ف |
شعر مترجم |
إبداعات الاستبداد العربي ..... نموذج صارخ للأنظمة الكليانية خالد اشطيبات - المغرب *
من ألطف و أعمق ما سمعته عن واقع المشهد السياسي العربي
ما ذكره المفكر المغربي محمد سبيلا في تحليله للحراك
السياسي العربي الراهن من كون الأنظمة العربية تجاوزت
في استبدادها للشعوب كل مستويات الظلم و القهر، و نحت نحو خلق
" إبداعات جديدة " في الاستبداد فاقت كل أشكال
استبداد الأنظمة الكليانية الشمولية ، سماها بطولات
الإستبداد العربي.
و اعتبر محمد سبيلا في مستهل مداخلته بالجامعة الصيفية الخامسة لمنبر الحرية التي انعقدت مابين 16 و 21 يوليوز الجاري بضاية الرومي بالخميسات ، عنونها بالحراك العربي و الانتقال إلى الديمقراطية ، اعتبر أن الخوض في تحليل هذا الحراك العربي مغامرة فكرية غير مأمونة الجوانب ، و أن المنهجية العلمية تفرض الأخذ بالحذر و تعليق الكثير من الأحكام خلافا لمتبني الخطاب النضالي الذي له موقعه ومكانه. ومن أوجه الاحتياط و الحذر المنهجي العلمي اللذان أخدا بها محمد سبيلا عدم إطلاق كلمة ثورة على الحراك العربي الراهن لعدم وجود شروط مكتملة لإطلاق هذه التسمية رغم إطلاقها إعلاميا ، و إن يكن يستطرد سبيلا فعلى الباحث أو الأكاديمي عدم مسايرة هذه التسميات لعدة أسباب تكمن في عدم توفر الشروط الكلاسيكية للثورة من حيث إحداثها تغييرا جذريا في السلطة ووسائل الإنتاج والنموذج الثقافي ، فالثورة تعني إحداث تغييرات كاملة في النظام المرجعي للمجتمع في حين يلاحظ لحد اليوم في العالم العربي هو تغيير رأس السلطة مع الحفاظ على بنياته ، لذا من الإحتياطات المنهجية الابتعاد عن السرد التاريخي أو الحكائي فالمطلوب في نظر سبيلا الانتقال من زمن الوقائع إلى زمن الفكر .
كما تطرق سبيلا إلى مكانة الفاعل التاريخي و ثقافته ( الشباب ) و كذا الآلام التي يعانيها بسبب ظاهرة الإقصاء الممنهج التي مورست ضده في وضع اجتماعي منسد . و أشار محمد سبيلا إلى ظهور تعارض ثقافي و فكري بين الأجيال بدأ يتبلور نحو فكرة وحدة مصير هذه الفئة ، التي اشتركت من حيث المعاناة ، فولد لديها قلقا اجتماعيا ، الأمر الذي أنتج تماثلا ثقافيا تجاوز الحجر السياسي المفروض عليها ، فانبعث الشباب من رماد خيبات التاريخ العربي الحديث و اكتشف قدرات تواصلية جديدة ( الإعلام الإلكتروني ، الفايسبوك ....) شكلت حاملا مهما لمضامين انتفاضته ضد الإستبداد . و في هذا الصدد أشار محمد سبيلا إلى أنه تاريخيا كان دائما هناك توازيا بين الثورات الاجتماعية و الثورات الإلكترونية كارتباط الثورة الروسية بالمذياع و ارتباط الثورة الإيرانية بالكاسيط و غيرها ...
و في مقاربته للعوامل السياسية التي كانت سببا حاسما و مباشرا في تشكل الحراك العربي الراهن ، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية و التحولات الديموغرافية ، ركز سبيلا على الاستبداد السياسي العربي و ارتباطه بشخصية الحكام و الذي أرجعه إلى البنية الأبوية و العائلية للأنظمة السلطوية العربية . ورغم أن الاستبداد العربي ارتبط في فترات تاريخية بانقلابات عسكرية إلا أنه ارتبط بالحنين للدولة السلطانية و التوريث سواء كان نظام الحكم ملكيا أو جمهوريا ، في إشارة إلى محاولة توريث الحكم في سوريا و مصر و تونس و لبيبيا ( النظام جملوكي ).
و أشار المفكر المغربي إلى أن الاستبداد العربي لم يكتف بتضييق الحريات و سلبها و تحقير المواطن العربي و تمريغ كرامته بالتراب بل و تفتقت بوتقته عن إبداعات استبدادية تفوقت على الأساليب التقليدية التاريخية للاستبداد ، سماها سبيلا بطولات الاستبداد العربي ( زنكة زنكة في لييبا ، دخول الجمال لساحة التحرير بمصر ، البلطجية و الشمكارا في جميع البلدان العربية ، وصف الشعوب بالجرذان و المحششين ....الخ ) كما ربط سبيلا تطرف الاستبداد العربي بطبيعة شخصية الحاكم العربي الذي أصيب بمرض جنون العظمة ، فهو مقدس ، و ملك الملوك و السياسي الأول.... تجدر الإشارة إلى أن أشغال الدورة الثالثة للجامعة الصيفية لمنبر الحرية 2011 امتدت طيلة خمسة أيام بمشاركة محاضرين من العالم العربي و أكثر من ثلاثين باحثا من سوريا والجزائر واليمن والسودان ومصر والبحرين والمغرب. وقد حاضر في هذه الدورة التي حملت شعار "المتغيرات الإقليمية الراهنة ومستقبل العالم العربي : مقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية " كل من الفيلسوف والمفكر المغربي محمد سبيلا و الأستاذ الجامعي إدريس لكريني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش ، والخبير الاقتصادي نوح الهرموزي و الباحث السوسيولوجي عزيز مشواط و الأكاديمي المصري عزمي عاشور بالإضافة إلى التونسية آمال قرامي.
------------------- * صحفي بإذاعة طنجة . المغرب أستاذ لمادة الإعلام الإذاعي بأحد المعاهد الصحفية الخاصة عضو بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية مهتم بقضايا الإعلام والمجتمع مهتم بقضايا تكنولوجيا الإعلام و الاتصال
Comments 发表评论
Commentaires تعليقات |
|
|
|