![]() |
شعر مترجم |
إسرائيل تعترف بفشلها عبد الباري عطوان - فلسطين
ن تجتمع الحكومة الاسرائيلية لمناقشة المبادرة الاوروبية بوقف لاطلاق النار لمدة اربع وعشرين ساعة، ناهيك عن القبول بها، فهذا يعني اقرارا بعدم القدرة على تحقيق الاهداف المعلنة من العدوان الحالي على قطاع غزة، مثلما جاء على ألسنة كل من ايهود باراك وزير الدفاع وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية، وابرزها القضاء على المقاومة، وتغيير الاوضاع بشكل نهائي في قطاع غزة، وهو نفس ما حدث في حرب تموز ضد لبنان.
الاتحاد الاوروبي لم يتحرك لانقاذ الفلسطينيين، وانما لانقاذ
نفسه، وأمنه، ومصالحه، ثم بعد ذلك انقاذ اسرائيل نفسها من
نفسها، بعد ان ادرك قادته ان نتائج كارثية ستترتب على هذا
العدوان على المديين القريب والبعيد، في وقت يواجه فيه العالم
الغربي حروبا خاسرة في العراق وافغانستان، وانهيارا اقتصاديا
شاملا، وتنبؤات بموجات من العنف والارهاب.
الغارات الجوية الاسرائيلية لم ترعب فصائل المقاومة، ولم
تدفعها لرفع الرايات البيضاء استسلاما، بل زادتها قوة وصلابة،
فاطلاق الصواريخ لم يتوقف مطلقا، وزاد خطره عندما وصلت هذه
الصواريخ الى بئر السبع وأسدود، وبدأت توقع ضحايا من القتلى
والجرحى في صفوف الاسرائيليين.
القيادة السياسية الاسرائيلية وجدت نفسها امام خيارين: الاول
هو الاستمرار في الغارات الجوية وحدها، حتى بعد استنفاد
مهامها، حيث لم يعد هناك ما يمكن ضربه من اهداف غير اكوام
اللحم الفلسطيني، او الانتقال الى العمليات البرية، واعطاء
الضوء الاخضر للدبابات المحتشدة على تخوم غزة لبدء عملية
الاقتحام. ثانيا: سلطة رام الله هي الخاسر الأكبر بكل المقاييس، فقد ظهرت بمظهر المتواطئ مع العدوان، وتعاملت مع أهل الضفة الغربية كسلطة قمعية، عندما التقت مع الحكومة الاسرائيلية على هدف منع المظاهرات تضامناً مع اشقائهم في قطاع غزة. والأهم من ذلك ان هذه السلطة كانت مهمشة عربياً ودولياً، لا أحد يتصل بها، ودون أن يكون لها أي دور فاعل في الحرب أو التهدئة.
ثالثاً: تعرضت الحكومة المصرية إلى أكبر صفعتين في تاريخها
الأولى من شعب مصر الوطني الشريف الذي تعاطف بملايينه مع
اشقائه في قطاع غزة وخرج بالآلاف في مظاهرات غضب عارمة،
والثانية من الشعوب العربية التي فضحت التواطؤ الرسمي المصري
مع العدوان الاسرائيلي، عندما تدفقت في مسيرات احتجاج إلى
سفارات النظام المصري في عواصمها.
الرئيس المصري حسني مبارك بشّرنا يوم أمس بأنه لن يسمح باعادة
فتح معبر رفح إلا بعد عودة قوات السلطة والمراقبين الأوروبيين،
مؤكداً على عدم استفادته من الوقائع الجديدة التي فرضها الصمود
الفلسطيني على الأرض في الأيام الأربعة الماضية، وربما فيما هو
قادم من أيام. تصريحات الرئيس مبارك هذه تكشف الاستمرار في
التواطؤ، والاصرار على اهانة الشعب المصري، وتقزيم دور مصر،
هذا اذا بقي مثل هذا الدور في ظل سياساته هذه، الامر الذي
يذكرنا بعناد الرئيس الراحل انور السادات في الاشهر الاخيرة من
حكمه. قواعد اللعبة في المنطقة تغيرت فعلا، ولكن في غير مصلحة اسرائيل والغرب المنافق المتواطئ مع عدوانها الذي ساوى بين الجلاد والضحية بتبريره العدوان، وتبنيه للأدبيات الهمجية الاسرائيلية، وسد اذنيه وعينيه عن رؤية ضحايا النازية الاسرائيلية في مستشفيات قطاع غزة من الاطفال الابرياء. هذه المجزرة الاسرائيلية رسخت قيم المقاومة، وانهت عملية سلمية مضللة، ومهدت لصعود جيل جديد من الاستشهاديين، يتحرق شوقا للانتقام لاشقائه وآبائه الذين مزقت اشلاءهم الصواريخ الاسرائيلية. بقي ان نختم بالقول ان هذه الشعوب العربية والاسلامية الشريفة بزئيرها المزلزل في مظاهرات العزة والكرامة ضد العدوان، وشعاراتها المتحدية لتخاذل النظام الرسمي العربي وانحيازه الفاضح للمعتدين، ساهمت بدور كبير في حدوث هذا التغيير، وقلب كل المعادلات التي فرضها الاسرائيليون والامريكيون في شهر عسلهم الموبوء الذي اوشك على نهايته.
|
|
|
![]() |
![]() |
|