ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

شوقي يوسف بهنام - العراقَقََــَسم أدونيس - قراءة نفسية لقصيدة "إلى سيزيف"

شوقي يوسف بهنام - العراق

 

عندما يقسم رجل مثل ادونيس ، أعني هذا الرجل الذي ينظر إلى نفسه بهكذا صورة لابد ان يكون لهذا القـَسم الأبعاد التي تتفق مع هذه الصورة . وهذه الصورة هي صورة ، كما يبدو ، مفرطة في التقدير العالي لمفهوم الذات . ولذلك فأن من المؤكد ان يكون هذا القسم متفقا مع هذه الصورة .. لنرى ماذا يعرف شبل في معجمه عن الرموز الإسلامية " القسم " . يقول شبل " يرمز القسم إلى عهد أو التزام يقوم به شخص بالنسبة إلى كلمة ينطق بها أمام شخص آخر " (1) . هذا هو القسم في منظوره الإسلامي ، وفقا لهذا الباحث . إذن أودنيس ، وفق هذا المعنى شخص الزم نفسه بعهد أو التزام . لا ندري مدة العهد هذا  . هذا أمر متروك لطرفي العهد . ولكن مع من اقسم أدونيس وأقام معه هذا العهد . في قصيدة ( إلى سيزيف ) يعاهد ادونيس هذا البائس على ان يكون وفيا لمحنته ومن ثم تكون محنة سيزيف هي محنة ادونيس نفسه . لنقرأ إذن هذا القسم .. اعني هذه القصيدة . يقول أدونيس :-

أقسمت‘ أن أكتبَ فوق الماء

أقسمت‘ أن أحمل مع سيزيفْ

صخرته الصماء                      

                                         (الآثار الكاملة ، المجلد الأول ، ص 427)

                                    **************

سوف افترض ان القارئ لا يعرف من يكون سيزيف هذا . يقول ماكس شابيرو و رودا هندريكس في كتابهما  عن هذا الرجل ما يلي : سيزيف      Sysphusابن ابولوس وملك كورنثة ، وشقيق أطماس ووالد غلوكوس من ميروبي أراد زيوس أن يحكم بالموت على سيزيف  لأنه  أفشى سر زيوس الذي خطف ريجينا لأبيها ، فتمرد سيزيف إلا أن هاديس قاضاه وعاقبه في العالم السفلي بأن جعله ينقل صخرة إلى أعلى هضبة ما إن تصل حتى تتدحرج إلى السفح ثانية . (2) هذا إذن هو سيزيف . هو رجل واشي أفشى سر من أسرار الآلهة . والسر هو إشكالية جنسية .. لقد خطف زيوس كبير آلهة اليونان ريجينا .. وقد يكون سيزيف هو الذي يحب ريجينا .. ألا ان زيوس خطفها لنفسه .. فإفشاء سيزيف لسر زيوس قد يكون من دواعي احترام الذات . فأنتقم  سيزيف لنفسه وكان ما كان . لقد تمرد سيزيف على عدم رضا زيوس لذلك الإفشاء .. هذا الإفشاء قد يكون من حق سيزيف لكونه أراد ان يعري حقيقة هذا الإله الطاغي .. انه الأب الأول الذي افترضه فرويد في بداية الحضارة الذي كان يحتكر النساء له فقط .. فأتفق الأبناء على قتله .. فقتلوه ثم شعروا بالذنب ومن ثم أقاموا حفلا تأنيبا  تعويضا لذلك الشعور وبهذا يفسر منشأ الأديان . وقد تتشابه البنى التحتانية لهذه الأسطورة مع أسطورة أوديب الذي انطلق منها فرويد لبناء نظريته حول بنية وطبيعة العصاب .. كان تمرد سيزيف هو تمرد على ممارسة زيوس التي كانت في نظره غير أخلاقية .. والتمرد بلغ أشده عندما حكم عليه هاديس بذلك القضاء الجائر .. وأصبحت هذه العقوبة محور فلسفة العبث والتمرد عند ألبير كامي . ونحن لا يهمنا ، هنا ، على الأقل ، الدخول في تفاصيل هذه الفلسفة .. ولا ادري لماذا هذا التعاطف الذي أظهره ادونيس مع سيزيف . وان يكتب ادونيس قسمه على الماء فهو إشارة على قدسية الماء وبالتالي قدسية قسمه .. وأن يحمل معه صخرته دليل على مشاطرته لرغبة سيزيف في ان يفشي سر الآلهة الكبير !!! . ألا يدعونا هذا القسم من النص إلى هكذا افتراض .. هناك في نفس ادونيس نفس المشاعر إزاء الآلهة .. انها مشاعر الرفض والتمرد . أدونيس بهذا التماهي يتجرد من كل انتماء ويعود إلى بدايات النشوء للوجود ... ليكتشف سر الآلهة المجهول ... يستمر ادونيس في التأكيد على قسمه .. فيقول :-

أقسمت‘ أن أظلّ مع سيزيفْ

أخضع‘ لِلحمى وللشرارْ

أبحث‘ في المحاجر الضريرة

عن ريشة ٍ أخيره

تكتب للعشب وللخريف ْ

قصيدة الغبارْ .

                                        ( المصدر السابق ، نفس الصفحة )

                                      ******************

سيزيف في نظر أدونيس رجل السؤال .. رجل تدفعه هموم المجهول .. يريد ان يعرف كل شيئ ويفعل كل شيئ مثل زيوس .. كبير الآلهة .. هو يريد ان يسدل الستار على التاريخ لينكشف كل شيئ ويتعرى كل من تلفه الأسرار... ادونيس يريد ان لا يعيش مع الصخرة الصماء ... بل يريد ان يمسك بالريشة الأخيرة ويكتب عن مهزلة الوجود .. لماذا اختطف زيوس ريجينا وحرم سيزيف منها .. أليس من حقه ، كما قلنا أن ينتقم ويرفض ويتمرد .. ؟؟ إذن لأودنيس نفس الحق في ان يمتلك الريشة الأخيرة ويكتب قصيدة الغبار للعشب والخريف .. لولا مفردة العشب الذي يرمز للأمل والحياة لكانت صورة العالم كاملة البناء للعبث و اللامعنى .. الغبار والخريف تعبيران لصورة أدونيس عن قتامة العالم ولا جدواه ..

يستمر ادونيس في القسم . حيث صور لنا رغبته في ان يكون مثل هذا البطل المتمرد الذي قاضاه هاديس . ويبدو ان هذه الرغبة لم تكن عابرة وآنية بل متأصلة في أعماقه لدرجة قرر : -

أقسمت‘ أن أعيش مع سيزيف

                                     ( المرجع السابق ، نفس الصفحة )

                                         ******************

نعم قرر ان يعيش مع سيزيف ويحمل صخرته الصماء .. ولا ادري هل لا يزال يعيش مع سيزيف ويحمل تلك الصخرة اللعينة وإلى الأبد ؟؟؟؟؟؟؟؟ . سؤال اتركه للشاعر لا لي ...........

الهوامش :-

1-    شبل ، مالك ، 2000 ، معجم الرموز الإسلامية ، دار الجيل ، بيروت ، لبنان ، ص 255 .

2-   شابيرو، ماكس – هندريكس، رودا ، 2006 ، معجم الأساطير ، ترجمة : حنا عبود ، دار علاء الدين ، دمشق ، سورية .

 e-mail:-shawqiyusif@yahoo.com         e-mail:-shawqiyusif@hotmail.com  

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا