ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

فتنة الليالي

تراث: ألف ليلة وليلة وقصة الوأد من ضرورة الإبداع إلى حتمية القتل

 

عبدالرزاق هيضراني - المغرب

 

علاقة الإبداع بالولادة علاقة وطيدة غير منفصلة على الإطلاق.إنها علاقة متماهية غيرمنتهية...وإذا كنا على علم تام بمراحل الولادة البشرية، فماذا عن الولادة الإبداعية؟

جوهر الولادة الفكرية الإبداعية الألم..وكلما كانت صرخة المولود قوية كلما دفع ذلك إلى الفضول المحمود..إذاك ،وبفضل الفضول، يحكم الآخر إما بالاكتمال أو التشوه، لكن سرعان ما يغير الحكم الزمن..

مهما يكن فلا بد من تأطير العملية الإبداعية بأربعة مكونات العمل_المبدع_الزمن_الحكم..فلا انفصال للعمل عن المبدع(هو ابنه، بلغة الجاحظ)، ولا حديث عن حكم دون تأثير الزمن.

كل مكون من المكونات السابقة يحيى بوجود الآخر ونقصان أحدها يعني فيما يعنيه إخلالا بالعرف وخرقا لمعيار كوني (التماسك)..

لعل من بين مقاصد الإبداع، الحفاظ على الاستمرارية والتوالد..فبقدر ما يخلق المؤلف عملا بقدر ما يقصد لأمر ما، وهو بشكل أو بآخر يسعى إلى تنبيه القارئ وإيقاظه؛ يعني إحياء القارئ وبعثه.

من المفارقات الغريبة، أن يضحي الكاتب بنفسه في سبيل المتلقي .أن يحيى الواحد بموت الآخر. وما أتعس الفرد حين يقتله إبداعه، ابنه الشرعي.

تحيلنا جدلية الإبداع والقتل بشكل مباشر على علاقة الفكري بالسياسي، إذ لا يخفى على أحد أن الفكر قد كان في فترة تاريخية، يحاكم السياسة من غير أن يؤدي ذاك الحكم إلى القتل. لما تولت السياسة  الحكم فجرت القاعدة الكونية (خالف تقتل). وهو أمر انتهى بالفكر إلى الالتزام بالوصف المقنن المسالم غير المتعنت إن أراد لنفسه الاستمرار..

أمر لا يطاله النسيان ذاك الذي أدى بسقراط إلى القتل المعجل بسبب من فكرة الإصلاح..كما أن ابن المقفع لم ينفعه التحايل. لا التلميح وقف بجانبه ولا أنصفه مسوغ الترجمة..

لماذا يجابه الإبداع بالقتل إذن؟

إن كل مبدع مقتول فوق القاتل...ومن ثم فسلطة المقتول أبلغ..

إن التأثير الذي يمارسه العمل الإبداعي لذو وقع خاص..لاسيما لما يدافع المبدع عن عمله، غير ناس أن لكل أرض غزاة.                                      

العمل الإبداعي، تبعا لذلك، الذي لا أب له قلما يجد من يرعاه، ذلك أن المجتمع لينظر إليه بعين الريبة والاحتياط لكونه مجهول المصدر؛الأهل. هذا شأن ألف ليلة وليلة..

فألف ليلة وليلة مذمومة محتقرة. ببعض التجاوز لقد سبقت ولادتها عصرها..إنها حكايات شاذة خرقت الذوق المستساغ والممتد..

يمكن أن ننظر لليالي من زاويتين اثنتين. نظرة الهجران من جهة ونظرة الاستحسان من جهة أخرى .

ففي القديم لم تحظ الليالي باهتمام كبير. ابن النديم مثلا يذمها ويعتبرها كلاما غثا وباردا. وفوق ذلك لم تصنف كما صنفت كليلة ودمنة مثلا أو غيرها. لقد شكلت الليالي صدمة بخرقها الأسلوب المتعاقد بشأنه..

أما في عصرنا الحديث فقد تعرف عليها الغربيون فاستحسنوها وأعجبوا بها أيما إعجاب. لكن لا بد من التمييز بين الموقفين ..

فقد صادفت ولادة الليالي وظهورها، في التربة العربية، مستوى رفيعا، ذلك أن الناس قد شبوا على حب كل ما هو متميز فكيف بالليالي أن تظهر بمستواها الغث فتفطمهم عن ذوقهم الرفيع..

كان من الطبيعي إذن أن ترفض الليالي. من يدري قد تلوث اللغة والعرض العربيين..من هناك جاءت البراءة واضحة من هذا المولود المجهول.

في حضرة اللفظ يعذب القارئ. والعمل الذي يفتن، يفتن بالرمز ..الليالي لا تؤمن بذلك ..وهو الأمر الذي يدفعنا إلى أن نصنف الكلام إلى أربعة أنواع ..شعر ونثر ونوع يوحد بين الشعر والنثر ورابع لا خير فيه. الليالي مصنفة ضمن نوع من الأنواع السابقة..

برجوعنا إلى موقف الغربيين، يمكن لن القول بأن الجانب التعليمي والثقافي كانا من أهم الدوافع التي أدت بهم إلى استحسان الليالي، فهي تصور لهم الشرق، حماقاته، جرائمه وأناه المتضخمة..

ليس صحيحا هنا القول ،إذن، إن المعيار الذوقي هو المتحكم في تفضيل الليالي أو تهجينها .إن المعيار القومي،فيما أتصور، ليبقى فوق كل اعتبار ..

في الليالي نرى مجتمعا إنسانيا غريبا و مهجنا بل أكثر من ذلك مجتمعا شنيعا..(لا ننسى أن الليالي قد ولدت من مصدر مجهول).

اختفى كاتب الليالي خوفا على نفسه، بحيث إن السياق الذي وجدت فيه سياق رهيب يقدس القتل ويعجل النفي .

لقد ارتكب الأب شناعة ورحل. أراد من جهة أن يصور مجتمعا خبيثا. أراد من جهة ثانية صرف الرأي العام إلى فتنة أخرى، فتنةالثقافة حيث الأسلوب الركيك الممجوج.

الليالي تصور بشكل ضمني مجتمعا مختلا يعيش صراعا امتدت ناره إلى المبدع والناقد ..

وبالمقابل تصور الليالي شخصية ممقوتة فرعونية. شخصية انفصامية انفصاما ايجابيا، ذاك هو شهريار؛ شخصية تسعى إلى الحفاظ على التوالد والاستمرارية من خلال الية الحرب ..أوليس هدا هو منطق الحرب؟

شهريار يولد الإبداع، من المرأة ذات الضلع الأعوج بالعنف، ويدعو إلى إبداع ممتد لا ينقطع أبدا، إبداع لا يتوقف كما تعاقب الليل والنهار..

ألف ليلة وليلة أرضية لخطابات متعددة منفتحة، من خلالها يدان الرجل الذي يقتل، تدان المرأة الخائنة، يدان هذا العالم الخبيث..

كما أن ألف ليلة وليلة جرح غائر. خالقها فوضوي، عاص منكر. خلق ضجة كونية ورحل.

وكما أن ألف ليلة وليلة فتنة أدبية، أبدية تستوجب العظة والرشد حتى لا يصبح الذوق قبيحا هذا الذي يجعل السهل أنموذجا..

 

ع.الرزاق هيضراني

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا