ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

فاروق شوشة - مصرلماذا نجحت احتفالية شوقي وحافظ؟
فاروق شوشة - مصر

 

حال ظرف صحي قاس بيني وبين المشاركة في احتفالية شوقي وحافظ التي أقامتها لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة في مناسبة الذكري الخامسة والسبعين لرحيل الشاعرين‏,‏ لكن أصداء نجاح الاحتفالية‏,‏ علي مستوي الدراسات والأبحاث والمداخلات‏,‏ وفي الأمسيات الشعرية المصاحبة‏,‏ وفي العروض الفنية‏:‏ المسرحية والغنائية‏,‏ لم تفتني‏.‏

إذن فقد تحقق الهدف الذي خططت له اللجنة العلمية للاحتفالية‏,‏ وهو إعادة الاعتبار لشاعري مصر الكبيرين ـ في العصر الحديث ـ وشوقي بصفة خاصة‏,‏ بعد أن انهال عليه الكثيرون ـ في حياته وبعد رحيله ـ بالتناول الضيق الأفق‏,‏ الجامد النظرة‏,‏ الذي لم يخل من خضوع للمذاهب الأدبية والتيارات النقدية المتباينة‏,‏ وقد طوت كثيرا من هذه الكتابات رياح النسيان‏,‏ وبقي شعر شوقي شامخا بما جسده من قيم فنية وإنسانية‏,‏ وموقف حضاري تنويري‏,‏ وروح وطنية وقومية عارمة‏.‏

ولم يكن شعر صنوه ـ حافظ إبراهيم ـ بعيدا عن هذا كله‏,‏ فبينما كان محمد إسماعيل كاني ـ كاتب مقدمة ديوان حافظ في طبعته الثانية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة‏1980‏ ـ يري أن من دلائل عظمة حافظ ومكانته الشعرية ـ أنه استطاع أن يوجد له مكانا واسما إلي جوار شوقي‏,‏ كان الدكتور محمد حسين هيكل الذي كتب مقدمة الشوقيات يعقب عليه بقوله‏:‏ ولم لا تقول إن من دلائل عظمة شوقي أنه استطاع أن يوجد له مكانا واسما إلي جوار حافظ‏,‏ فقط كان الوقت وقت حافظ‏,‏ والعصر عصر حافظ‏,‏ والمجال مجال حافظ‏.‏

الأمر الذي جعل كاني يقول‏:‏ حافظ إبراهيم إذن هو نتاج عصره ونتاج بيئته ونتاج مصريته وعروبته‏,‏ كان بكل اختصار‏:‏ مصر تتحدث عن نفسها‏,‏ وهو يشير إلي قصيدة حافظ الوحيدة التي أتيح لها التلحين والغناء‏,‏ وذاعت شهرتها بين الناس‏.‏

ونجحت احتفالية شوقي وحافظ‏,‏ عندما جعلت كثيرين يعودون إلي شعرهما من جديد بعد أن سكنت عواصف النقد والنقاد‏,‏ المغرضين منهم وغير المغرضين‏,‏ والمهووسين منهم بمحاولة هدم رموز مصر الكبري وغير المهووسين‏,‏ ليروا حجم المتبقي من روعة هذا الشعر‏,‏ واتساعه لحلم النهضة وطموحات التحديث‏,‏ وقدرته علي مخاطبة العصر‏.‏

ولقد استنفرت الاحتفالية شاعر مصر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي‏,‏ ليقدم عبر دراساته الأدبية والنقدية المتتابعة رؤية عميقة ومنصفة للعصر الذي مهد لشوقي وحافظ وأطلقهما‏,‏ ولمعالم النهضة روحا ومنجزات‏,‏ ولكيفية التناول الذي تطلب منه احتشادا وموسوعية وقدرة علي المنازلة‏.‏

بل لقد فوجئت بأن ناقدنا الكبير جابر عصفور فيما يكتبه عن أوجه شوقي قد عدل عن استخدام مصطلح استعادة الماضي الذي جعله عنوانا لأحد كتبه‏,‏ وهو تعبير من صنع أدونيس في كتاباته عن مدرسة الإحياء‏(‏ البارودي وإسماعيل صبري وشوقي وحافظ وغيرهم‏),‏ بل هو يختلف مع أدونيس بالنسبة لما كتبه عن شوقي وينتقده بقوله‏:‏ فهو لم يخرج علي تقاليد مدرسة التعبير‏,‏ وكان امتدادا لرؤيتها‏,‏ ولكن بمفردات جديدة‏,‏ تنتهي في تحليلها الأخير إلي ما سبق إليه أمثال العقاد وطه حسين عن وجوه شوقي التي تتنافر بالطبع مع أفكار الحداثة الفرنسية التي كان أدونيس أبرز دعاتها‏,‏ خصوصا فيما تنطوي عليه من نزعة ذاتية جديدة‏,‏ نزعة يمكن أن تكون أحد وجوه شوقي العديدة التي لاتزال في حاجة إلي الكشف‏,‏ لأنها وجوه إبداع حقيقي‏,‏ ينطوي علي غني‏,‏ يجعل من شوقي شاعرا لكل الأجيال‏.‏

هكذا يصبح من بركات هذه الاحتفالية‏,‏ وعلامات نجاحها‏,‏ خروج جابر عصفور‏,‏ أخيرا‏,‏ عما اختطه أدونيس‏,‏ وتابعه فيه مريدوه‏,‏ وهذه الرؤية الجديدة لدي عصفور باعتبار شوقي شاعرا لكل الأجيال‏.‏

يبقي أن تتنبه وزارة التعليم إلي شاعري مصر الكبيرين‏,‏ حتي يقرأ النشء المتعلم شعرهما في ثنايا الكتب المدرسية‏,‏ وحتي يصل شعر شوقي في بابي الحكايات والأطفال إلي الذين كتب من أجلهم‏,‏ وأن تتنبه أجهزة الإعلام إلي بث أغنيات شوقي ـ بالفصحي والعامية ـ وقصيدة حافظ اليتيمة‏,‏ لتطهير الأسماع والأرواح مما علق بها من رطانة وإسفاف وسوقية وابتذال‏..‏ فهل يتنبهون؟

شكر واجب
أتوجه به إلي نابغة الطب الدكتور شريف مختار‏,‏ ومساعده البارع الدكتور هشام الأعسر‏,‏ والأستاذة الدكتورة عليا عبدالفتاح رئيسة وحدة طب الحالات الحرجة بطب قصر العيني‏,‏ لعنايتهم الفائقة وتضافر رعايتهم من أجل الوصول بي إلي بر الأمان والسلامة‏,‏ وإلي كل من يضمهم هذا المكان ـ الذي يعد من مفاخر مصر ـ من أسرتي الطب والتمريض‏..‏ جزاهم الله جميعا خير الجزاء‏.

(نقلاً عن الأهرام)

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا