ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

في ذكري العقاد
أستاذنا العقاد الشاعر

‏د‏.‏ نعمات أحمد فؤاد - مصر
 

إنه ظاهرة عجيبة في دنيا التطاحن والصراع والتدافع والجلبة والطنين‏..‏ هذا الرجل المتوحد الشامخ كيف يعيش؟
ويذهبون في الجواب أشتاتا‏..‏

يراه قوم هاديا كالشعاع‏..‏ عاليا كالمنار‏....‏ وارفا كالظل‏..‏ زاخرا كالبحر‏..‏ عذبا كالنهر‏..‏ نهرنا النيل‏..‏ حاليا كالروض‏..‏ رحبا كالأفق‏..‏ خصيبا كالوادي‏..‏ مترفعا كالأسد‏..‏ مهيبا كالعلم‏..‏ عنيدا كالجبروت‏..‏ لا يرجو ولا يخشي‏..‏ إذا تكلم أسمع‏..‏ وإن حاجي أقنع‏..‏ وإن عادي أفحم‏..‏ كثير بنفسه‏..‏ سلاحه لا يفل‏..‏ وصبره لا يمل‏..‏ وطاقته لا تنضب كأن وراءها مددا علويا يرفدها من سر الخلود أو من روح الله‏.‏

الامتياز‏100%‏ مخيف‏..‏ أعرف أن العقل أعظم شئ ولكن لابد من قلب ينبض بل أعضاء صغري تؤكد إنسانية الحي‏..‏ لابد من قدمين تسعيان‏..‏ ولسان يتكلم‏..‏ وثغر يضحك‏..‏

يقول الأستاذ توفيق الحكيم بالحاجة‏,‏ أحيانا‏,‏ إلي البساطة كموتور السيارة يحتاج إلي الماء‏.‏
في سنة‏1934‏ قال الدكتور طه حسين كما أثر‏,‏ عنه‏:‏
‏[‏إني لا أومن بشاعر في هذا العصر إيماني بالعقاد‏]‏
وقد شبه الدكتور زكي نجيب محمود‏,‏ شعر العقاد بفن العمارة‏.‏
وشعر العقاد فيه إنسانية حتي في وصف الأشياء‏:‏
فنور المنار‏(‏ أرق يقلب مقلتي ولهان‏)‏
ووميضه علي البحر أفكار وأشجان‏,‏
وهو كالبيت يجمع بعد شتيت النوي‏:‏ شمل الأحبة فيه والإخوان‏)‏

إنه إنسان حساس حين يلمح قلبه البئر عميقة القرار لا حاجة بها إلي النور الذي تهديه الشمس الذي تهدره الشمس فيها أو تريقه فوق الرمال‏.‏ المأساة قمتها في هذا البيت ينفثه الشاعر الحساس‏:‏
وهل كنت أخشي الموت إلا لأنه
سيحجب عني حسن تلك المناظر
ديوان العقاد‏(‏ يقظة الصباح‏)‏

الأستاذ العقاد إنسان حساس وهو يعيش تجربة العقاب الهرم الذي يهم ويعييه النهوض فيجثم في عجز يعمق خطوطه ترنيق الصرصور‏,‏ وصياح القطا‏..‏ لكأنه طريد السماء كما طرد إبليس من الجنة‏..‏ إغفاءته فزعة خائف‏..‏ وغمضته حلم ماض ذهبي ولي ولن يعود فتأتي اللفتة الإنسانية الكبيرة في هذا البيت‏:‏
لعينك ياشيخ الطيور مهابة
يفر بغاث الطير عنها ويهزم

والأستاذ العقاد يتألم للضعف الإنساني الذي يغافل الضمير الحي‏,‏ فينسي العهود ويجحد الجميل‏..‏ وتعمق خطوط الصورة في مقطوعته‏:(‏ خمارويه وحارسه‏),‏ مشيرا إلي قصة الأسد الذي كان يحرس خمارويه بالمقارنة بين الأسد والإنسان‏:‏

أليس من العجائب أن ليثا
يذود رعية عمن رعاها
وأن يحمي ابن آدم من أخيه
سباع جل أن يدعي أخاها
وثقت بذي حفاظ ليس يرشي
ولا ينسي الحقوق لمن حباها
وهم قتلوك حين وثقت منهم
وكم حفظ العهود فما اعتداها
ولو شهد اغتيالك في دمشق
لضرج بالجناية من جناها
ديوان‏(‏ يقظة الصباح‏)‏

تجربة لعلها واحدة من تجارب كثيرة جعلته‏,‏ يتساءل في الديوان نفسه‏:‏ أين الحقيقة؟
ولم ينتظر الجواب بل أودعه في هذه الأبيات‏:‏
أين الحقيقة؟ لا حقيقة كل ما زعموا كلام
إن الحقيقة غادة كالغيد يضمرها اللثام
كل يهيم بها فإن لاحت لهم صدوا وهاموا
كم أشرف الحق الصراح فأعرضت عنه الأنام
والناس لو تدري خفافيش يطيب لها الظلام
لا حق إلا أنه لاحق في الدينا يرام

