"أي حركات الأفلاك"، ومعني
إقامة الميزان بالقسط عنده هو عدم الطغيان والبغي،
وعدم الغلو في الدين، كما أن قبة العدل لديه هي
قبة التوحيد التي تجمع الأضداد وإلا قضي أحدهما
علي الآخر، فكلما ابتعد السالك في الكثرة
والفرقان لا يكون خلاصه إلا بالعودة إلي الله..
وقدم المهندس جمال طاهر (لم يكن اسمه مدرجا في
جدول أعمال الندوة الأولي) دراسة عن ابن عطاء
الله السكندري أحد الذين تأثروا بابن عربي، لكنه
تقريبا لم يقل حرفا عن الرابط بينهما، وإنما
تحدث عن علاقته بالإمام المرسي أبو العباس الذي غيٌر
وجهة نظره في التصوف..الدراسة جميلة لكن كانت
تبدو مقحمة علي المؤتمر!
وغاب الدكتور محمود مكي وقرأ دراسته الدكتور مصطفي
لبيب، أشار إلي كتابه عن ذي النون، أول صوفي
مصري كبير يباشر تأثيرا عظيما في العالم
الروحي الإسلامي شرقا وغربا، قال إن ابن عربي
يتحدث عما رواه من أحاديث، ويفرد فصلا لمحنته،
حيث رماه رئيس مالكية مصر عبد الله بن عبد الحكم
بالزندقة، ثم عاد واعتذر إليه بعد اقتناعه
ببراءته، كما ذكر أخباره، وجملة من أقواله
وآرائه..
وقال الدكتور عبد الحميد مدكور إن علاقة أبي العلا
عفيفي بابن عربي تشبه علاقة ماسنيون بالحلاج. توجٌه
أبو العلا إلي دراسته بنصيحة من أستاذه نيكلسون،
أوصاه بترجمة "فصوص الحكم" وحينما استغلق
عليه نصحه بقراءة الفتوحات المكية، وبالفعل تجلٌت
له الكثير من المعاني الغامضة، ثم كتب دراسته عن
الفلسفة الصوفية لدي ابن عربي، ولم تنقطع علاقته
به من لحظتها، وقدم عدة أعمال مهمة منها تحقيقه
ل"فصوص الحكم" ودراساته عن مذهبه، التي أصبحت
مرجعا لمعرفة ابن عربي. الجلسة أدارها الدكتور
حسين نصار.
في مرسية
الجلسة التي أدارها جمال الغيطاني كانت الأكثر
تماسا مع عنوان المؤتمر. قال الغيطاني إنه قرأ
الفتوحات المكية عدة مرات محاولا أن يصل إلي
ما يكشف جزءا من سيرته الذاتية ولم يجد
الكثير عن الفترة التي قضاها في مصر:"غير أن
مجيئه إلي مصر اتفق مع المسار المادي والروحي لكل
المثقفين المغاربة الكبار الذين كانوا يخرجون من
المغرب قاصدين الحج، ويمرٌون بفاس وتلمسان وبرقة
والزيتونة ثم الأزهر، كانت الرحلة جزءا من
تكوين المثقف، وكان ابن عربي أحد هؤلاء، لكنه
خرج من الأندلس ولم يعد إليها، ظل سائحا حتي
توفي في دمشق" وأشار الغيطاني إلي حدث كبير في
حياة الشيخ الأكبر، استلامه الخرقة من ابن حمويه
في خانقاه سعيد السعداء :"تعتبر الخانقاه الأولي
في مصر، بناها صلاح الدين الأيوبي، كان نظام
الخانقاوات يعكس عالمية الدعوة، يأتي الشيخ
تسبقه شهرته، وتجكفل له كل وسائل الحياة، وينتفع
الناس بعلومه، وأحيانا يتولي منصبا كما حدث
مع ابن خلدون الذي أصبح قاضيا للقضاة في مصر"!
وبدأ دينيس جريل كلامه من النقطة التي انتهي عندها
الغيطاني:"حينما وصل ابن عربي إلي مصر صادف نوعا
من التصوف لم يألفه، أعني نظام الخانقاوات،
فكيف يتم تسمية البعض ب(شيخ الشيوخ) وهم يجهلون
الحقائق؟! رأي ابن عربي من تصوف العجم ما لم يعجبه،
تصوف رسمي يعتني بالظواهر لا البواطن، وقد فضٌل
الإقامة بالفسطاط علي القاهرة، فقد كان ثمة
زوايا وروابط يقيم فيها الأندلسيون من أمثال
القرشي، والتقي بالأخوين أشبيليٌ الأصل أبي
عبدالله الخياط، والحرار، أو الحريري، وترجم
لهما"..
وفي هذا الإطار يسرد دينيس حكاية دالة علي لسان
ابن عربي نقلا عن الحرار، حيث تحدثت قصرية أكل
فيها عبدالله القرباقي:"بعد أن أكل فيٌ أولياء
الله كيف أكون وعاء للقذر؟!" وقال بن عربي:"إنما
قالت لكم إخواني لا ينبغي أن تجعلوا قلوبكم -بعد
معرفتكم بالله- وعاء للأغيار"!
وفصٌل الدكتور حسن الشافعي آراء المتكلمين في ابن
عربي، وهم فريق في الشام يرفضه تماما ويكفره
في بعض الأحيان، وفريق يتابع الشيخ جيدا، وهم
يلجأون إلي تأويل كلامه والدس عليه في بعض
الأحيان، وأغلبهم تركٌز في المغرب والأندلس
وتركيا، وفريق يجمع بين النقد والمتابعة، وأحيانا
يتوقف هؤلاء عن النقد نظرا لإجلالهم للشيخ، ومنهم
محمد الأمير .
ونوه خيمنيث مدريد في كلمة مهمة إلي الدور الذي
لعبته دار نشر بمرسية(كان يعمل مستشارا لها)
في التعريف بالمتصوفين ومنهم ابن عربي، في وقت
لم تكن فيه ثقافة نشر بالمدينة التي يبلغ تعدادها
مليون وثلاثمائة ألف نسمة نظرا للآثار المدمرة
التي تركها حكم فرانكو:"كنا نريد البحث عن
ذواتنا، والعناية بالماضي الإسلامي بعد أعوام من
الجفاف" وبعد أن ضرب أمثلة عديدة بالكتب التي تم
تحقيقها قال:"للأسف الشديد مرسية لا تعرف عالمها
الشهير ابن عربي، ولا بد من تقديمه هو
والمتصوفين العظام لننشر القيم الروحية ولنواجه
القيم المادية المسيطرة الآن"..
وعقٌب جمال الغيطاني قائلا إن هناك حاجة ملحة
لتضافر مراكز النشر والترجمة في العالم العربي مع
مثل هذه الدور لاستعادة رموز التصوف، كما طلب من
خيمنيث أن يتم ترجمة مقدمات الكتب المحققة في
أسبانيا إلي العربية للانتفاع برؤية أصحابها، كما
قدم الغيطاني ورقة عن علاقة الإبداع بابن عربي..
وقال الدكتور سليمان العطار موجها كلامه إلي
الدكتور حسن الشافعي إن المتكلمين لم يفهموا ابن
عربي، وهم حينما تحدثوا عن أرض سمسمة وهي عمل
إبداعي لم يفهموا ما يتحدثون عنه، وحشروا
أنوفهم فيما لا يعنيهم..
ورد الشافعي قائلا إنهم تناولوا تراثه بكل
الإجلال والتقدير، كانوا يقولون مثلا:"وما
رددنا عليه ولكن أخذنا كلامه بكلامه" وهذا الموقف
المتفتٌح لا يمكن أن نلومه!!
أخبار الأدب
Comments 发表评论
Commentaires تعليقات
click here 按这里
cliquez ici اضغط هنا
|
1-
المهندس / جمال طاهر
gamaltaher1@hotmail.com
نظراً لقصر الوقت اللازم لاعداد الكلمة التى ألقيت فى الندوة
لم أتمكن من الربط بين ابن عطاء الله وابن العربى وإن كان
المعروف ان ابن عطاء الله السكندرى امتداد لفكر ابن العربى وقد
تسمح الظروف لعرض الرابط بينهما فكرياً فى محاضرة قريبة إن شاء
الله وشكراً
|
|