ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

آراء في الشــعر‏(1)
مرسي سعد الدين - مصر

 

تابع واستمتع بما يكتبه الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي عن الشعر‏,‏ فإني من محبي‏,‏ بل عشاق الشعر‏,‏ بل لقد حاولت في فترة ما أن أكتبه‏,‏ وإن كان باللغة الإنجليزية حين فزت لأربع سنوات متتالية بجائزة الـ‏Sonnet,‏ لكن الشعر هو الشعر بأية لغة كتب‏,‏ فالكلمات وسيلة التعبير عن العواطف والأحاسيس والتجارب التي يمر بها الشاعر‏,‏ ومازلت أذكر سنواتي في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب‏,‏ وكيف كنا نتنافس في حفظ الشعر العربي برغم دراستنا باللغة الإنجليزية‏.‏

كنا مجموعة من الطلبة منهم علي الراعي‏,‏ ونعمان عاشور‏,‏ ونور شريف‏,‏ وتماضر توفيق‏,‏ وزوجتي الراحلة عنايات طلعت‏,‏ وحين كنا نقوم برحلات كنا نلعب لعبة الشعر‏,‏ أن يسمع أحدنا بيتا ويبدأ آخر بالحرف الذي ينتهي به البيت‏,‏ فعلي الرغم من خلفية دراستنا بالإنجليزية فإن الشعر العربي كان جزءا من حياتنا‏.‏

وقد أرجعتني مقالات شاعرنا حجازي إلي مخزون أدبي عن آراء في الشعر بقلم عدد من الكتاب والشعراء الإنجليز‏,‏ ورأيت أن أعرض بعضها لأدلي بدلو صغير عن موضوع مهم هو جزء من حياتنا‏,‏ أول ما جاء في مخيلتي هو كتاب لشاعر إنجليزي مشهور سيسيل داي لويس بعنوان أمل للشعر‏,‏ كتاب قرأته منذ عشرات من السنين ووجدت عندي تسجيلا لبعض ما كتبه‏,‏ وإني أجد أنه برغم مرور هذه السنوات فإن الشعر هو الشعر‏,‏ سواء في الفترات الكلاسيكية أو الحديثة‏,‏ يقول لويس‏:‏

ولد الشعر من السحر‏,‏ ثم نما وتطور مع الدين واستطاع أن يحيا ويزدهر خلال العصور التي سيطر عليها العقل‏,‏ فهل شاء الله أن يموت الآن في عصر الدعاية؟‏.‏

إن ما يمر به الشعر الآن قد لا يكون موتا‏,‏ بل مجرد غيبوبة يحاول في أثنائها أن يحيي نفسه‏,‏ وقد نتساءل الآن‏:‏ ما هو الأمل في أن يستطيع الشعر أن يجعل صوته مسموعا وسط هذا الجو من الشعارات والأناشيد القومية‏,‏ وعناوين الجرائد الضخمة‏,‏ والأحاديث المباشرة‏,‏ ومكبرات الصوت والمانفستات‏,‏ والمثل العليا التي تشبه المفرقعات‏.‏

ويستمر سيسل داي لويس ليقول‏:‏ إن الشعر هو الشرح الفردي الحر الذي لا يتقيد بقيود‏.‏ إن الإنسان حين يقرأ قصيدة يحاول أن يخلق لها معني من بين تجاربه الفردية‏,‏ ولكن الحياة لأبناء القرن العشرين صارت سلسلة لا تنتهي من المحاضرات والأحاديث عن كل موضوع تحت الشمس‏.‏ إن الفرد الذي يعيش في هذا القرن يجد شرحا كاملا لكل جانب من جوانب تجاربه‏,‏ بل وأسوأ من هذا‏,‏ توجه إليه النصائح فيما يجب أن يكون عليه رد فعله تجاه هذه التجارب‏

فكيف يستطيع الإنسان أمام كل هذا أن يدعي مقدرته علي إيجاد شرح فردي لأي شيء في العالم‏.‏ إن الإنسان الآن لا يستطيع أن يشرح الحياة من تجاربه الخاصة‏,‏ أو أن يضيف إليها شيئا‏

وقد قال الشاعر الإنجليزي أودن في إحدي قصائده‏:‏
وفي أوروبا التي تصطك بالبرد
في وسط خرائب الخريف

وفد كريستفر وقد تجمد وجهه
من كثرة الحياة أمام الجهل

وقال وهو يرتعد‏,‏ اخبريهم
إن الإنسان هو الروح

ويعلق لويس علي ذلك فيقول‏:‏ ولكننا في العالم الحديث نعرف غير هذا‏,‏ فقد فات الوقت وصار الإنسان بلا روح‏,‏ وبدلا منه علم التشريح‏.‏ لقد استطاعت أشعة إكس أن تقضي علي الوحي الذي ينزل علينا من الغرابة ومن الوحدة‏,‏ والواقع أنه في أي وقت من الأوقات لم توجد أ ي حرية تامة للأفراد ليشمروا تجاربهم‏.‏

ويستمر لويس ليقول‏:‏ إن غياب الشعر سببه أننا الآن نركز علي أغراض مادية غير روحية‏,‏ ونكون مبالغين إذا نحن قلنا إن الغرض الأساسي للهيئات السياسية والاقتصادية هو غرض غير إنساني‏,‏ وذلك لأنها تستمد وجودها من الإنسان‏,‏ ونستطيع أن نقول إنه يبدو وكأن الهيئات الإنسانية والاجتراحات والسياسة والنظم‏,‏ وأنها انشقت من حياة الإنسان وأخذت طابعا غير إنساني‏,‏ له قوانين إلهية خاصة به‏,‏ قوانين تتجاهل حاجات البشر وحياتهم‏.‏

