أبوها شاعر وابنة خالتها روائية شهيرة
وزوجها فنان بريطاني مسلم
إيثار وروح العالم يقدمان فنا مختلفا في لندن
ندوة - هونج كونج
- 1 أغسطس 2009
شارك فى' اسلام اكسبو' الذي انعقد في
لندن أخيرا المصورة المصرية إيثار ابنة الشاعر الراحل عبد الحميد عبد
الهادى حسن, وخريجة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة
التي عرفت بمهارتها فى فن
البورتريه وافكارها غير المطروقة, حيث تميل إلى رسم المواقف الغير
مألوفة واظهار الأبعاد الخفية للأشياء كإضفاء الجوانب الشعورية على
الجماد.
كما تحرص على مراعاة القيم الدينية
والاجتماعية فى موضوعات لوحاتها, إيماناً منها بأن الفن آداة للارتقاء,
وبأن تجاهل القيم السليمة المتوارثة عبر مئات السنين فى أياً من الفنون
لا يشير إلا إلى رغبة ضمنية فى التراجع فى سلم التطور الاجتماعى. ورغم
أن لوحاتها ليست كلها دينية المضمون إلا أنها تؤمن أنه يمكن اعتبار أى
فن لا يتعارض مع الدين أو يعلى من قيم مخالفة لتعاليمه فناً دينياً.
وعن النهضة الفنية الإسلامية فى الغرب تقول إيثار إن الفن بشكل عام قد
قام على أكتاف الدين, والفن المصرى على سبيل المثال ازدهر وعرف وقدر فى
العالم كله حينما اعتمد على العقيدة- الفرعونى والقبطى والإسلامى كلٌُ
سواء- فى حين لم يلق نفس التقدير حين اتخذ اتجاهاً مختلفاً. وترى إيثار
أن اعتبار الدين مكبلاً للفن ومعيقاً لتطوره مدعاة للسخرية, فالفنانين
القدامى اعتمدوا على الدين كإلهام بشكلٍ شبه كامل,وما الفن اليوم إلا
استكمالاً لما بدأوه.
شاركت إيثار فى اسلام اكسبو بعدة لوحات تصويرية
وتصميمية خطية, وبرغم اشتراكها كفنانة بريطانية مسلمة وعدم تمثيلها لمصر رسمياً
فإيثار لم تغفل ذكر جنسيتها المصرية.
كما شارك إيثار فى هذا المعرض زوجها الفنان البريطانى روح العالم,
المعروف بتصميماته الخطية المعبرة من خلال مشروعه (الذِكر المرئى) الذى
يهدف إلى إدخال ذِكر الخالق فى كل نواحى الحياة, والذى يعتبر من أول
مظاهر نهضة الفن الإسلامي المعاصر فى بريطانيا.
بدأ المشروع باللوحات الفنية, ثم أضيف
خط تصميم للملابس والعناصر الزخرفية, والمشروع حائز على إقبال شديد بين
مسلمى بريطانيا.
روح العالم درس اللغة العربية والخط
العربى فى مصر رغبة فى الارتقاء بفنه
و تأسيس مشروعه (الذِكر المرئى) على أسس ثابتة, وقد جاءته فكرة المشروع
أثناء دراسته للفنون فى كلية سانت مارتن, إذ لم تعجبه طريقة استقبال
عالم الفن الغربى (والشرقى أحياناً) للفن, حيث بدا فى كثير من الأحيان
أن الفنان قد أصبح أكثر أهمية من أعماله, وأن الأعمال المثيرة للجدل أو
تلك التى تكسر القيم الأخلاقية هى التى ترى كفن حقيقى. لم يرد روح
العالم أن تكون أعماله عنه أو عن رؤيته للعالم, ولكنه أرادها انعكاساً
لإيمانه وعقيدته..لشئ أكبر وأعظم, لذا فقد ركز أعماله حول خلق
الله..ذكره..وذاته سبحانه وتعالى, معطياً لنفسه نطاقاً واسعاً جداً
للعمل وذلك رغم خلو مادته من الأنانية. يشترك روح العالم فى
المعرض بعدة لوحات خطية تحمل اسلوبه المتفرد.
.يشهد الفن الإسلامى نمواً غير عادى فى
الغرب خاصة أوروبا وأمريكا, فى حين يتراجع الاهتمام بالثقافة الدينية
ككل فى الشرق, فهل تغيرت قبلة الفن الإسلامى؟..
ويقول الفنان روح العالم:
ولدت فى لندن عام 1981 لعائلة بنغالية مسلمة, وعشت هناك طوال عمرى.
درست الدين والفن منذ حداثتى, ووجدت فى الفن طريقة للتعبير عن عقيدتى, ولكونى من
عائلة متدينة فقد نشأت على القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أن أكون
مجداً فى دراستى وفى اى عمل اقوم به. قررت أن أضع تركيزى فى الفنون الجميلة وتصميم
الجرافيك و تخرجت
في
قسم الرسوم المتحركة فى الكلية عالية المكانة- سا نت مارتن- للفن
والتصميم عام 2003 شعرت بعدها بحاجتى
إلى
تعلم اللغة العربية والخط العربى من أساتذته نظراً لكون هذا سيساعدنى
كثيراً فى عملى لذا فقد سافرت إلى مصروأخذت دروس فى اللغة العربية الفصحى فى نهاية
عام 2004 بدأت وقتها أيضاً فى البحث عن مكان لدراسة الخط العربى وفى النهاية أرشدت
إلى
الفنان المصري
خضير البورسعيدى الذى اعطانى دروساً فى خط الثُلث.
فى هذا الوقت كنت أدرس الخطين الُثُلث والديوانى مع
المصري
احمد فارس والخط الكوفى الهندسى الفاطمى مع
المصري
صلاح عبد الخالق. أنا لست خطاطاً مؤهلاً بعد و مازلت أتدرب حتى اتمكن
من العودة للجلوس بين يدى هؤلاء الأساتذة مرة أخرى. لقد قضيت عامين فى مصر وفى
السنة الثانية قابلت زوجتى الفنانة التشكيلية المصرية ( إيثار) وتزوجنا فى عام
وهي بالمناسبة ابنة خالة الكاتبة الروائية الدكتورة ميرال الطحاوي زوجة
الشاعر المصري أحمد الشهاوي الذي صممت ديوانه الجديد 'باب واحد ومنازل'2006.
وعن
مشروع الذكر المرئى
يقول الفنان روح العالم :
بدأ كفكرة أثناء دراستى الجامعية, تقريباً فىعام
2001 ولكن الفرصة لبدء العمل فيه لم تواتنى حتى عام 2003 عندما قمت بتصميم موقع
لعرض أعمالى, اردت أن تكون اعمالى انعكاساً لعقيدتى ولشئ اكبر منى ومن أى شئ آخر فى
هذا العالم. لذا فقد ركزت عملى حول خلق الله..وذاته سبحانه وتعالىالسبب
الآخر لإنتاج اعمال فنية إسلامية كان شخصياً, اردت شيئاً يذكرنى بالله فى بيتى
وبيئتى المحيطة. هذا سبب شغفى الشديد بالمشروع وسبب إطلاقى إسم
(visual
dhikrذكر
مرئى..(ذكر
الله سبحانه وتعالى
عليه
أثناء إقامتى فى مصر كلفتنى شركة سونى بى إم جى بتصميم الألبوم الخاص
بالفريق الغنائى
outlandish
.
والذى كان ذا
تيمة إسلامية.
أسند إلى ايضاً عمل لوحات فنية خاصة بإفتتاح شركة سونى للعبة ال(PSP)
.فى
لندن
كلفت من وقتها بعمل العديد من اللوحات بعضها كان لفنادق كبيرة فى دبى,
وقمت
أخيرا بتقديم
خط ملابس وحقائب تحت اسم
-
visual
dhikr-
وايضاً بعض عناصر الديكور. إلى جوار اللوحات الفنية التى بدأ بها
المشروع. الحمد لله لقد أصبح اسم
visual
Dhikr
علامة تجارية محبوبة بين شباب المسلمين, لذا سنقوم
بافتتاح
خط ملابس محتشمة للنساء فى نهاية هذا العام ونخطط أيضاً لتقديم منتجات أخرى.
قد فوجئت
أخيرا
بمقال ملفق حول مشروعى الذكر المرئى فى صحيفة عربية متهماً إياى بطباعة القرآن
الكريم على الملابس من خلال المشروع, وهى تهمة دنيئة و فعل لا يجرؤ على ارتكابه أى
مسلم متدين سليم العقل والنية. وكم كان أسفى حين رأيت صورة ملفقة صممها كاتب هذا
المقال على برنامج الفوتوشوب وأرفقها
بمقاله على أنها من
أعمالى,
إذ أن فعلته هذه تلغى أى احتمال لحسن النية او سوء الفهم من جهته, هو فبرك المقال
وزيف الصورة مدركاً تماماً لما يفعله بل وبلغ به حماسه للشهرة على حسابى أن يعطى
فكرة مشوهة عنى وعن مشروعى لأحد أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ليحصل منه على فتوى
شفهية بحرمانية مشروعى.
فى الواقع أنا اتفق مع عضو مجمع البحوث الإسلامية, بالطبع أى شخص يفعل
مثل هذه الفعلة يستحق هذا الهجوم واكثر, خطأه الوحيد هو أنه لم يتأكد من صحة
المعلومة, كان عليه أن يتبين عسى أن يصيب قوماً بجهالة
ولكن لعل الكاتب سأله عن كتابة القرآن على الملابس بشكل عام, ثم أخذ
الفتوى ونشرها على أنها اصدرت لتحريم الذكر المرئى على وجه التحديد..ومما يؤيد
شكوكى فى هذه النقطة استخدام الكاتب لصورة ملفقة.. لو أنك متأكد من صحة مادتك فلمَ
التلفيق؟
وقد تراجع عضو مجمع البحوث الإسلامية عن فتواه بحرمانية مشروعى على
الهواء مباشرة فى برنامج
يقدمه تليفزيون'
الحياة'
المصري
بعدما شرحت له حقيقة الأمر وأريته تصميمات الملابس التى أنتجها.
لا أعلم إن كان هذا الموقف العجيب
هجوماً على كشخص أوعلى مشروعى أو إن كان محاولة رخيصة للشهرة, فقط
أتمنى من أعماقى ألا يكون جزءاً من محاولة لتشويه أى عمل مرتبط بالدين
بشكل أو آخر.
فى رأيى, الفن الدينى بشكل عام يصعب تقبله من عالم الفن القائم حالياً
- وهذه
مشكلة ستظل موجودة. الفن الإسلامى القديم يحظى بمكانة عالية فى المتاحف
وقاعات العرض فى الغرب وبعض من أضخم المجموعات الفنية الإسلامية موجودة
فى الغرب, ولكن الفن الإسلامى المعاصر بشكل عام مازال لا يعامل نفس
المعاملة.
لندن- او الغرب بشكل عام- تعتبر من اكثر الأماكن مثالية للفنانين
للترقى بأعمالهم وبالنسبة للمسلمين توجد حركة جديدة مدهشة من شباب الفنانين
المسلمين الذين ينتجون أعمالاً تعتمد على عقيدتهم وإيمانهم بالله. ويوجد الآن
العديد من المعارض المستقلة حول الفن الإسلامى المعاصر فى المملكة المتحدة بعضها
ممول من قبل منظمات وقاعات عرض مملوكة لغير مسلمين. أنا لم أواجه أى صعوبات فى طريق
ترويج او عرض أعمالى, فى الواقع كان هناك الكثير من الإقبال وأحد معارضى الأولى كان
مدعماً من شخص غير مسلم.
أعتقد أن إحياء الفن الإسلامى قد بدأ
فى الغرب وسينتشر رويداً رويداً حول العالم إلا أن الأمر قد يأخذ بعض
الوقت.
عن إيثار:
وإيثار
فنانة تشكيلية مصرية مقيمة فى المملكة المتحدة مع زوجها الفنان
البريطانى روح العالم. تخرجت في قسم التصوير فى كلية الفنون الجميلة
بالقاهرة واشتركت فى عدة معارض فنية فى مصر اثناء وبعد انتهائها من
دراستها, وفى بريطانيا بعد انتقالها للإقامة فى لندن.
وتلقى أعمالها تلقى إقبالاً من
المسلمين وغير المسلمين فى أوروبا والوطن العربى, وكلفت أكثر من مرة
بعمل لوحات فنية لمؤسسات عربية وأجنبية. العديد من أعمالها موجود فى
مقتنيات عامة وخاصة فى مصرو الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا.
والدها هو الشاعر الراحل عبد الحميد
عبد الهادى حسن. أثرت عليها نشأتها فى أسرة من الفنانين والشعراء,
,فكانت منذ حداثتها تلاحظ العلاقات اللونية والشعورية بين الأشياء
وتحاول استكشاف مواطن الجمال فى كل ما يحيط بها.و تميل إيثار إلى تصوير
الأفكار والموضوعات غير المطروقة وغير الملحوظة من قبل الكثيرين.
تقول فى ذلك:' أؤمن بوجود الروابط الروحية التى خلقها الله بين
البشروبعضهم وبينهم وبين كل الموجودات فى هذا الكون والتأثير الذى
تحدثه هذه الروابط. من الصعب على المرء أن يشعر بشئ لا يربطه به صلة
ما, ومن الصعب أن يدرك
ارتباطه بالأشياء من حوله إن كان لا
يلاحظ هذه الأشياء... أنا فى أعمالى أحاول ان أبرز هذه الأشياء غير
الملحوظة كخطوة فى الطريق إلى الإدراك والارتباط و الإحساس..رؤية
الجمال فى زهرة زرعتها بنفسك والإحساس بمعاناة فقير تعرفه شخصياً أسهل
من رؤية الجمال فى زهرة فى شرفة شخص آخر.. أو الاحساس بالمعاناة
المرسومة فى وجوه الفقراء المجهولين لك...فماذا عن الأشياء غير
الواضحة؟ ماذا عن رؤية الجمال فى التجاعيد؟..رؤية الدهشة أو اللامبالاة
فى أعين الحيوانات؟ الشجن المحسوس فى الأثاث المهمل؟ الإحساس بالحياة
فى الجماد؟.. توضيح العلاقة بيننا كبشر وبين هذه الأشياء التى تقتحمها
أعيننا فى أغلب الأحيان هى ما أحاول تجسيده فى لوحاتى..وهذا
بدوره ما هو إلا محاولة منى لتجسيم حقيقة أننا كبشر جزء من هذا
الكون, مجرد حلقة فى السلسلة ولسنا السلسلة ذاتها'.
وتميل إيثار إلى الاتجاهات السيريالية والتجريدية, وإظهار الابعاد المختلفة للأشياء
و تصوير المفاهيم فى لوحاتها, كما تنفذ بعض اللوحات الخطية مستعملة اسلوبها الخاص
ومستخدمة الألوان والخلفيات المناسبة للخط والتى تساعد فى إبراز المعنى كما ظهر فى
اعمالها الأخيرة فى معرض إسلام اكسبو فى لندن.
'لا أستطيع أن اصنف نفسى كخطاطة, الخط
من الفنون السهلة الممتنعة , رشيق أنيق سهل الاستيعاب لكن إتقانه يحتاج
إلى أعوام من الدراسة والممارسة, وحتى بعد الدراسة تظل عوامل الموهبة
والتفرد وتوفيق الله هى المتحكمة فى درجة تميز الفنان' .
'أنا رسامة احب الخط, لذا فأنا استخدم
اسلوبى الخاص غير المتقيد بقواعد الخط العربى التقليدى واعتمد على
الالوان والخلفيات بشكل اساسى فى لوحاتى لإظهار المعنى, لن تجد فى
لوحاتى اسم الله المنتقم مكتوباً على خلفية وردية على سبيل المثال,
بالنسبة لى اللوحة الخطية عمل متكامل, لابد للخلفية والألوان ان تتفقا
مع المعنى المكتوب'.
كما تميل إيثارأيضا إلى استخدام الألوان الزيتية على الخشب وإن كانت
لا تقيد نفسها بوسائط معينة و تستخدم العديد من التقنيات الفنية
المختلفة.
'الألوان الزيتية هى المفضلة لدى, لكن
الأمر يعتمد أولاً وأخيراً على الموضوع, بعض الموضوعات تبدو أجمل إن
نفذت بألوان الباستيل, البعض الآخر يناسبه ألوان الأكريليك اكثر, وقد
تظلم بعض الموضوعات إن نفذت بغير الألوان الزيتية..والقاعدة نفسها
تنطبق على استخدام التقنيات المختلفة.'
غالباً ما تحاول إيثار فى أعمالها تقديم قصة, ذكرى, لحظة ما أو
شعور معين. كماعرفت بإتقانها لفن البورتريه من خلال معارضها السابقة..
فن البورتريه أعمق مما يظن الكثيرين,
الأمر ليس فقط تصوير ملامح شخص ما بشكل مطابق للواقع, بل أن قبساً من
شخصيته ينطبع على ملامح هذه اللوحة.' انا أحياناً ما أستخدم البورتريه
كطريقة مساعدة للحكم على الأشخاص, يمكن للمرء أن يخفى حقيقة شخصيته
أمام الآخرين وأمام الكاميرا ولكن الوجه الحقيقى -لسبب ما- يظهر دوماً
فى البورتريه'.
'أنا فنانة مسلمة, إن كان مظهرى وكلامى
يتفق مع كونى مسلمة فالأحرى بعملى أن يؤكد هذا. البعض يرى أن الفن لابد
أن يكون حراً حتى وإن تعارضت هذه الحرية مع العقيدة والقيم الإجتماعية
والأخلاق..أنا أرى أن الفن مرآة الفنان ومعتقداته ومجتمعه, أعمالى هى
أنا..تعبر عنى وعن افكارى, وعملى هو المقياس أمام الله وأمام
الناس..إذاً فالسؤال هو, ما الصورة التى أريد ان تؤخذ عنى؟ علينا
أن نذكر الحكمة القديمة كل إناء ينضح بما فيه'.