 من
رسم الخطوط حول الدول؟
فاطمة ناعوت - مصر
في
إحدى المدارس الأميركية طلبتِ المعلمةُ من الأطفال المسيحيين أن يوجهوا
رسائل إلى الرب في الكريسماس. يسألونه عن أحلامهم وأمنياتهم. أو يوجهون
إليه أسئلة مما يخفق الأبوان والمعلمون في الإجابة عنها. وفي حين بدت بعض
الرسائل طفولية شديدة البراءة، وبعضها جاء ضاحكا عابثا، بدت أخرى عميقةً
ماكرة شديدة الإيغال الإشكاليّ والفلسفي، بل والسياسيّ أيضا. ولا عجب،
فالجهل يفتح مدارك الإنسان نحو أقصى مدارج السؤال، عكس المعرفة التي تحدّ
رؤانا بسقف الممكن والمنطق، فتنخفض هامةُ الأسئلة لتنضوي تحت خيمة المعلوم
من الحياة بالضرورة. وحين قال النفّري ''الجهل عمود الطمأنينة''، أظنه
لم يعن فقط أن عدم المعرفة تريح بالك من التفكير في إجابات لأسئلة الوجود
الكبرى ومن ثم تطمئن وتنام، على عكس ما يَأْرقُ الفلاسفةُ والعلماءُ،
فيخاصمهم النوم وتنأى عنهم الراحة، بل أظنه قصد أيضا أن المعرفة تحدّ من
أسئلتك وتقصّ من شطحاتها لأنك مقيّد بالنظرية ومكبّلٌ بالقانون. فلم يعد
ممكنا أن تسأل (الآن) لماذا تدور الأرض عكس اتجاه عقارب الساعة؟ ولماذا
ينير القمر ليلا؟ ولماذا تبدو السماء زرقاء؟ ولماذا تسقط الثمرة من
الشجرة بدلا من أن تطير؟ لكن مَن يجهل يحق له أن يسأل ''مطمئنًا'' عمّا
يشاء وقتما يشاء وعلى النحو الذي يشاء. لأنه يمتلك شيئا ثمينا يُفقدنا
العلمُ إياه. الدهشة. والدهشةُ أصلُ الفرح ومصدر الإبداع الأكبر. لذلك
الأطفال مبدعون كبار في أسئلتهم وفي رسومهم وفي ركضهم وراء فراشة أو ضفدع.
هنا بعض هذه الرسائل ترجمتُها إذ أراها قطعا من الشعر الصافي. عزيزي
الرب، مَن رسم على الخريطة هذه الخطوط حول الدول؟ نان - بدلا من أن
تجعل الناس يموتون، ثم تضطر لصناعة بشر جديدين، لماذا لا تحتفظ وحسب بهؤلاء
الذين صنعتهم بالفعل؟ جين - في المدرسة يخبروننا أنك تفعل كلّ شيء. مَن
الذي يقوم بمهامك يوم إجازتك؟ جين - هل أنت فعلا غير مرئي، أم أن هذه
حيلة أو لعبة؟ لاكي - هل فعلا كنت تقصد أن تكون الزرافة هكذا، أم حدث
ذلك نتيجة خطأ ما؟ نورما - هل حقا تعني ما قلته: رد للآخرين ما أعطوك
إياه؟ لأنك لو تعني ذلك فسوف أركل أخي. دارتا - ماذا يعني أنك ربٌّ
غيور؟ كنتُ أظنُّ أن لديك كل شيء. جين - شكرا على أخي المولود الذي
وهبتنا إياه أمس، لكن صلواتي لك كانت بخصوص جرو! هل حدث خطأ ما؟ جويس -
لقد أمطرتْ طيلة الإجارة. وجنّ جنون أبي! فقال بعض الكلمات عنك مما ينبغي
ألا يقولها الناس، لكنني أرجو ألا تؤذيه بسبب ذلك على كل حال. صديقك..
(عفوا لن أخبرك عن اسمي) - لماذا مدرسة الكنيسة يوم الأحد؟ كنت أظنُّ أن
الأحد هو يوم إجازتنا. توم ل - من فضلك أرسلْ لي حصانا صغيرا. ولاحظ أني
لم أسألك أيّ شيء من قبل، وتستطيع التأكد من ذلك بالرجوع إلى دفاترك. بروس
- إذا أعطيتني المصباح السحري مثل علاء الدين، سوف أعطيك بالمقابل أي شيء
تطلبه، ما عدا فلوسي ولعبة الشطرنج خاصتي. رفائيل - ربما قابيل وهابيل
لما يكونا ليقتلا بعضهما البعض جدا لو أن أباهما أعطى لكل منهما غرفة
مستقلة. جربنا ذلك ونفع هذا الأمر مع شقيقي. لاري - ليس عليك أن تقلق
عليّ كثيرا. فأنا أنظر للجهتين دائما حين أعبر الطريق. دين - أظن أن
دبّاسة الأوراق هي أحد أعظم اختراعاتك. روث م. - أفكر فيك أحيانا، حتى
حين لا أكون في الصلاة. إيليوت - أراهن أن ليس بوسعك أن تحب جميع البشر
في العالم. يوجد أربعة فقط في أسرتي ولم أستطع أن أفعل ذلك. نان - بين
كل البشر الذين عملوا من أجلك، أحبُّ أكثرهم نوح وداود. روب - إذا
شاهدتني يوم الأحد في الكنيسة، سوف أريك حذائي الجديد. ميكي دي - أود أن
أعيش 009 عام مثل ذلك الرجل في الإنجيل. مع حبي، كريس - قرأتُ أن توماس
إديسون اخترع اللمبة. وفي المدرسة يقولون إنك من صنع النور. أراهن أنه سرق
فكرتك. المخلصة، دونّا - الأشرار سخروا من نوح: ''تصنع سفينةً فوق الأرض
الجافة أيها الأحمق!'' لكنه كان ذكيًّا، كان ملتصقا بك. هذا ما سوف أفعله
أيضا. إيدين - لا أعتقد أن ثمة من يمكن أن يكون ربًّا أفضل منك. حسنا،
فقط أريدك أن تعرف أنني لا أقول ذلك لأنك أنت الربُّ بالفعل. تشارلز -
لم أكن أصدق أن اللون البرتقالي يمكن أن يتماشى جماليا مع اللون الأرجواني،
حتى شاهدت غروب الشمس الذي صنعتًه يوم الثلثاء. كم كان ذلك جميلا. إيوجين |