مثل قمر نحاسي يسقط في مرايا البياض ولجة الغياب ... يرحل الشاعر محمود درويش تاركاً للشعرية الفلسطينية والعربية والانسانية تراثاً مكتظاً بالايقاع العالي والرؤيا الناجزة .. كيف لا وهو قمّاش اللغة ومروّض خيوطها الجامحة.. برحيله نفتقد روحاً وثّابة، أقل سماتها الانتباه الجمّ.. والتوتر الكامن في زوايا الكلام وحقول القصيدة التي حرص محمود درويش على تعشيبها منذ كرج يافعاً على حفافي البئر الى آخر نظرة رشق بها البلاد باعتباره لاعب النرد والأكثر دربة ودراية بالقوانين الشعرية وسياق الجماليات. من حق معشر الشعراء أن يرفعوا الرثاء إلى أعالي الندب.. ومن حق البلاد أن تشيّع الشجر الثاكل الذي أعول على رحيل سادن الشعر الفلسطيني.. والمنشور الجماعي لبلادنا..
محمود درويش.. نقطة الضوء العليا الشاسعة وجمرة الشعر الواسعة بحجم فلسطين.. وماؤنا الشعري الثقيل الذي أوصل فلسطين الى العالم حرّة ومعافاة وعصية على الانكسار والرضوخ.
إنه محمود درويش الاسم الحركي لفلسطين والمغني الجوّال الذي حاس في المنافي والمغتربات وأسطر حكاية شعبنا العظيم وقال مقولته الأكيدة والناجزة في الدفاع عن الجماليات والسياقات العفية والنقية في الخطاب الثقافي الفلسطيني العربي.
وانفتح بقلب الشاعر على الانسانية ليحقق حضوراً استثنائياً ومختلفاً، فاستحق بجدارة واقتدار أن يكون مغني بلادنا العالية الذاهبة الى أفق الحرية والتحرير
سلام على روحك ايها الشاعر حتى ترضى
سلام عليك يا سيد الوقت
سلام عليك يا صاحب الكلام