إن شعر الأستاذ العقاد فيه أبعاد وأعماق‏..‏ وهو لا يعفي نفسه من التأمل والتعمق حتي في حضرة الجمال الذي يقف عليه تحيته وحياته‏,‏ فما يلبث أن يخاطبه‏:‏
أوتيت من حسن الشمائل نعمة
والحسن في الدنيا من الآفات
هو جوهر يجني عليك وميضه
عدوان سراق وحقد عفاة
والحسن يعشقه الكريم وربما
أضري لئيم النفس بالنزعات
كالبدر يأتم السراة بنوره
ولقد يضئ مواقع الشبهات
‏(‏ديوان يقظة الصباح‏)‏

وقد ناقش الأستاذ العقاد الشاعر‏,‏ الخلود في الآخرة في قصيدته الكبري‏(‏ ترجمة شيطان‏)‏ وطاف بما يدور في أخلاد المنكرين من معان‏..‏ معاني الشك واليأس والحيرة والضلال أيضا‏..‏ وانتهي منها بأن الراشد سيبقي ذكره‏,‏ والجاني سيزول ويبقي الفن وحده يستهوي العقول‏.‏
الفن أبقي من القوة‏..‏ فالكروان‏:‏
ما ضر من غني بمثل غنائه
أن ليس يبطش بطشة العقبان
الفن عند الأستاذ العقاد يحيي الميت ويرد الروح‏:‏ يقول‏:‏
إذا شيعوني يوم تقضي منيتي
وقالوا أراح الله ذاك المعذبا
فلا تحملوني صامتين إلي الثري
فإني أخاف اللحد أن يتهيبا
وغنوا فإن الموت كأس شهية
ومازال يحلو أن يغني ويسربا
وما العيش إلا المهد مهد بني الردي
فلا تحزنوا‏,‏ فيه‏,‏ الوليد المغيبا
ولا تذكروني بالبكاء وإنما
أعيدوا علي سمعي القصيد فأطربا

ومن الطريف أن يقول الأستاذ العقاد بمناسبة الخلود ساخرا ممن يعنون أنفسهم بنقد العصاة والكفار‏..‏ وما فطنوا أنهم‏(‏ بكفرهم‏)‏ يريحونهم من المنافسة في الجنة ومزاحمتهم فيها‏:‏
ومن الطريف قوله‏:‏
نقموا علي الكفار أن تركوا لهم
أجر السماء وأنكروا ما أنكروا
لو كان ما وعدوا من الجنات في
هذي الحياة لسرهم من يكفروا
كما سخر من المقادير التي ترزق الغني بغير حساب‏:‏
الفصاحة‏,‏ والحب‏..‏ والغفران‏..‏ والسيادة وخدمة الناس
وسخر الأستاذ العقاد من تقوي المشيب‏:‏
أبعد الشيب ترغب في الصلاح
وتزهد في المدامة والملاح
فرغت من الحياة فأنت ترجو
حياة في الفراديس الفساح
رجعت عن الحرام فأنت عندي
عجزت عن المحرم والمباح
فما تقوي الشيوخ سوي اضطرار
كتقوي اللص بلا سلاح
ديوان‏(‏ يقظة الصباح‏)‏

وأجري الأستاذ العقاد في ديوانه‏(‏ وهج الظهيرة‏)‏ حوارا طريفا بين المعري وابنه بالغيب نابعا من بيت أبي العلاء‏:‏
وإذا أردتم بالبنين كرامة
فالحزم أجمع تركهم في الأظهر
يا أبي عالم الظلام مخيف
ليس يقوي عليه طفل ضعيف
فأجرني من ظله المسدود
ما الوجوه الحسان ما النوار
ما الدراري ما الفلا ما البحار
إن دأب الوليد حب الجديد

وفي شعر الأستاذ العقاد عنصر الفكاهة‏.‏ أفضي إليه صديق بأن كلبته ولدت فقال ساخرا
أعلني يافلورة الأفراحا
وأملئ الأرض والسماء نباحا
ما حبي الدهر بنت كلب بأعلي
من ذراريك عنصرا ولقاحا
أبشري دولة الكلاب بجرو
سوف ينفي عن جيله الأتراحا
سوف يدعي علي الكلاب أميرا
يفزع الأسد وثبة وصياحا
يلبس الطوق من نضار ودر
ويحول الخز الثمين وشاحا

 

(نقلاً عن الأهرام)

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

1-

سي كبير أحمد التجاني - الجزائر

satv_99@yahoo.fr
Tuesday, December 30, 2008 7:33 AM

نشكرك سيدتي الفاضلة على هذه الاطلالة المنير التي أوجزتي فيها نهراً من من أنهار الفكر و الأدب العربي ، لقد قرأت كتابك الحكاية الشعبية و أعجبت بأسلوبك المميز  في السرد و العرض ...لك مليون سلام من أرض المليون  أدامك الله ذخراً للعربية و الأدب و الفكر العربي و الاسلامي
الأستاذ : سي كبير أحمد التجاني من جامعة قاعصدي مرباح بورقلة - الجزائر

ضع إعلانك هنا