عن الشاعر | راسلنا | صوت الشعر | لقاءات | قراءات نقدية | قصة | مقالات أدبية | شعر |
سيد جودة - مصر / هونج كونج
إن ارتقى الحيوان صار إنسان، وإن ارتقى الإنسان صار فناناً! وإن ارتقى الفنان .... ماذا يكون؟ يقول عباس محمود العقاد: الشعر من نَفَس الرحمن مقتبسٌ .. والشاعر الفذ بين الناس رحمنُ! إن أنقى لحظات الفنان تكون حين إبداعه، حين يخلع رداءه الآدميَّ لا ليرتدي رداءً آخر، بل ليكون ذاته، عريه، ما تبقى من روحه بعد احتراقها في أتون الآدمية وانصهارها في بوتقة الفن ليشعّ منها قبسٌ إلهيّ أو إشراقة شيطانية. هذه الإشراقة في روحه المحترقة هي لحظة الإبداع. الزمن الذي تستغرقه هذه الإشراقة يكون الشاعر فيها روحاً سابحاً ما بين أرضٍ وسماء، ينظر لما حوله فلا يرى ما يراه الآدميون، يصغي لصوتٍ يأتيه من عالمٍ آخر، يراه الناس فيحسبونه ممسوساً ويظنون به الظنون، والحق ما يحسبون، فلحظتها يكون الشاعر كمن مسّه جان. هو بينهم وليس معهم، هو منهم وليس منهم. لحظة الإبداع عندي قد لا تكون مجرد لحظة، بل قد تمتدّ إلى أيام وأيام تومض خلالها إشراقات الشعر في سمائي. أكون محظوظاً إن ومض نجم الشعر وظل متلألأً إلى أن أقبض على خيوط ضوئه فأصوغ منها قصيدتي في حينه، لكن ما أكثر ما يومض فلا يلبث أن يخبو، ويخبو فلا يلبث أن يومض، وبين انطفاءةٍ وإشراقةٍ أكون معلقاً بخيوط الرجاء لئلا تنقطع إلى أن تكتمل البشارة. لحظة الإشراقة هي بدء المخاض وآلامه إلى أن تولد القصيدة. بعدها يهبط الشاعر من عليائه وينزع عن ذاته كينونته البين البين، ويعود أدراجه من رحلته نحو المطلق ليكون آدمياً من جديد!
|