ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

محراب الكتابة: صوت الكاتب في خلوته

محمد سعيد الريحاني - المغرب

 

  

I- مراتب الكتاب:

هناك أربعة أصناف من الكتاب...

الصنف الأول هو صنف كتاب الأبراج العاجية وهم غالبا كتاب سلطانيون.

الصنف الثاني هو صنف الكتاب الشعبويين التائهين ما بين القول الحر والانتماء للجماهير.

الصنف الثالث هو صنف كتاب الحزب، أو الكتاب العضويين.

الصنف الرابع هو صنف الكاتب النقدي المتحرر من السلط الثلاثة السالف ذكرها. وإلى هذا الصنف من الكتاب تنتمي أجيال الغد من كتاب القصة القصيرة التي لا أبراج عاجية لها ولا رهنت يوما مواقفها على مكاتب حزب من الأحزاب السياسية ولا التمست تعاطفا او استحسانا من الجمهور ولو كانت أعمالها لا تروق حتى لهذه الجماهير المفترضة قرّاء.

 

 

II- كتاب القصة القصيرة: بين الاستقرار والنزوح

من كتاب القصة القصيرة من جاء إليها من السياسة كعبد المجيد بن جلون. ومنهم من جاء إليها من الفلسفة كمحمد زفزاف ومحمد صوف. ومنهم من جاء إليها من الصحافة كإدريس الخوري. ومنهم من جاء إليها من النقد الأدبي كمحمد برادة. ومنهم من جاء إليها من الشعر كأحمد بوزفور...

لكن إذا كانت القصة القصيرة قد لعبت دور الملجأ الآمن والوطن الرحب لبعض الأدباء، فإنها كانت مجرد قنطرة لبعض الآخر. فمن الكتاب من جرب القصة القصيرة لينتقل إلى الرواية كمحمد زفزاف. ومنهم من جرب القصة لينتقل إلى المسرح كمحمد شكري...

 

 

III- عن الكاتب الكبير والكاتب الصغير في الأدب العربي الحديث:

التمييز الأول، وهو تمييز سياسي، ويعتبر "الكاتب الكبير" هو الكاتب الذي حظي بدعم الحزب السياسي وتزكيته بحيث يصبح مفهوم "الكاتب الكبير" رديفا لمفهوم"القائد الأدبي" بينما يرتبط مفهوم "الكاتب الناشئ" بمفهوم "المناضل الأدبي"...

التمييز الثاني، وهو تمييز تقليدي، ويربط مفهوم "الكاتب الكبير" بالأقدمية في العطاء أو بالسن بحيث يصبح "الكاتب الكبير" هو من دخل ميدان الكتابة والإبداع  مبكرا وراكم عناوين وإصدارات في سيرته الذاتية. بينما يبقى "الكاتب الناشئ" أو "الكاتب الشاب" هو من دخل ميدان الإبداع حديثا ولا زال يجرب ويبحث عن ذاته.

التمييز الثالث، وهو تمييز عميق، يرى صفة "الكاتب الكبير" في من يمتلك من بين المبدعين مشروعا جماليا أو نسقا فكريا: إنه الكاتب المفكر كجون بول سارتر وعبد الله العروي وألبير كامو، أو هو الكاتب الناقد كإم فورستر وأمبرطو إيكو، أو الكاتب المؤرخ كغابرييل غارسيا ماركيز ونجيب محفوظ... بينما يبقى "الكاتب الناشئ"، مهما بلغ من العمر، هو من يتخد من "الكاتب الكبير" مرجعا له في اختياراته الشكلية والمضامينية...

 

 

VI- الطريق إلى الشهرة أقصر طريق إلى القراء:

الطموح الغالب في أوساط الأدب هو نشر العمل الإبداعي والتأكيد على شركات التوزيع على توسيع نقط البيع وإقامة حفلات توقيع الكتاب. لكن النخبة من المبدعين العرب عرفت طريفا ثانيا أسرع  إلى القراء وأخلد في تاريخ الادب. فقد عرف بعض  الأدباء العرب طريقهم نحو القراء إما انطلاقا من السجن )عبد القادر الشاوي(، أو انطلاقا من الغرب )الطاهر بن جلون(،أو انطلاقا من المنصب الحكومي )نزار قباني(، أو انطلاقا من القضية الوطنية )غسان كنفاني (،  أو انطلاقا من تفجير الطابو )محمد شكري(...

 

 

V- الأصناف الثلاثة للفاعلين في الحقل الأدبي العربي:

أصناف الفاعلين في الحقل الأدبي العربي تتدرج بين ثلاثة أصناف:

أولا، المبدعون والنقاد والباحثون الفاعلون كتابة ونشرا وهم قلة نظرا للصعوبات الثابتة في وجه كل من يريد اقتحام هدا المسلك: أمية الشعوب العربية، عزوف المتمدرسين عن القراءة والنزوع القبلي للنخب في التعامل مع المنتوج الأدبي. في هذه الفئة من الأدباء، التركيز ينصب على إبداع أذواق جديدة وابتكار جماليات جديدة وإنتاج معايير أدبية جديدة.

ثانيا، الفاعلون الجمعويون وهم الأكثرية الساحقة ضمن حلقة الأدباء. وهذه الفئة تحتاج إلى المهارات الاجتماعية أكثر مما تحتاج من الكفاءات الأدبية والفكرية. لدلك فالتركيز في أوساط هده الفئة ينصب على  الاتصال المباشر بجماهير الثقافة وتقريب الأدب عموما من جمهور القراء. فسيرة الفاعل الجمعوي تقيم بحجم ونوعية الأنشطة الثقافية في سيرته. فالسيرة الذاتية بالمفهوم الورقي التقليدي ثانوية هنا.

ثالثا، الموظفون، وهم في غالبيتهم أساتذة بالوظيفة ينتمون لأحد أسلاك التعليم. ولأنهم لا يتوفرون لا على حضور المبدعين والنقاد المقروئين في الفئة الأولى ولا على دينامية الفاعلين الجمعويين في الفئة الثانية، فإنهم يقدمون أنفسهم إما على صفحات الجرائد أو على شاشات التلفاز من خلال شواهدهم الجامعية ومناصبهم الأكاديمية، بنفس الطريقة التي يقدمون أنفسهم بها لطلبتهم: "أستاذ، دكتور..." دون فصل بين صورة القارئ كمواطن حر وبين صورة الطالب كتابع ومريد.

ولأن العمود الفقري للحقل الأدبي هو الصنف الأول، صنف المبدعين والنقاد والباحثين الفاعلين ورقيا، فقد تناوبت بعض الأنظمة  وبعض الأحزاب على  خلط الأوراق بين الأصناف الثلاثة بغية صناعة نخب أدبية من زبنائها أو قصد الحصول على أغلبية عددية تمكنها من الهيمنة على أجهزة اتحادات الكتاب وضمان مرور قرارات إما ثقافية او سياسية لمصلحتها... والنتيجة هي أن "مصداقية الأدب الحقيقي والأديب الحقيقي تضيع وسط العبث بمصير أدب وثقافة الأمة".  فإن كانت ثمة رداءة في الأدب، فهي أبعد من أن تكون رداءة أدبية. إنها، بالواضح، رداءة سياسية وتسييرية تتحكم في الرقاب قسرا وتزَوِّرُ الصفات ظلما في سبيل "الهيمنة" ضدا على كل قيم الأدب التي ترفع شعار"الحرية" عنوانا لكل الإنتاجات وكل النصوص الإبداعية...

 

IV-أيهما أكثر قيمة في عمل الكاتب: النص الإبداعي المقروء  أم الخلفية النظرية للنص؟

 

بعد نشرنا لمقالنا "الكتابة بالمجموعة القصصية بدل الكتابة بالنصوص المتفرقة" وهي شهادة تسلط الضوء حول خصوصية  اشتغالنا في الكتابة القصصية، تلقينا ردود فعل متضاربة كان اهمها هده الرسالة من إعلامية عربية بارزة وشاعرة حاضرة بقوة جاء فيها:

 

"أيهما اسبق الإبداع  أم التنظير؟

سأختلف مع ما رحت اليه يا صديقي. فالتنظير ياتي بناء على خبرة الإبداع الحياتية مسكون  بها  ويكبر عبرها ليفسرها. أما ما رحت إليه يمكن ذلك في فهم الأفكار في العصور السابقة. المعلم مرشد وليس إله، والمنظر معلم.

على كل، هذا أمر يحتاج إلى جلسة جدل. فالفضاء الذي يسبح فيه الإنسان منذ خلقه لم يكن فوضويا بل دقيق المسار... الإبداع كشف حر والتنظير يفسر...

 على كل لابد أن نتحدث عن السياق التاريخي، فالفلاسفة اليوم لا يضعون الضوابطللعقلالعقلاني موطن الإبداع. فلا بد أن نربط الأمر في سياق ما يحدث من متغيرات. في الحياة البشرية منذاندلاع ثورة العقل التي تتعاطى الإبداع بشكله الحر، وليس بشكله المقنن، ضمن مقاييس مسبقةبدليل انه لم يعد هنالك مقاييس محددة للرواية اليوم ولا للتصوير الفوتوغرافي الذي عرفناه طوال قرن ولا للتشكيل ... 

 على كل لم أشأ الاقتحام  إنما أردت التحية

بمودة فائقة حتى وان اختلفنا ببعض النقاط

مودتي الفائقة"

 

ومن باب رد التحية بأحسن منها، كان جوابنا كالتالي:

 

"قرأت رسالتك وأصغيت لرأيك. واعتقد أنه بالرغم من بدايتك كتابة الرسالة بالتنصيص على الاختلاف في الرأي بيننا، فإنني لا أرى خلافا ولا اختلافا. وكل ما في الأمر أنك وقفت عند طرحي للإشكال في خاتمة مقالتي/شهادتي.  فسؤال " أيهما اسبق الإبداع أم التنظير؟" لم يترك مفتوحا ولا كان يتضمن تغليبا لنظرية خارجية مطلقة على حساب حرية القول والكتابة بحيث  تحدد لها مساراتها وخطابها بشكل متعال. فالواقع أن طرح الإشكال كان مرتبطا ارتباطا حيويا بالتوضيح الذي أسقطته في جوابك وهو  "لا يمكن الحسم في أسبقية هذا على ذاك".

كلنا ننتصر للحرية، يا عزيزتي. ولكن "الهدف" يسبق "الحرية" ويسبق "العمل". ف"الهدف" ينير ل "الحرية"  الطريق ويكسبها الشرعية والمصداقية. الكتابة هي بالضرورة حرة ولكن دون هدف/نظرية ، ما الجدوى من الكتابة؟

الحديث عن نظرية في الإبداع ليس بالضرورة حديث عن سلطة مدارس نقدية ، ولكنه حديث عن نضج الكاتب ونضج تصوره وقدرته على الدفاع عما يكتبه وعلى الحفاظ عما يكتبه. ولدلك كتبت:  "ومفهوم الكتابة القصصية مدعو للتنصيص الصارم على تبني مشروع نظري متفرد يغني الكتابة القصصية العربية ويرفع سقف حرياتها باستمرار."

تحياتك الصادقة وصلت وودك الصافي في القلب، أيتها العزيزة.

مع أجمل التحيات

محمد سعيد الريحاني"

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا