ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

 

إن صلح الرأس صلح الجسد الصين 2

توفيق راضى - مصر

 

وقد صاحب فترة ما بعد اتصال الغرب بالصين فترة من الجفاف والسيول والمجاعات أهملت فيها الحكومة البنية الأساسية مما أدى الى انتشار الفقر والمعاناة وأدى فى النهاية إلى قيام ثورة مدمرة ذات طابع دينى عرفت باسم  انتفاضة (تاى بينج 太平   Taiping) او "السلام العظيم" وقد بدأت هذة الثورة من عام 1851 وانتهت عام 1864 أى أنها صاحبت حرب الأفيون الثانية وقام بها مدرس فى قرية صغيرة يسمى هونج سيو تشوان Hong Xiuquan (洪秀全1814-64) قدم مفهوما دينيا جديدا وخلط فيه بين تعاليم ديانات ما قبل الكونفشوسية وتعاليم المسيحية البروتستانتية وسرعان تبعة الآلاف نظرا لسوء الحالة الاقتصادية وتطلع الصينيين لحل للمعاناة التى يعيشونها وأعلن هونج قيام مملكة السلام العظيم (太平天国  Taiping Tianguo) ونصب نفسة ملكا لها وادعى بأنه اخو السيد المسيح عليه السلام وأنه يحكم بتفويض إلهى وامتدت مملكته من مدينة تيان جينج شمالا حتى العاصمة القديمة للصين نان جينج ومات بسببها أكثر من 30 مليون صينياً وخلفت الدمار فى كل مكان امتدت فيه وانتهت بمقتل هونج فى 1864.

 

بعد انتهاء حرب الافيون وفى السنوات الاخيرة لثورة التاى بينج بدأت الصين بحركة اصلاح تميزت بمحاولة التوفيق بين القديم وبين ما تم اكتسابه من علوم الغرب وعرفت الحركة تحت اسم حركة تقوية النفس او (Self Strength Movement)  وفى نفس الوقت بدأ الغرب فى السيطرة على الممالك المحيطة بالصين والتى كانت خاضعة للصين وتدفع لها جزية وبحلول سنة 1864 استولت فرنسا على جزء من فيتنام ووضعت كمبوديا تحت الحماية الفرنسية وبحلول سنة 1885 استولت على بقية فيتنام اما البريطانيين فقد استولوا على بورما وقام الروس بالسيطرة على تركستان اما اليابان والتى اصبحت قوة عالمية فقد هزمت الصين فى حرب امتدت من سنة 1894 الى سنة 1895 وانتهت بتوقيع معاهدة شيم اونو سيكى (Shimonoseki) التى اجبرت الصين على التنازل لها عن جزيرتى فورموزا (تايوان حاليا) و بينج هو (PengHu) ودفع غرامة ضخمة والسماح بقيام صناعات يابانية باربع موانى والاعتراف بسيطرة اليابان على كوريا وفى عام 1898 حصل البريطانيون على حق تأجير المناطق الجديدة (New Territories) لمدة 99 عام مما ادى الى زيادة ضخمة فى مساحة مستعمرتها بهونج كونج.

 

وفى عام 1899 اقترحت امريكا والتى لم تطالب باى مناطق خاصة بها فى الصين سياسة انفتاح تعطى كافة الاجانب نفس الحقوق فى الصين فى مناطق سيطرة الاجانب وقد وافقت كل الدول التى لها مناطق نفوذ بالصين على ذلك إلا روسيا.

 

شهد عام 1898 محاولة من الامبراطور الصينى القيام ببعض الاصلاحات والتى لم تلاقِ القبول لدى المحافظين فى البلاط وأدت الى قيام ثورة الملاكمين ( Yihetuan  or Society of Righteousness and Harmony. ) او جماعة الحق والتوافق وهاجم الملاكمين مراكز التبشير الدينية المسيحية فى الصين وقتلوا الكثير من الصينين المسيحيين وفى يونيو 1900 قاموا بالاستيلاء على مقار الارساليات الاجنبية ببكين وتيان جين مما ادى الى قيام الدول صاحبة الارساليات بارسال حملات عسكرية لنجدة ارسالياتهم وتحت ضغط من المحافظين بالبلاط اعلن الامبراطور الصينى الحرب ضد هذة الحملات التى الحقت هزيمة سهلة بالقوات الصينية واحتلت شمال الصين والتى نتج عنها توقيع بروتوكول 1901 والذى بمقتضاه تم إعدام عشرة من كبار رجال الدولة ومعاقبة مئات آخرين كما تم إعدام ما تبقى من الملاكمين ونص ايضا على زيادة مساحة الارض الممنوحة للارساليات واجبار الصين على دفع تكلفة الحرب وبقاء قوات اجنبية بالصين وإزالة عدة تحصينات صينية.

 

شهد العقد التالى محاولات تحديث واصلاح من جانب البلاط مماثل لتحديث اليابان فى عدة مجالات وبدأت الحكومة فى إرسال البعثات العلمية الى شتى الاقطار وخاصة اليابان وكانت الاصلاحات ذات طموحات عالية لم يستطع البلاط تنفيذها وإن استمرت اثار هذة الاصلاحات خاصة العسكرية منها فى التأثير على الصين لعقود طويلة قادمة تأثير سلبى فقد أدت الى ظهور العديد من قادة الكتائب العسكرية (War Lords) ومرور الصين بفترة عدم استقرار نتيجة التناحر الدموى بين هذه الكتائب.

 

فى عام 1905 اسس الدكتور سان يات سن (Sun Yat Sen ) والذى يعتبر ابو الصين الحديثة العصبة المتحدة فى طوكيو ودارت مبادئ الدكتور سن حول نقاط ثلاث وهى الوطنية والديمقراطية ومعيشة الشعب فمن خلال الوطنية طالب الدكتور سن بإنهاء النظام الامبراطورى وطرد الحكام الاجانب (جاءت اخر اسرة حاكمة للصين من منشوريا)  وطالب بانتخاب حاكم الصين باسلوب ديمقراطى اما معيشة الشعب فكان يمثل نظام اشتراكى يعدل القوانين ليسمح للمواطن العادى بملكية وسائل انتاج وفى 10 اكتوبر 1911 بدأت ثورة للمطالبة بنظام حكم رئاسى من محافظة خو بي (湖北Hu Bei)  وبنهاية نوفمبر أعلنت 15 من 24 محافظة الانفصال عن حكومة الإمبراطور وفى 1 يناير 1912 تم تنصيب دكتور سن كأول رئيس للمناطق التابعة له فى مدينة نان جينج ولتفادى إراقة الدماء وافق دكتور سن على توحيد الصين فى جمهورية يرأسها قائد الجيش الإمبراطورى يوان شى كاى (Yuan Shikai) والذى كان الحاكم الفعلى للامبراطورية وتم تنحية الإمبراطور الطفل بو ييب وتنصيب يوان كرئيس للصين فى 12 فبراير 1912.

 

خضعت الصين لحكم المليشيات المتناحرة وانتهت الى حكومة تخضع  لتحالف رؤساء المليشيات بعد موت يوان فى يونيو 1916  وخلال الحرب العالمية الاولى حاربت اليابان بجانب الحلفاء وقامت بالإستيلاء على الممتلكات الالمانية بمحافظة شان دونج (山东) وقدمت للحكومة الصينية مطالب سميت "بالواحد وعشرين مطلب" والتى رفضت الصين بعضها وان سمحت لليابانيين بالاحتفاظ بالارض التى استولوا عليها بشان دونج وبتبعية جنوب منشوريا وشرق منجوليا الوسطى لهم وباتصالات سرية وافقت كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا على المطالب اليابانية مقابل هجوم اليابان على الأسطول الالمانى.

 

وفى سنة 1917 اعلنت الصين الحرب على المانيا أملا فى استرجاع محافظة شان دونج من اليابانيين ولكنها وقعت اتفاقاً سرياً سنة 1918 توافق بمقتضاه على مطالب اليابان وتم كشف هذا الاتفاق السرى بمؤتمر إنهاء الحرب الاولى بباريس سنة 1919 والذى اعترف بأحقية اليابان فى محافظة شان دونج مما أدى الى مظاهرات ضخمة للطلبة الصينيين التابعين لحركة الثقافة الجديدة (New Culture Movement) بطوكيو فى 4 مايو 1919 وظهور حركة الرابع من مايو وبدأ الطلبة فى العودة الى الصين ونشر الأفكار الجديدة بين الشعب والتى تراوحت بين التغريب والشيوعية ونظرا لفساد حكومة رؤساء المليشيات قام دكتور سن بإعادة تنظيم حزب الكومندنج (الحزب الوطنى 国 民 党) واصبح رئيساً لحكومة جمعت مليشيات جنوب الصين وحاول التوحيد بين الشمال والجنوب ولكن تمزق تحالف ميلشيات الجنوب ادى الى هروبه الى شنجهاى ومحاولته استمالة الغرب الديمقراطى لمساعدته فى توحيد الصين والتى قوبلت بالإهمال من جانب الغرب مما دعاه الى الاتصال بالاتحاد السوفيتى الوليد والتعاون معه ومع الحزب الشيوعى الصينى.

 

خلف دكتور سن  والذى توفى فى مارس 1925 بمرض السرطان تشيانج كاى شيك (Chiang Kai-shek) ولكن ظهر انشقاق فى صفوف الحزب بين اليمين والشيوعيين وبعد محاولة فاشلة لاختطافه فى مارس 1926 طرد تشيانج مستشاره السوفييتى وحد من ترقى الشيوعيين وخاصة ذوى العضوية المزدوجة بالحزب الوطنى وبالحزب الشيوعى فى الوظائف العليا للحزب الوطنى وبدأ بحملة على الشمال لتوحيد الصين فى  يوليو 1926 بدأت من مدينة جوانجزو والتى استطاعت ضم نصف الصين فى خلال 9 اشهر طالب السوفييت خلالها من الشيوعيين بعدم اثارة قلاقل على امل الا يخسروا الحزب الوطنى ولكن فى اوائل 1927 حدث انشقاق نتج عنه سيطرة الشيوعيين على مدينة وو هان وجعلوها محافظة لهم واعلن الجناح اليمينى بقيادة تشيانج مدينة نان جينج عاصمة لهم بجانب بكين وحدث صراع طويل بين الحزبين انتهى بانتصار الشيوعيين فى سنة 1949 وخروج الكوميندنج الى جزيرة فرموزا وتأسيس حمهورية الصين الوطنية (تايوان) بها.

 

خلال فترة الصراع بين الحزبين احكمت الدول الاجنبية وخاصة اليابان قبضتها على الصين ففى سبتمبر 1931 استغلت القوات اليابانية هجوماً على السكة الحديدية بمدينة موكدن (Mukden) (شن يانج حاليا) وبدأت بمهاجمة القوات الصينية واستولت على كل منشوريا بدون أوامر أو موافقة الحكومة اليابانية والتى اوقفت الحرب بضغط من عصبة الامم ووعدت بإعادة منشوريا للصين، وعد لم تنفذه بل أقامت دولة منشوكو على ارض منشوريا وقامت بتنصيب اخر امبراطور صينى "بو ين" ذي الأصل المنشورى كإمبراطور لها.

 

وبالرغم من حالة الغضب التى سادت الصين الا ان الحزب الحاكم الجومندنج كان مشغولا بالقضاء على الشيوعيين ولم يوجه قواته الى المحتلين اليابانيين الا بعد عصيان قوات الحزب المطرودة من منشوريا فى ديسمبر 1936 بمدينة سي-ان (西安) اقدم عاصمة للصين المتحدة والتى احتجزت رئيس الحزب تشيانج لعدة ايام حتى وافق على التعاون مع الشيوعيين وتوجيه قوات مشتركة لمحاربه اليابانيين وبدأت الحرب الفعلية بين الصين واليابان بعد حادثة كوبرى مارك بولو الشهيرة حيث ادعت القوات اليابانية حدوث تبادل نيران بينها وبين القوات الصينية استغلته اليابان لاحتلال بكين ومدينة تاين جينج فى يوليو 1937 ويعتبر الكثير من المؤرخين الصينيين ان هذا التاريخ هو بداية الحرب العالمية الثانية بالمحيط الهادى ورفض تشيانج شروط السلام اليابانية واستمر فى الحرب التى كانت لصالح اليابانيين والذين قاموا باحتلال كل من شنجهاى وجوانزو وحتى عاصمة الحزب الوطنى، مدينة نان جنج، فى ديسمبر 1937.

 

وتحتاج المذابح والفظائع والاغتصابات التى ارتكبتها القوات اليبانية  فى نان جنج لوقفة حيث فاقت فى وحشيتها كافة المقاييس فقد تم قتل اكثر من 300 الف من اهلها البالغ عددهم 600 الف فى خلال ستة اسابيع ومما يحكى ان قائد القوات اليابانية تسلم سيف جديد فقام بقتل 5 صينيين به لتجربته كما اطلق قائد احدى الوحدات اليابانية النار على جثة رضيع مسلم حينما اصر المسلمون على عدم الالتزام بحظر التجول والذهاب لدفن الطفل الرضيع بعد موته ميتة طبيعية والحديث عما تم ارتكابه خلال الستة اسابيع من مسابقات فى قتل الصينيين واجبارهم على حفر قبورهم ودفن بعضهم البعض احياء واجبار صغيرات السن على الدعارة للقوات اليابانية فيما يسمى نساء الراحة يحتاج الى مجلد وليست فقرة فى مقال كما قام اليابانيون بإقامة معمل للسلاح البيولوجى وتجربته على الصينيين ثم القيام بتشريحهم احياء لدراسة تأثير هذة الاسلحة على البشر.

 

وبالرغم من الانتصارات اليابانية بدأ الاختلاف بين الحزب الشيوعى والحزب الوطنى وعادت الحرب الاهلية بينهما سنة 1940 حتى انتصر الحزب الشيوعى سنة 1949 بقيادة الرئيس ماو دزى دونج (ما وتسى تونج) واقام جمهورية الصين الشعبية وحرر الحزب الشيوعى الصين من النفوذ والتواجد الاجنبى كما حافظ على وحدة الصين التى خطط الغرب لتقسيمها الى دولتين واحدة فى الشمال والثانية فى الجنوب ولكن تميز الحكم الشيوعى ايضا ببعض الكوارث منها ما يسمى بالخطوة العظيمة الى الامام (Great Leap Forward ) وهى الخطة الخمسية الثانية من سنة 1959 الى سنة 1963 والتى كان من اهدافها زيادة الانتاج والتحديث ونتج عن فشلها وفاة ما يقرب من 20 مليون صينى من الجوع منهم 9 مليون سنة 1960 وحدها تلاها الثورة الثقافية من 1966 الى 1976 والتى ادت الى فوضى عارمة واضاعت جيل كامل فى هرطقات الايديولوجيات وهبطت بالانتاجية 12%.

 

ولم تفق الصين وتتحول الى العملاق الذى نراه الان الا بعد وصول المهندس جان جيا منج الى الحكم وادارة الصين بعقلية هندسية مبرمجة (بكسر الميم الثانية) واقعية تخطط طبقا للواقع وليس للاحلام والتمنيات وتعمل للحصول على افضل النتائج فى حدود الإمكانات المتاحة وتوفير إمكانات إقامة ونمو مشاريع اقتصادية جديدة وتشجيعها وشهدت الصين فى عصره نقلة جبارة اعتمدت على عمل شاق وجهد دءوب من الصينيين وليس أحلاماً وتمنيات وفهلوة وبدأ فى محاربة الفساد الذى كان مستشرياً فى كل مجال وترك الرئيس جيانج الحكم سنة 2003.

 

وتلاه الرئيس الحالى خو جين تاو والذى مر من عهده 4 سنوات شهدت خلالها الصين محاولات جادة للقضاء على الفساد واطلاق مركبتى فضاء تحتوى الاولى على رجل فضاء والثانية على اثنين اعتمادا على تكنولوجيا صينية ولا اود التحدث عن انجازات الرئيس خو حيث انه مازال بالحكم.

 

وأعلم أن الموضوع طويل وحاولت اختصاره بكل جهد ولم يكن من الممكن اختصاره أكثر من ذلك ولمن يتساءل لماذا لم يحدث لنا تقدم فى مصر بالرغم من أن رئيس وزرائنا دكتور مهندس فى الاتصالات أود أن أقول إنه يخضع لعصابة الستة وليس له سيطرة حقيقية على الوزارات السيادية ويكفى أنه عندما أراد وزير الثقافة الاستقالة بعد أحداث بنى سويف قدم استقالته إلى رئيس الجمهورية وليس إلى رئيسه المباشر "رئيس الوزراء".

وحفظ الله مصر

 

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا