في مقالة
بعنوان "إلى الأبد ويومان" تطرقتُ إلى بعض المصادفاتِ التي تربط
رواية "إلى الأبد و... يوم" للكاتب السوري عادل محمود الحائزة على
جائزة دبي للإبداع 2007 بشريط "إلى الأبد ويوم" للمخرج اليوناني
"ثيو أنجيلوبولوس" الحائز على جائزة مهرجان كان عام 1998، ودار
حوار جميل مع الدروبيين عن هذه المصادفات التي ذكرنا منها في
المقالةِ خمسًا: عنوان العملين، واستراتيجية السرد والتصوير،
وأحداث الشريط والرواية ، والجائزة ، وكذلك التشابه في رمزية غلاف
الرواية ولوحة إشهار الشريط.
من
النقاش الذي دار حول المقالة يمكن ذكر نقطتين:
أولا
الصدفة : حيث تقول هويدا صالح في تعليقها: "يخامرني شعور قوي أن
هذه الصدف جميعها مجرد صدف، أشعر بحدس خالص وليس عن معرفة أو
معلوماتية أن الصدف فقط هي التي صنعت تلك النقاط الخمس وليست
السرقة الأدبية أو التناص"
ثانيًا
اللاوعي: حيث يقول الصديق مصطفى ملح : "أستخلص مما ذكر أن الإبداع
لا يمكن أن يولد من عدم . ليست هناك درجة صفر في الكتابة . كل كاتب
يستحضر أثناء الكتابة مقروءاته المدفونة في لاوعيه ثم يبدأ في
ترميمها وإعادة بنائها .الذاكرة تعج بالمخزون سواء كان مكتوبا أو
مسموعا أو مرئيا. ذلك المخزون يكون عادة مبعثرا ولا يمتلك التنظيم
والتكامل ، وعليه فالكتابة في نهاية الأمر ليست إلا عملية تنظيم
للذاكرة المهشمة مع صبغها بلمسة شخصية ، بشكل يبدو فيه الأثر
الأدبي كأنه جديد كل الجدة وأنه نابع من تجربة خاصة غير مطروقة من
قبل ، واللبيب الحصيف هو من ينتبه لمرجعيات النصوص وينابيعها
السابقة .. …"
ماذا
وراء هذه النقاط المشتركة بين الرواية والشريط... الصدفة أم
اللاوعي أم الأثنان معًا؟
رأيت
الكتابة عن هاتين النقطتين لمحاولة فهم ما قد يفسر الظاهرة ... أي
ظاهرة التشابه في الأعمال الأدبية والتي يدفع أحيانًا إلى بعض
التساؤلات المثيرة للعقل وللجدل.
(1)
تتحدث
التعاليم الهندوسية عن عصفور على فرع من فروع شجرة يرقص ويغني
ويأكل ما طاب له من فاكهةٍ وأيضًا عن عصفور في أعلى الشجرة يقضي
جلّ وقته في التأمل... تقول التعاليم أن هذين العصفورين هما عصفورٌ
واحد. ويتحدث علماءُ النفس عن الوعي واللاوعي في مختلف طبقاته ؛
فالوعي هو ذلك الطائرُ المتأمل ُ، أما اللاوعي فهو ذلك الذي يعيش
ويلعب ويتغذى على ما طاب له من فاكهة.
الوعي هو
اللحظة المستيقظة التي تنام بين الحين والآخر.
اللا وعي
هو ذلك الذي لا يعرف النوم ولا يتوقف عن العمل ما دام الكائن حيًا.
أما يونج
فقد تحدث عن درجة أخرى من اللاوعي يسميه "Super-subconsience" وهو
نوع من اللاوعي الجماعي والذي من خلاله يحدث اتصال بين الناس . كل
أفكار الكاتب - حسب يونج - هي قطرة من ماء المحيط والفكر الإنساني
هو بحر لجي منه نغرف كلماتنا وكتاباتنا...
ويروي
يونج قصة الشاعر الفرنسي إيميل ديشام والذي دعاه أحد الغرباء يحمل
إسم السيد فورجوبو إلى وجبة Plum pudding التي ينتاولها الغربيون
عادة في عيد الميلاد وذلك عام 1805. بعدها بعشر سنوات وجد الشاعر
هذه الوجبة في قائمة الوجباتِ في إحدى المطاعم الباريسية فأراد
طلبها ، فأعتذر صاحب المطعم للكاتب قائلا أن آخر طبق قد تم تقديمه
إلى زبون آخر ... كان ذلك الزبون هو السيد فورجوبو . وفي عام 1832
كان أيميل ديشام يتناول مع مجموعة من الأصدقاء الوجبة ذاتها فما
كان من الشاعر إلا أن يتذكر السيد فورجوبو ...وفيما كان ديشام يروي
لأصدقائه حكايته الغريبة مع هذه الوجبة قائلا "لا ينقصنا اليوم غير
السيد فورجوبو لتكتمل الصورة.." دخل رجلٌ المطعم ... كان الرجلُ هو
فورجوبو نفسه. هكذا حاول يونج تفسير الظاهرة بما أسماه Meaningful
Coincidence. أي الصدفة ذات الدلالة.
(2)
وقد
تتراكم هذه المصادفات في عدد يفوق بكثير مما قد يقبله العقلُ
البشري.. فمن أشهر هذه المصادفاتِ المتراكمة هو ما حدث لاثنين من
الرؤساء الأمريكيين هما Lincoln و Kennedy. وهما الرئيسان اللذان
تم اغتيالهما في ظروف غامضة لم تعرف بعد . العدد الكبير من هذه
المصادفات لا يمكن حصره.. فالقائمة تزداد من عام لآخر. وكان
الكونغرس الأمريكي قد نشر قائمة بهذه المصادفات الغريبة التي تربط
الحدثين ، وتناولت مجلة Time قائمة مصغرة منها... ونشرت المجلة تلك
القائمة عام 1964 أي في العام الذي عقب اغتيال الرئيس جون كندي،
وأخذت هذه القائمة في الازدياد كما قلتُ عامًا بعد عام..
ها هي
قائمة غير كاملة لهذه المصادفات:
اسم
الرئيس Kennedy يتكون من سبعة أحرف
اسم
الرئيس Lincoln يتكون أيضًا من سبعة أحرف
(2)
أنتخب
لنكولن في الكونجرس عام 1846
أنتخب
كندي في الكونجرس عام 1946
(3)
أنتخب
لنكولن رئيسًا للولايات المتحدة عام 1860
أنتخب
كندي رئيسًا عام 1960
(4)
كان
للرئيس لنكولن اهتمام كبير بالحقوق المدنية (قضية السود)
كان
للرئيس كندي الاهتمام ذاته بالحقوق المدنية
(5)
تزوج
الرئيس لنكولن من امرأة في الرابعة والثلاثين سوداء الشعر معروفة
بأناقتها
تزوج
الرئيس كندي بامرأة في الرابعة والثلاثين سوداء الشعر معروفة
بأناقتها
(6)
أنجبت
زوجة كندي أربعة أطفال
أنجبت
زوجة لنكولن أربعة أطفال
(7)
كانت
سكرتيرة لنكولن تدعى كندي (معلومة غير مؤكدة)
كانت
سكرتيرة كندي تدعى لنكولن
(8)
مات لكلا
الرئيسين طفل أثناء فترة حكمهما
(9)
قُتل
الرئيس لنكولن يوم جمعة
قُتل
الرئيس كندي يوم جمعة
(10)
قتل
لنكولن برصاصة في رأسه من الخلف
قتل كندي
برصاصة في الخلف من رأسه
(11)
قتل
لنكولن في مسرح "فورد"
قتل كندي
في سيارة "فورد" من نوع "لنكولن"
(12)
كان
لنكولن يجلس على الكرسي رقم (7) في مسرح فورد أثناء اغتياله
كان كندي
يجلس في السيارة رقم (7) أثناء اغتياله
(13)
قاتل
الرئيس لنكولن هو :
John
Wilkes Booth
قاتل
الرئيس كندي هو:
Lee
Harvey Oswald
أسماء
القتلة ثلاثية وتتكون من خمسة عشر حرفًا
(14)
ولد جون
ولكس بوت عام 1838
ولد لي
هارفي أوزفالد عام 1938 (يقول بعضهم 1939)
(15)
القاتلان
من الجنوب الأمريكي
(16)
أثناء
الاغتيال كان لنكولن بجانب زوجته وكان معهما زوجان آخران، وكذلك
الأمر أثناء اغتيال كندي
(17)
كان
برفقة لنكولن صديقه
وزوجتهRathbone
كان
برفقة عائلة كندي صديقه
وزوجته
Connolly
(يحتوي
اسم كلا الصديقين على ثمانية أحرف ...وهذه من عندي)
(18)
أصيب
الصديقان بجراح... ولم تصب أي من الزوجتين بسوء
(19)
أستلم
جنوبيان الحكم بعد اغتيال الرئيسين:
أستلم
أندرو جونسون الحكم بعد لنكولن
أستلم
لندون جونسون الحكم بعد كندي
20)
اسم نائب
الرئيس لنكولن كان اسمه جونسون
اسم نائب
الرئيس كندي اسمه جونسون أيضًا
21) )
ولد
أندرو جونسون عام 1808
ولد
ليندون جونسون عام 1908
(22)
لم يتقدم
لندون جونسون لترشيح نفسه رئيسًا وكذلك فعل أندرو جونسون
(3)
السينما
والاغتيال:
اغتيال
لنكولن
http://www.youtube.com/watch?v=ID_nnUuEOcg
ثم تتدخل
السينما في تفاصيل اغتيال الرئيس كندي
http://www.youtube.com/watch?v=iLRHdBalBIM
***