وأمام هذا الرأي الذي يعكس الآراء السياسية لسيسيل داي لويس‏,‏ وجدت عندنا بعد الآراء عن الشعر‏,‏ لم أجد لها مؤلفا‏,‏ ولعلها بعض ما خزنه عقلي من بعض ما قرأته عن الشعر‏,‏ لا أستطيع أن أدعي أن هذه هي آرائي‏,‏ لكني أؤيدها وأري أنها تشرح الكثير عن أهمية الشعر‏,‏ تقول من الصعب علي القارئ وعلي الناقد‏,‏ بل أحيانا علي الشاعر نفسه أن يقول بالتأكيد الموضوع الذي تدور حوله قصائده الشعرية‏,‏ بل إني أذهب إلي أبعد من ذلك فأقول‏:‏ إنه من الصعب حتي إعطاء صفة عامة لقصيدة شعرية‏,‏ كو قلنا إنها قصيدة غزل أو رثاء أو هجاء‏.‏

كما أن طريقة بعض النقاد في تقسيم القصائد الشعرية إلي عدة نواح‏,‏ تعد طريقة عقيمة‏,‏ كقولهم إن الفكرة في هذه القصيدة لا توافق البحر‏,‏ أو أن الخيال لا يؤدي إلي الغرض‏,‏ إذ لا يمكن في القصيدة أن تفصل هذه الجوانب من بعضها‏,‏ فالقصيدة ليست إلا وحدة لا يمكن تجزئتها‏,‏ إنها كالمخلوق الذي ينمو والعلاقة بين شكل القصيدة‏,‏ وموضوعها هي علاقة تشبه الزواج‏.‏

ومازلنا مع سيسل داي لويس حين يقول‏:‏ وحقيقة أن الشعر يجب أن يكون ملموسا‏,‏ لكن كون أن قصيدة تعالج موضوعا حديثا لا يعني أنها تتميز عن غيرها‏,‏ لكننا نستطيع أن نقول إن الشاعر أو الكاتب يستطيع أن يكتب بوضوح وقوة وأمانة عاطفية عندما يكتب عن موضوع أثر فيه في وقته‏,‏ أكثر مما لو كتب عن موضوع لا يمت إلي عصره‏,‏ وكذلك الحال مع القراء‏,‏ فإن القارئ سيتحمس إلي القصيدة التي تعالج موضوعا يعرفه أكثر من استجابته لموضوع بعيد عنه‏.‏

ويقول لويس‏:‏ إن الشعر لا يمكن تقويمه في حد ذاته‏,‏ بل يجب تقويمه بعلاقته مع الحياة‏,‏ ولكن ما هي هذه الحياة؟ إن الفرق بين الشاعر ورجل العلم هو أن الحياة لرجل العلم هي شيء في خارج نفسه‏,‏ شيء لا يؤثر فيه ولا يتأثر به‏,‏ بينما الحياة بالنسبة للشاعر هي حياة الشاعر نفسه‏,‏ ومهما اتسم الشاعر بالموضوعية فإنه حتي في اختيار مادة شعره يكون متأثرا بعوامل شخصية‏,‏ وحتي بعض الشعراء الذين ينادون باللاشخصية مثل ت‏.‏س‏.‏ إليوت‏,‏ والذين يتفادون ذكر أنا نجد أنهم شخصيون‏,‏ وأن العالم الذي يصفونه هو عالم ملون بوجهة نظرهم‏.‏

صالون مي
كانت مصر معروفة دائما بالصالونات الأدبية‏,‏ في الماضي كانت هناك صالونات تنظمها أميرات‏,‏ ثم صالون العقاد ومي زيادة‏,‏ وصالون نجيب محفوظ‏,‏ وفي الوقت الحاضر كان هناك صالون لوتس عبدالكريم‏,‏ والآن هناك صالون مي زوجة سفير ألمانيا الحالي‏.‏

لقد عقدت مي هذا الصالون عدة مرات دعت إليه بعض كبار الصحفيين والأدباء مثل سلامة أحمد سلامة‏,‏ وعلاء الأسواني‏,‏ وكان آخر صالون‏,‏ وكان لي حظ حضوره‏,‏ للكاتب الكبير جمال الغيطاني الذي تحدث عن نجيب محفوظ في مصاحبة فيلم صوره وأعده سفير ألمانيا اريل‏,‏ وعلق عليه بلغة عربية سليمة‏.‏

كان جمهور الصالون مزيجا من الكتاب والصحفيين والشخصيات الاجتماعية المشهورة‏,‏ وقدمت مي وهي علي ثقافة عالية ـ الكاتب الكبير جمال الغيطاني‏,‏ واستمتعنا حقا بما عرض وتعليقات السفير‏,‏ لكن أكثر من ذلك ما تحدث عنه كاتبنا الكبير الذي جعلنا نشعر بأنه فعلا يجمع ما بين العبقرية الأدبية والحس التاريخي‏,‏ وسؤالي الآن‏:‏ ماذا سيحدث لهذا الصالون العظيم حين تنتهي مدة السفير؟

 

الأهرام

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا