![]() |
شعر مترجم |
ندوة – هونج كونج 5 يونيو 2010 ممدوح القصيفي ندوة برس - القاهرة
غادر الشاعريين المقدونيين - تريان بتروفيسكى وبرانكو تسفتكوسكى - القاهرة بعد منتصف ليل الاثنين لتنتهى ثلاثة ليال جميلة ومدهشة فتحت عيوننا وآذاننا على صوت آخر يأتى من منطقة غير معتادة ويساعدنا على اكتشاف ذواتنا .... و مقدونيا بلد صغيرة إجمالي مساحتها تقارب مساحة القاهرة تقريبا و لكن إجمالي عدد سكانها 2 مليون فقط أي ما يقارب من عشر سكان القاهرة و رغم أنها حديثة جدا كبلد مستقلة حيث أنها استقلت من 19 عام فقط إلا إنها مرتبطة بنا تاريخيا بصلات قديمة عميقة .. حيث ولد الفيلسوف أرسطو في مقدونيا و كان مربيا و معلما للإسكندر المقدوني الذي تنسب إليه مدينة الإسكندرية. تريان عمل طوال حياته بالسلك الدبلوماسى كشاعرنا الأشهر نزار قبانى بشعره الأبيض ووجهه المشرب بالحمرة وجسده المنهك وحواره الدافىء الذى يفيض بالتجربة الإنسانية وذكرياته المدهشة مع كبار شعرائنا وكتابنا عندما كان ملحقا ثقافيا فى مصر من 1980 : 1984، فقد كان صديقا شخصياً لصلاح عبد الصبور ونجيب محفوظ ومحمد سيد أحمد ويوسف إدريسو غيرهم .. التصق بالثقافة المصرية حتي دفعه عشقه لكتابه ديوان "ابو الهول" في عشق مصر الذي نشرته الهيئة المصرية للكتاب وقد كتب ترايان أكثر من 50 كتاب مختلف بين الشعر والروايات والمقالات .. وهو يدفعك دفعاً لإعادة اكتشاف الأشياء والمواقف والأشخاص حولك فنشعر أنك تراها لأول مرة ... فقد انبهر بالتجرد الذى رآه في الحجيج فى مكة على حين رأى القباب الذهبية التى تعلو المساجد والمزارات فى إسطنبول كقبور ذهبية يتمنى ان يِنبعث منها بلا جدوى و يوصي أحباءه أن يعرفوا أن موته هو الخلاص الأخير و الرحلة النورانيه للمثوي الأخير. يبحث عن نور يضيء النفس الإنسانيه و يقدسه حيثما وجده سواء كان في القرآن أو عندما جلسنا فى مائدة متطرفة فى مقهى ريش .. أشار لى بفرحة طفولته على باب جانبي وهو يقول لى .. "أرأيت الصور المعلقة بالداخل ..؟؟ يجب أن تراها .. عظماء المثقفين والفنانين المصريين .. كانت لى معهم ذكريات كثيرة .. ابتسمت فى حياء من نفسى لأننى الذى يجب أن يقول هذا.. أما برانكو .. فهو قليل الكلام .. مهموم بالحياة والموت .. مبتكر العبارة فى اختيار كلماته المدهشة ... وهو شاعر قدير في العقد السادس من عمره .. له مجموعة كبيرة من الدواوين .. التى كتبت وترجمت إلى لغات عديدة .. و هو ضخم البنية بلا إسراف .. ملامحه منحوتة في وجهه كروائع تماثيل اليونان مثالية التكوين و البناء. و هو يتكلم ببطء كأنه أحد حكماء و فلاسفة مقدونيا القدماء و تشعر أن كلماته هي دعوة حقيقية للحب و التسامح. و رغم قيمة الشاعرين الكبيرة و احتفاء الجمهور بهما خاصة مع القراءة الجميلة الواعية للشاعر أحمد الشهاوي في الندوتين في مكتبة حنين بجاردن سيتي و الثانية في بيت الشاعر الذي يشرف عليه الإعلامي المحبوب جمال الشاعر، إلا أن الحضور الرسمي انحصر علي المقابلات الرسمية و الوعود الدبلوماسية الجميلة التي يقولون عنها إنها مدهونة بزبدة .. و الدعوة لحضور افتتاح بيت الشعر الذي كان افتتاحه كفرح ابن العمدة من المزيد من تزغيط المدعوين من خيرة المثقفين الذين تكالبوا علي السيمون فيميه و الجمبري كأنهم محرومون. نتمني المزيد من الزيارات الثقافية التي تنشط أذهاننا و توقد عقولنا مع همساتنا في أذن المؤسسات الثقافية الحكومية أن تقلل من المهرجانات التي تشبه الزفة التي لا تعود علي الثقافة بشيء.
|
|
|
![]() |
![]() |
|