ف |
شعر مترجم |
حسام شحادة - غزة / فلسطين البسطاء في غزة، وهؤلاء الأطفال في شوارع المدنية المتكأة على وجعها، أولئك القادرون حتى هذه اللحظة على التنُّفس في بيوتهم أو كهوفهم على أجمل تعبير، يلفظون كلّ الخطابات والتحليلات العسكرية والسياسية، ولا يعنيهم ما يقولونه على شاشات الفضائيات؛ فهؤلاء السياسيون الذين يذهبون في ممرّات الغموض وفي كلّ الاتجاهات ويحسبون الأشياء بطرائقهم الخاصة والخاصة جداً لا يكترثون كثيراً للدخان الأسود وصرخات الثكلى، وآهات الأطفال في مربع الموت[غزة]، كما أنهم لا يعنيهم ما تحمله الفضائيّات من صُورٍ حقيرة بقدرٍ كافٍ لإهانة الإنسان، فهم على غالبِ الظنّ لا يريدون أن يكونوا مادةً للإعلام المبرمج أو غير المبرمج ولا يطمحون أن يصيروا جسراً لتفاهات السياسين وتجار المرحلة. فأملهم الوحيد أن يخرجوا من حفرة إمتلأت ببقايا أحلامهم "أطفالهم". إن بقايا الأطفال الناجيين من مجازر الموت، قالوا: كنا نلعب ونلهو عندما صبت الطائرات ححم الموت علينا، نعم كانوا "يلعبون"، رغم كلّ هذا الحصار وهذا العدوان "يلعبون" .. في الساحات في الشوارع في مدارس اللجوء الجديدة وعلى أسقف المنازل "يلعبون"، فلم تمنعهم كلّ رائحة البارود المَقيت وقذائف الموت وطائرات الإغتيال من ممارسة حقهم الشرعي والطبيعي والإنساني في اللعب.. قالوا ذلك بوضوح وهم يتحسّسون أطرافهم المبتورة؛ ولكن هؤلاء اللذين يديرون الحرب من سياسيين وتجار وإعلامين لا يكترثون كثيراً لهذه اللغة وهذه الكلمات فهم ينظرون للأشياء بحجم المكاسب السياسية ومقدار الربح والخسارة، ومستوى التفنن في نقل المآسي وإستنطاق كلّ العاطلين عن العمل من محللّيين وسياسيين ليُتلفوا آذاننا بنافل القول وآخر الإنزلاق في متاهات ودهاليز السياسة العالمية والعربية. إدفع يا شعبي أكثر من دمائك والزكية كي يحصد هؤلاء مزيداً من المناصب، مزيداً من القرارات، مزيداً من الشرعية، مزيداً من المواقع الأكثر تقدّماً في التأثير وصناعة القرارت في دهاليز الأمم المتحدة، مزيداً من صناعة الموت في دول اللجوء وتحالفات الإقليم. ولكن إعلم أنّ الدبابات على مداخل المدينة والطائرات في السماء وهؤلاء الجنود الراجلة على طين هذه الأرض، لا يعنيهم سوى شيء واحد أن نموت جهلاً وفقراً وبالتالي وجوداً. إبق على نفسك يا شعبي الأجمل في هذا الكون – وأعلموا أنتم يا من تديرون هذه الحرب بكل الإختلاف الفلسطيني الفلسطيني والعربي العربي، أنكم قتلتم روح الله على الأرض، وأغتلتم أحلام البسطاء، وصنعتم من دموع الأمهات وآهات الأطفال بيانات عقيمة وخطابات هزيلة. غزة لم تعدْ غزة - ونحن هنا نعلم جيداً أن الإنجرار وراء معارككم الدبلوماسية لن يعطي البسطاء على هذه الأرض الطيبة رغيف خبز، ولا تقي أجسادَ الأطفال الطرية قسوة البرد، وتلك الشاحنات المصطفة على أرصفة معبر الموت لن تضيف إلى قاموس اللغة وسلوك الأفراد في هذا المجتمع سوى مزيد من الإتكالية ومزيد من تجرّع الذلّ الذي طالما عاشه الأطفال في معسكرات اللجوء. يا الله مَكّن الطائر الطيني من تجاوز الدخان، فالدوري في هذه البلد لا يملك سوى صدى صوته وقدرته المحدودة على الطيران، يا الله على لسان البسطاء في هذه الأرض الطبية، يا الله في قلوب الأمهات، يا الله في أعين الأطفال، يا الله ستخرج في الغدِ من حنجرة مولود بدلاً من صرخة الميلاد. يا الله الحياة هنا ثقيلة جداً ولا أحد من هؤلاء يعنيه الكثير من أحلام البسطاء وآهات الأطفال. لك الله يا غزة لك الله. Sh_husam@hotmail.com
|
|
|
|