ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

لماذا نعتب عليك يا مصر..؟

سليم راضي - فلسطين

 

هالني -وانا اتابع ما تعرضه القنوات الفضائية حول المجازر البشعة التي تتعرض لها غزة- حجم الهجوم الذي تتعرض له حماس من قبل بعض الفضائيات وبعض المسؤولين الرسميين والاعلاميين المصريين، حتى بدا لي ان حماس هي التي ترتكب المجازر!

من حق النظام المصري ان يشعر بالغضب والضغط الشديد بسبب الانتقادات التي وجهت للقيادة المصرية لمواقفها من العدوان، ولكن على هذا النظام ان يتحمل مسؤولية مواقفه التي يداف عنها ويعتبرها الصواب بعينه.

ويركز المدافعون عن سياسة مصر الرسمية على عدة امور في محاولة للافلات من الانتقاد، فهم يحاولون تصوير كل من ينتقد سياسات مصر الرسمية على انه عدو للشعب المصري، ويحاولون تصوير كل من يتبنى فكر المقاومة –سواء كان مصريا ام غير مصري- على انه ينتمي الى محور التشدد والتهوّر والذي تتزعمه ايران وسوريا وقطر، ويحاولون تصوير ان هذا المحور يستهدف جر مصر الى معركة تفوق قدرتها وكذلك النيل من مكانة ودور مصر التاريخي باعتبارها اكبر دولة عربية وصاحبة الحضور الاقوى في الصراع العربي الاسرائيلي.

اولأ، أؤكد بان جاهلا او جاحدا هو كل من يتهم الشعب المصري بالتخلي عن القضية الفلسطينية، بل ان الشعب المصري يتفوق على كل الشعوب العربية عروبة ومروءة وحمية، ولا اقول هذا من باب المحاملة بل ان الواقع يشهد له بذلك ونرى ونشهد ذلك عبر الفضائيات، وانا لم اسمع –باستثناء بعض العامة- من يهاجم مصر شعبا وحكومة، وانما سمعت من يلوم النظام المصري فقط.

اما لماذا ننتقد الدور المصري الرسمي، فهذا يعود جملة حقائق معلومة للجميع ولا مجال لانكارها، ولان هذا النظام ورط نفسه ووضع نفسه في موضع الشبهة، واول هذه المواقف هو السماح لليفني باعلان الحرب على غزة من وسط القاهرة والى جانب وزير خارجية مصر محمد ابو الغيط، وفي هذا يعطي انطباعا للعالم بان مصر موافقة على هذا العدوان خاصة وان ابو الغيط لم ينطق ولا بكلمة واحدة خلال المؤتمر الصحفي مع ليفني يرد فيها عليها.

والسؤال الذي طرحه اكثر من صحفي ومذيع على المسؤولين المصريين واثار سخطهم وغضبهم وامتنعوا عن الاجابة عليه هو: لو تخيلنا –مجرد تخيل- مسؤولا في حماس يقف الى جانب ابو الغيط في مؤتمر صحفي ويصدر تهديدات باستهداف اسرائيل، ماذا لنا ان نتخيل ما سيكون عليه موقف ابو الغيط حينها، فاما الرد وبكل قوة على هذا المسؤول ومن ثم الطلب منه مغادرة الاراضي المصرية فورا، قطع كل اشكال الاتصالات مع حماس، اعلان براءة مصر من كل ما جاء على لسان المسؤول الحمساوي...الخ.

الموقف الاخر الذي وضعت مصر نفسها فيه هو انها ابلغت المسؤولين في حماس بان اسرائيل لن تقوم باي هجوم عسكري خلال 48 ساعة، مما جعل الحكومة في غزة تواصل عملها بشكل اعتيادي مطمئنة الى هذه المعلومات، وبعد ان وقع العدوان، كان رد ابو الغيط على سؤال الصحفيين عن حقيقة التطمينات المصرية، بالقول ان اسرائيل وجهت تهديدات علنية وان من لا يتابع التهديدات فلا يلومن الا نفسه!!!

اما عن التهدئة ومن يتحمل نتائج انتهائها، فلا حماس ولا غير حماس قد الغى التهدئة، فالتهدئة انتهى امدها في 19/12 وكان هناك حديث عن امكانية تجديدها، ولكن التجربة خلال ستة اشهر جعلت كل اهالي غزة وغالبية الشعب الفلسطيني يرفضون تجديدها، وانا اقول ان مصر تتحمل جزءا من المسؤولية عن عدم تجديد التهدئة، لماذا؟ فمصر لم تعط حماس والفلسطينيين في غزة أي شيء يغريهم بتجديد التهدئة، لقد فشلت مصر في اجبار اسرائيل على الالتزام ببنود التهدئة وخاصة المتعلقة بفتح المعابر وادخال البضائع، حتى انه في افضل ايام التهدئة لم تدخل الكميات المتفق عليها من المواد الغذائية والوقود وغيرها الى غزة، كما ان عمليات الاغتيال لم تتوقف رغم انها انخفضت بشكل كبير ولكن هذا جعل الفلسطينيين يعتقدون ان المطلوب من التهدئة هو وقف كل اشكال المقاومة وفي المقابل تلقي الضربات من الاسرائيليين وتحمّل الجوع والفقر والبرد والظلام.

كما ان موقف عدم تجديد التهدئة لم يكن موقف حماس لوحدها، بل ان الجبهة الشعبية وهي احدى فصائل منظمة التحرير، رفضت ومنذ اليوم الاول هذه التهدئة ولكنها التزمت بها من اجل الخروج بموقف موحد، وكذلك كان حال الجهاد الاسلامي وباقي فصائل المقاومة، فلماذا تلام حماس لوحدها؟ هل لانها صاحبة السلطة على الارض؟ فهل تعترف مصر بشرعية حكومة حماس حتى تحملها مسؤولية أي موقف تتخذه باقي فصائل المقاومة كما كانت اسرائيل تحمل ياسر عرفات مسؤولية كل عمليات المقاومة؟

اما عن محور (ايران –سوريا – قطر) ومحاولة النيل من الدور المصري، فان مصر الرسمية هي التي سمحت للغير بالنيل من دورها، فهي التي رضيت لنفسها بمجرد دور ساعي بريد ينقل الرسائل بين حماس واسرائيل دون ان يكون لها دور في ممارسة الضغط على اسرائيل، وحينما تريد استخدام ثقلها في حل قضية ما فإنها تستسهل ممارسة الضغط على الطرف الاضعف (حماس) بدلا من الطرف الاقوى (اسرائيل) على اعتبار انها (أي مصر) لا تملك أي من ادوات الضغط على اسرائيل، وهذا غير صحيح على الاطلاق، فمصر تمتلك الكثير الكثير من ادوات الضغط على اسرائيل وامريكا.

وعندما نقول ان مصر تمتلك ادوات ضغط كثيرة فاننا بالطبع لا نطلب منها المستحيلات، فلا نطلب منها اعلان الحرب على اسرائيل، ولا حتى تزويد الفلسطينيين بالمال والسلاح، وسأذهب بعيدا لاقول اننا لم نعد نطلب منها قطع علاقاتها مع اسرائيل... فهذه الامور –ورغم انها ممكنة- الا انها ابعد من ان ترى النور على الاقل في المدى المنظور... ان كل ما نريده من مصر اولا موقف رسمي جاد لا يفسره الاسرائيليون على انه ضوء اخضر لضرب المقاومة الفلسطينية، ولن آتي على ذكر التسريبات الصحفية الاسرائيلية التي زعمت ان قادة عربا -وبالتأكيد يقصدون مصر- طلبوا من اسرائيل جز رؤوس حماس، وسأعتبر هذه التسريبات مجرد محاولات لوضع اسافين بين حماس ومصر، وانما اقول ان المواقف الخجولة في الرد السياسي على اسرائيل جعلتها تعتقد ان المصريين راضون تمام الرضى عن حرق غزة.

كما ان هناك ادوات ضغط اخرى تمارسها كل دول العالم عندما تريد الاحتجاج على موقف دولة اخرى، فبإمكان مصر: سحب سفيرها من تل ابيب، تجميد المشاريع الاقتصادية المشتركة، وقف تدفق الغاز المصري المجاني الى اسرائيل، واذا امعنت اسرائيل في عدوانها يمكن الطلب من السفير الاسرائيلي مغادرة القاهرة وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي الى ادنى مستوياته.. ان هذه الاساليب كلها ممكنة في العرف الدبلوماسي، فما فائدة استمرار العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل اذا لم تفلح في الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها؟ وهذه الاساليب مارستها مصر وكثير من الدول العربية فيما بينها سابقا، فلماذا يحرم استخدامها في مواجهة اسرائيل؟ لا اظن ان اسرائيل ستعلن الحرب على مصر اذا سحبت سفيرها من تل ابيب.

لقد سمحت مصر لغيرها بان يقلل من شأنها عندما اختارت لنفسها مسار السلام وهي تحاول بكل قوة لجر باقي العرب المتمنعين على السير خلفها في هذا المسار الذي لم يحقق للعرب حتى الان أي انجاز، وحتى ما كان يقال بان مصر ستستغل علاقتها مع اسرائيل لصالح الفلسطينيين، تبين لاحقا ان 30 عاما من اتفاقة كامب ديفد لم تسعف المصريين في مساعدة الفلسطينيين في بناء دولتهم وليس هناك امل في المستقبل المنظور.

والمشكلة ليس في هذا فحسب، بل ان مصر اخذت بتصنيف كل دولة او منظمة او حركة مقاومة في المنطقة كحزب الله وحماس، على انها تنفذ اجندة ايرانية فارسية، وكأن روح المقاومة لم توجد الا في نفوس الايرانيين والفرس، وان المواطن العربي هو انسان خانع ذليل بطبعه ويقبل بكل ما يعرض عليه، وكأن عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني وجمال عبد الناصر كانوا ينفذون اجندة ايرانية عندما قاوموا اسرائيل وتصدوا لعدوانها!!! واذا كان البعض يحذر من التعاون مع ايران لانها تعمل لتحقيق اجندة خاصة بها في المنطقة، فلا يحاول احد ان يقول لنا ان الارتماء في حضن السلطان الامريكي والاكل من خبزه والضرب بسيفه هو السبيل للتصدي لهذه الاجندة الايرانية، لان ذلك قد يحمينا من "الغول" الايراني ولكنه سيوقعنا في قبضة الغول الامريكي الاسرائيلي. 

لقد دفعت مصر بكل الشعوب المقهورة –ومنها شعب مصر- والتي تتألم لما يحدث من مجازر في فلسطين الى تعليق امالها على ايران ونفض ايديها من مصر ومن حليفاتها في محور "الاعتدال"، وهذا ما يفسر التأييد الجارف الذي يحظى به حزب الله وحماس في الشارع العربي، وكان بامكان مصر ان تتخذ مواقف اقرب –لا اقول مطابقة- الى نبض شعبها والشعب العربي الذي كان في يوم من الايام من المحيط الهادر الى الخليج الثائر يهتف بحياة مصر، وهو يتوق الان لان تستعيد مصر دورها التاريخي هذا.

كان بامكان مصر ان تكون بديلا سنياً عن ايران الشيعية لحركة حماس والجهاد الاسلامي وغيرهم من القوى الاسلامية الرافضة للهيمنة الامريكية، ولكن مصر اختارت مخالفة ايران بالوقوف الى جانب اعداء الامة ضد رغبات وتطلعات الشعوب العربية والاسلامية، وتريد من باقي الدول العربية والقوى والفصائل في المنطقة ان تتبنى نهجها هذا، وهذا ما لن يتحقق لها.

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا