ف |
شعر مترجم |
التقليد الأعمي للحداثة
أضاع الذوق الفني
د. يوسف عزالدين
عندما اكتسحت العولمة بلادنا بقوتها اصابت المفكر العربي بالحيرة والقلق واخذ يخلط بعض المفكرين بينها وبين الثقافة والحداثة والحضارة مع ان الثقافة في الانجليزية والعربية تعني معني واحدا هو الاتقان فنقول ثقف اي حذق العمل كما ان كلمة (Culture) الانجليزية التي جاءت من (Agriculture) لاتختلف عن معني الكلمة من الثقافة العامة وسمي الحاذق ( Skil Ful) اما الخط فقد جاء من الترجمة المختلفة فالالمان سموها الحضارة وهي ما تسميه الانجليزية (Civilization). وأن كلمة الحضارة عند العرب: سكن الحضر فقال القطامي. ومن تكن الحضارة اعجبته فأي رجال بادية ترانا 1حسن الحضارة مجلوب بتطرية 2وفي البداوة حسن غير مجلوب كما خلط الجيل بين المذاهب الأجنبية الواقعية والرومانسية (Riomantic) والكلاسية (Classic) لكثرة هذه المصطلحات في العلم والفلسفة والاجتماع والتي كانت تنشرها المجلات المصرية ولو درس العربي المصطلحات بلغاتها لسهل الأمر عليه واستوعبها. وكانت المحلات المصرية والصحف في مصر تذكر المصطلحات الجديدة كالمقتطف والهلال سبقتهما (روضة المدارس) و(يعسوب الطب) في هذه المصطلحات وقد انبهر رفاعة الطهطاوي بكل شيء في الحضارة العربية والثقافة فيها وكتب كتابه (تلخيص الابريز) وانتشرت المصطلحات الجديدة عندما دعا جمال الدين الافغاني الي التطور لانه كان اشبه بسقراط ووجدنا المصطلحات الجديدة عند الكواكبي في كتابيه (طبائع الاستبداد) و(ام القري) وذكرها مفكرون مثل محمد عبده ورشيد رضا وقد ظهرت في المصطلحات الأدبية في ادب شكري والمازني والعقاد وطه حسين فانتشرت مع كلمات الحرية والديمقراطية والرومانتية والكلاسية والتمدن مع الثقافة والعصرية وادعاها المتعلم ليظهر تفوقه وفهمه للتيارات الجديدة حتي قال الرصافي. وكم مدع فضل التمدن ماله من الفضل. إلا أكله بالملاعق العولمة في العراق
واذا كان الشعر الحر فيه الجيد والمحافظة
علي الأساليب العربية فقد هدمت الحداثة الغربية كل الموازين الأدبية واللغوية
والذوقية دون معرفة باللغة التي جاءت منها الحداثة ان الشعراء لايعرفون جذورها
الغربية وكيف اختلطت مع المفاهيم اللسانية الغربية التي ولدها المفكر الالماني
وليام همبولت ودي سويسر وهيرسائل بعيدة عن العاطفة والحس الفني مع انها درست هذا
اللسانيات كبار الشعراء مثل ملارميه وبودلير ورامبو ولكن التقليد الاعمي للحداثة
دعاهم الي ضياع الذوق الفني لان السطحية الثقافية ورطتهم في الحداثة فجاء الشعر
ركيكا في صور سردية فيها تقرير بلا ابداع والشعر تجربة انسانية فيها الصدق ورقة
الاسلوب ولما لم يكن الحداثي قادرا علي الانسجام مع المجتمع بعد ان اضاع طموحه
بالشعارات البراقة وحلم النصر الذي ادعاه القادة السياسيون اصابته الحيرة ولم يكن
امامهم غير العودة الي الثورة والهدم وتقليد الشعر الغربي دون فهم له وتفقه في
جذوره، يضاف الي هذا كله شعور الخوف الداخلي من السلطة وقسوتها فمنهم من ادعي
السريالية ومنهم اختفي وراء البنائية وبعضهم تغني بالتفكيكية والدادية اي انهم
ارادوا ان يقلدوا كل شيء جديد جاء من الغرب دون فهم لاصوله وكل ما يساعدهم علي
الثورة من نفوسهم والتعبير عن السخط والاحتجاج. وقد وقف الرواد موقفا 'حازما' من تيار
الحداثة مثل كمال نشأة واحمد عبدالمعطي حجازي وهاجموه فقال الدكتور كمال (ان شعراء
الحداثة يصرخون في واد وان كان مليئا بالمتلقين والهوة بينهم والمتلقي عميقة لان
شعرهم شعر مستورد ولم ينبت في ارض مصرية ولم يكن حلقة اصيلة من حلقات تطور الشعر
العربي مثلما هو الحال مع الشعر الحر او شعر التفعيلة وهذا دعاهم الي الشعور
بالعزلة لان شعرهم عبث طفولي ولنأخذ مثلا واحدا للبرهنة علي قول الدكتور نشأة. (نقلاً عن أخبار الأدب 19/02/2006)
|
|
|
|