Closed Gate
عن الشاعر راسلنا صوت الشعر لقاءات قراءات نقدية قصة  مقالات أدبية شعر

درس تقوية للحزب المنحلِّ وفلوله

مؤامرة المجلس لمنع المصريين في الخارج من التصويت في الانتخابات

 

سيد جودة – مصر / هونج كونج

27 نوفمبر 2011

 

سعدنا، نحن المصريين المقيمين خارج مصر، لأننا أخيرًا ستتاح لنا فرصة التصويت في انتخاباتٍ نأمل أنْ تكون نزيهة بعد عقودٍ من التزوير. لكنْ من الواضح لكلِّ ذي عقلٍ رشيدٍ أنَّ المجلس العسكري، بعد عشرة أشهر من الحكم، لم يأتِ ليحمي الثورة كما ادَّعى وكما صدقناه بحُسْن نيَّة، وإنما جاء ليحمي أعداء الثورة من الثورة، جاء ليحمي المخلوع ورجال حزبه المنحل، جاء ليحمي أموالهم المهربة في الخارج، جاء ليضمن براءتهم من تهم تفضي لإعدامهم جميعًا في ميدان عام، جاء ليسلب الثورة من الثوار ويفرغها من محتواها، جاء ليمتصَّ حماسة الشباب أملاً في أن ينفض عقدهم ولا يجتمع مرة أخرى فلا يجدون نفس الحماسة التي تلهبهم ليملأوا الميدان مرة أخرى، جاء  ليحكم بنفس أسلوب المخلوع ونظامه الفاسد، فهو أولاً وأخيرًا جزء لا يتجزء من هذا النظام البائد.

 

سعدنا، نحن المصريين المقيمين خارج مصر، لأننا سيكون لنا صوتٌ، ولنا رأيٌ يُأخذ به من أجل هذا الوطن الذي نحلم برخائه، ونحلم أن نراه في مكانته التي يستحقها. لكن كما يقولون "يا فرحة ما تمت!" فنفس مؤامرات الحزب المنحل ما زالت تُحاك بنفس الأسلوب الرخيص المبتذل الذي يخلو من أي احترامٍ لحقوق المواطنين. ما زالوا يتعاملون مع المواطنين المصريين وكأنهم شيءٌ فرعيٌّ ليس ضروريًّا أنْ يأخذوا برأيه، وليس ضروريًّا أنْ ينتصروا لكرامته التي ما زالت تهدرْ كما في عهد المخلوع، ما زال المصريون يسحلون ويهانون وينكل بهم في الخارج دون أن تتحرك وزارة الخارجية لاسترداد كرامة مواطنيهم وهذه هي مهمتهم الأولى، مهمتهم الأولى أنْ يكونوا رعاةً لمصالح مواطنيهم، لا مهملين لها. لكِ الله يا مصر، ولكم الله أيها المصريون المقيمون بالخارج!

 

المؤامرة التي حاكها المجلس العسكري ضد المصريين في الخارج لمنعهم من التصويت في الانتخابات القادمة، والتي نفذتها ببراعة بالغة وزارة الخارجية المصرية وسفاراتها وقنصلياتها في الخارج، تتمثل في الآتي: أولاً: إعطاء المصريين بضعة أيام للتسجيل على النت للتصويت في الانتخابات. ثانيًا: تعطيل صفحة الموقع بحجة ضغط الزائرين عليها، ولو كان هذا صحيحًا لكان أولى بهم تمديد فترة التسجيل حتى يتجنبوا هذا الضغط. ثالثًا: عدم السماح بالتسجيل في القنصليات بل في السفارات لوضع مزيدٍ من الصعوبات على هؤلاء الذين نجحوا في التسجيل فلا يستطيع معظمهم السفر من مدينة قد تقع على حدود بلد ما للعاصمة للتصويت في السفارة المصرية. رابعًا: إخبار المصريين بأنهم يمكنهم التصويت في سفاراتهم بالبريد، لكن متى أبلغوا المصريين بهذا؟ قبل إغلاق باب التصويت بيومٍ واحد! وصلتنا رسالة هاتفية من قنصليتنا الموقرة في هونج كونج الساعة 6:25 مساء الجمعة 25 نوفمبر يعلموننا فيها أنَّ الموعد النهائي للتصويت في سفارتنا في بكين هو يوم السبت 26 نوفمبر. أي باختصار يقولون لنا: يا من تحلمون بالتصويت في انتخابات نزيهة لأول مرة في تاريخ مصر، انسوا هذا الحلم البعيد!! اتصل بعض المصريين بمكاتب البريد السريع وبالـ "دي اتش إل"، وكان من المستحيل عليهم إيصال أصواتنا بالبريد في أقل من يوم، فتبرع مصريٌّ بالسفر لبكين مساء الجمعة لحمل أصوات من استطاعوا التسجيل لإيصالها لسفارتنا في بكين قبل الساعة 9 صباح يوم السبت!

 

قمنا بمظاهرة رمزية أمام مبنى القنصلية في هونج كونج بعد ظهر يوم السبت 26 نوفمبر، معلنين تضامننا مع شهداء التحرير، ومع هؤلاء الذي فقدوا أعينهم وما زالوا مصرين على البقاء  في الميدان حبًّا لمصرنا الغالية. بعد المظاهرة الرمزية قمنا بتسليم القنصلية المصرية رسالة مكتوبة للمشير محمد سيد طنطاوي مطالبين المجلس العسكري بتسليم السلطة فورًا لمجلس مدني يخلو من كلِّ رموز الحزب المنحل يتم تعيينه من التحرير بصلاحيات كاملة في الحكم خلال هذه المرحلة الانتقالية، وليس كمجلس عصام شرف الذي نزعت منه كل صلاحيات الحكم، وعيِّنَ إرضاءً للشعب، أو قل للضحك على الشعب. الذي لم يفهمه المجلس بعد هو أن الشعب المصري لم ينجح نابليون في الضحك عليه، ولم ينجح الإنجليز في الضحك عليه، ولم ينجح كل الغزاة على مرِّ العصور في الضحك عليه، ولن تضحك عليه أيها المجلس العسكري لا أنت ولا فلول المخلوع. أقول قمنا بتسليم الرسالة إلى القائم بالأعمال نظرًا لغياب القنصل العام. استقبلنا في صالة القنصلية وبدأ بإعطاء أسباب واهية لتبرير التأخر في إبلاغ المصريين، لكننا نعلم تمامًا ما يحدث وراء الكواليس، ونعلم تمامًا التعليمات التي تصلهم وتطلب منهم ماذا يفعلون ومتى يبدأون في تنفيذه، وقد نلتمس لهم العذر لتنفيذهم الأوامر، لكنْ يحزننا أنْ يكونوا هم أنفسهم مقتنعين بهذه الأوامر. بدأ القائم بأعمال القنصلية في حوارٍ معنا مفاده أنه درس السياسة وعاشها وعمل بها وما زال لا يفهم ما يدور في مصر، فهو ذو السادسة والثلاثين ربيعًا نشأ وترعرع ولم يعرف سوى الحزب الوطني، وحين يزور مصر الآن يرى ملصقات لأناسٍ لا يعلم عنهم شيئًا سواء كانوا إسلاميين أو ليبراليين. سألنا على أي أساسٍ سننتخب إذا كنا لا نعرف هؤلاء الذين سننتخبهم. وهنا كان المدخل لتشكيكنا في جدوى تصويتنا إذا كنا لا نعرف المرشحين، وكأننا يجب أن نعرفهم معرفة شخصية كي ننتخبهم؟ أخبرناه بأنَّ تصويتنا سيكون لاتجاه يتبعه كلٌّ منا وليس تصويتًا لأفرادٍ نعرفهم معرفة شخصية، فمن له ميولٌ إسلامية سينتخب من يمثل هذا الاتجاه، ومن له ميولٌ ليبرالية سينتخب من يمثل هذا الاتجاه. قال بأن المتظاهرين في ميدان العباسية كنظرائهم في ميدان التحرير عددًا، أي أنَّ المتواجدين في ميدان التحرير لا يمثلون إلا أنفسهم، وهذه يجب أن تأخذ كمزحة لأن حجم ميدان العباسية كما أظهرته الصور الملتقطة من موقع جوجول يمثل واحدًا على عشرين من حجم ميدان التحرير، فلوا أن عدد المتواجدين في ميدان العباسية خمسونَ ألفٍ فإن عدد المتواجدين في ميدان التحرير مليون! وبنفس أسلوب الحزب المنحل المعروف وأتباعه، حاول أن يقنعنا بأن كمال الجنزوري هو الأنسب في هذه المرحلة حتى يتبين لنا مَن اللصوص الحقيقيون الذين يسرقون البلد وينهبونها!! سبحان الله! وكأننا ما زلنا في حاجة لأن نعرفهم؟! وعلى الرغم من أنه قال إنه يؤيد متظاهري التحرير قلبًا وقالبًا، وأنه شارك مسيرتهم، وأنه وأنه... إلا أنَّنا أذكى من أنْ يضحك علينا! ومن المؤلم أنْ نرى فلول الحزب المنحل ما زالوا المسيطرين على الدولة في الداخل والخارج، وما زالوا يتعاملون مع الشعب على أنه لا يفهم حقيقة ما يجرى. يا سادة: إن الشعب ليس في حاجة لدرس في السياسة منكم ومن حكمائكم. ومع كل التقدير لخبراتكم السياسية العريضة، فإن الفلاح الأمِّيَّ يفهم في السياسة أكثر منكم جميعًا، ليس لأنه درس في كبرى جامعات أمريكا وبريطانيا، ليس لأنَّ عقله يحفظ عن ظهر قلب التاريخ والسياسة والمؤامرات والدسائس التي لا يجيدها، بل لأنَّه يفهم كلَّ هذا بقلبه الذي ما زال يحوي في طياته حضارة سبعة آلاف سنة لم يستطع أيٌّ من الغزاة أنْ ينال منها أو أن يغيِّر شخصيته وهويته المصرية الأصيلة. اقرأوا قصة الفلاح الفصيح كي لا تستخفوا بذكاء الشعب المصري الذي قد يبدو ساذجًا لكنه أبعدُ ما يكون من هذا. يا سادة: نحن لسنا بحاجةٍ لدروس في السياسة، لكن يبدو أنكم في حاجة لدرس تقوية يبدأ من جديد في ميدان التحرير، لأنه من الواضح أنكم لم تستوعبوا الدرس بعد! طالما أن هذا الميدان سيظل ممتلئًا بهذا الشباب فإنَّ مصر بخير، ولنْ يفلح المخلوع وفلوله في تزوير إرادة الشعب الذي استيقظ، ولن يعود للنوم مرة أخرى، وهو مستعدٌّ لإعطائكم دروس تقوية لعلكم تفهمون، فهل أنتمْ مستعدون؟!

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

إلى دار ندوة

عودة إلى موقع ندوة

ضع إعلانك هنا