ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

حسين أبو سعود - العراقويظل الغناء للمدينة مستمرا

حسين ابو سعود - العراق

 

يجلس بين الملل والرتابة ، وبين الشوق والحنين ، يبحث في جدران المنفى عن جدران بيته القديم ، فلا يجد سوى الصمت والالم والمرارة ، كان ينكر صلته بالنظم والقوافي الا انه كان يبكي شعرا عذبا ، ومن اقواله وهو يكابد السهد والسهر الطويل :

من قال ان الماء هو الماء، وان الهواء هو الهواء ، من قال ان التراب هو التراب وان التفاح هو التفاح ، فتفاح بلدي احلى الانواع .

يتذكر الايام الخوالي ودفء الاسرة وحرارة اللقاءات ويذكر حتى المجانين في مدينته : المجنون شئ والهبيل شئ اخر ، كان ( جمعة ) بائع الخضار يحبني ، ويرتاح لصحبتي ، وكان يشايع عليا في الخفاء ، غير انه كان يُرمى بالجنون .

خرج الى العالم الارحب لعله يجد له مستقرا ويجد له عملا في الفنادق او في خطوط الطيران او في السفارات ، في السفن او في الموانيء والمطارات ، لقد كان يحب البهرجة والسفر غير انه وجد نفسه يتنقل في المقاهي والمطاعم والبارات يغسل الصحون وينظف الطاولات .

في ليل الغربة ينتابه بين الفينة والفينة شعور غريب ، يخيل اليه انه جائع او يشتهي شايا او سيجارة او خمرا او حبة منومة ثم يكتشف الحقيقة بانه لا يريد سوى امراة ووطن او وطنا وامرأة .

لم تعد الصداقات العابرة تبهره معتقدا بان احلى الصداقات تولد في المستشفيات والسجون واقواها ما كانت منذ الطفولة ، مضى على تغربه ربع قرن من الزمان ، كبر بما فيه الكفاية ولم يشأ ان يقاتل ليسترد الوطن المسلوب ، فالسالبون اهله والظالمون اهله وكان يقول رحم الله ايام الاستعمار .

وفي سؤال عن ما هو الوطن ؟ اجاب : الوطن هو الغنى والاصدقاء والامان فالوطن ليس التراب .

يذكر كيف كان يتمنى ان تكون له دراجة يذهب بها كل يوم الى الحديقة ومعه ورقة وقلم وكتاب ، ليبتعد عن العمارات السكنية والاوساخ ، انه يعشق الحدائق .

يريد ان يكتب شعرا عن مدينته ، ليس عنده وطن وليس عنده اصدقاء ، يعشق الفنادق الكبرى ، تقتله حركة الالوان فيها ، بلغ الاربعين ، غزا الشيب مفرقه ، لم يعرف حلاوة الزفاف ويجهل رائحة الحناء وبريق خاتم الخطوبة ، لايعرف ان الاطفال يمرضون ، وان المراة تنتابها حالات خاصة اثناء الدورة الشهرية ، انه لم يتزوج بعد ، ويعجب كيف يتزوج الناس واين يجدون زوجاتهم .

كفر بكل الفلسفات وبكل الفلاسفة وصار لا يحب من يتعصب لدين او مذهب او من يروج لحزب او جماعة وصار يميل الى المتمردين فقط .

كان اذا سمع صوت طبل او مزمار واناس يرقصون يتكئ على حرمانه وينظر اليهم من النافذة بنهم ويتعجب : كيف يزف العريس ؟ وكيف تتحلق حول العروس مئات النساء ، كيف جمع العروسان كل هذا العدد من الاقارب ومن اين أتى بالاقارب ؟

قلت له ماذا تقرأ غير الجرائد والمجلات ، فنصحني ان لا أقرأ الكتب الثقيلة والتاريخية والدينية ، وطلب مني ان اقرأ دواوين الشعر التي كتبتها النساء كي ترق النفس واتعلم كيف اكون طيبا وكلفني ان ابلغ هذه النصيحة للاخرين من كل الجنسيات .

كل المدن لها عشاق من ابنائها ومن غير ابنائها ولكل مدينة نكهة ولكل نكهة لذة ولكل لذة رعشة ، رأيته بام عيني وهوينتفض وهو يذكر الكوفة والبصرة ويذكر حرارة الجو ويمسح عرقه البارد الذي بدا حول انفه كقطرات ندى او كحبات البلور .

وقبل ان ينهي غناءه وقبل ان ينفض مجلس البوح يمم شطر الوطن فحنّ كالراهب وشكا وأنّ له وبكى ثم سلمني قارورة من تراب .

معادلات : حياة – امرأة ووطن =عذاب

عذاب + فقر + خوف = موت

مات من مات وانا بانتظارك تمتد بي الاعمار وسكت كل مافي الليل البهيم ، الا الحب الذي في داخلي فانه مازال يضحك ويبكي ويغني ، ويظل الغناء للمدينة مستمرا .

aabbcde@msn.com

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا