ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

حميد عدنان - المغربنوافذ الحب مفتوحة إلى الأبد

حميد عدنان - المغرب

 

هناك أمكنة تصدمك بسكونها اللامتناهي عند اللقاء الأول و كأن الكائنات التي تقيم بها تفضل التلاشي وراء جدرانها التي تزول عندما يحرك كيانك نسيم هذه الأمكنة. فلكل مكان سحره الخاص به و جماله الذي يميزه عن غيره . عندما نصادف مثل هذه الامكنة ينتابنا احساس جميل بمعرفة الأسرار و الحكايات التي تؤسس لهذا السكون و الهدوء...

هذه المشاعر تشكلت بداخلي عندما وصلت الى قرية صغيرة و هادئة تعطي الانطباع لزائرها أن كل أبنائها استهوتهم شهوة المدينة وفضاءاتها الساخنة التي تحول السكون الى ضجيج، هذا الضجيج الذي يعتبر متعة لمن اعتاد على سماع صوت الماء و حفيف الأشجار و همس قطيع المواشي عند المساء، وقد يخيل اليه ان هذه القرية ترفض أن تفصح عن أسرارها و جمالها خلافا للمدينة التي تتباها بجمالها و أهازيجها و ثرائها ...

رجعت الى نفسي التي تعشق الصمت و تتلذد به و نبعت بداخلي عيون هادئة من الذكريات الجميلة التي تخلد لمثل هذا الموقف في تجارب سابقة و لكن حرارة الاستقبال حركت مشاعر اخرى تستوجب مني التواصل مع هذا المحيط و اقامة جسر تواصل مع أهله و ثقافته...كانت الضيافة في مستوى الاستقبال المتميز وليس هذا بغريب فالكرم من شيم العرب حتى و ان اعترى هذا القيمة نقص في زمننا هذا...

لم نمكث كثيرا في هذه البلدة و لكن الأيام التي قضيناها تركت صدى في نفسي لأنني سمعت خطابات مثيرة تتمحور حول الموت و حب الأرض. فالانسان في هذه القرية يقيم علاقة خاصة مع الارض ، فهي مصدر عيشه. و حبه للارض يتجسد في التعلق و التشبت الذي يعلنه وقربه الدائم منها: فهو يزرعها و يحرثها و يحصدها و ترعى فيها مواشيه و يرثها أبناءه . فالتشبت بالارض قيمة انسانية لا يمكن نكرانها حتى في ظل العولمة التي أجهزت على كل أشكال الحدود جغرافية و ثقافية و لكن الانسان القروي يعطي معنا ضيقا لهذه العلاقة بخلاف المناضل مثلا الذي يجعل هذه الرابطة ذات قيمة معنوية و فلسفية وثقافية و دينية عندما يكون في مواجهة قوة أجنبية مستعمرة...

فالارض هنا تحتضن الانسان و تحفه بين ذراعيها و هذا ينعكس طبعا على خطابه الذي تشوبه نغمة متميزة من الحب المثالي اتجاه الأرض. هذا الحب الذي يدفعه الى الحديث عن حب الأرض وعن الموت، فيستحضر في مجمل خطاباته ذكريات أليمة لاناس فقدتهم البلدة ... هل الاحتفال بالموت و البطولة- الموت من اجل الارض- على شاكلة التراجيديا اليونانية هو امتنان لهذه الارض و اشتياق للارتماء بين احضانها أم تحايل على الزمن بفضل حب متميز؟ فدائرة الموت يقربها عامل الزمن من هذا الانسان لان هذا الزمن يتجسد في الفصول الأربعة التي تنقش اسرارها فوق هذه الارض التي يعشقها حتى الموت...الزمن هنا "دائري" لا يحرك كيان الانسان و لا يخرج عن نواميسه الا عندما يخرج فصل من الفصول عن حساباته المعتادة...

كل هذه القيم الأخلاقية والجمالية التي تنبثق من علاقة الانسان بالارض و التي تبرز الرغبة الاكيدة لهذا الانسان في السيطرة على الارض بوسائل مختلفة : مادية و ثقافية و فلسفية و فنية...كل هذه القيم تبرز قبل كل شىء قيمة القيم : الانسان. فبضل الحب استطاع الانسان أن يعيد صياغة شكل الارض و الحياة حتى وان طارده شبح الموت منذ نعومة أظافره...

 

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا