في اوائل يناير 2005 كتب أحد قادة الحزب الشيوعي في اسرائيل
مقالا هجوميا حادا ضد فكرة الخدمة المدنية ( القومية )
المقال أذهلني ، خاصة واني كنت أعرف ثلاث شابات عربيات تطوعن للخدمة
الوطنية - المدنية في مدرسة في الناصرة .وكنت على اطلاع حول تطوع عدد من
الشباب والشابات الآخرين للخدمة في أحد مستشفيات الناصرة .
احاديثي مع الشابات في المدرسة ، حول عملهن التطوعي ، أعطاني صورة ايجابية
جدا لكل موضوع الخدمة المدنية . تحدثن عن الشروط التي يتلقينها اثناء فترة
التطوع وبعدها ، كجزء من الحقوق دون أي التزام بواجبات ما. تحدثن عن البهجة
الروحية التي انكشفت امامهن في فترة التطوع وبعدها ، وعن التجربة في حياة
التعليم وحياة المجتمع وعن شعورهن بأن سنة الخدمة التطوعية تحولهن الى
اشخاص أكثر احساسا لمشاكل وسطهن السكاني ، وتعمق تجربتهن الاجتماعية ،
وتمدهن بالوعي العام ، وتوسع فهمهن لعالمهن وتثري شخصياتهن.
وكنت قد بدأت أفكر بكتابة مقال تقدير واشادة بالشباب والشابات الذين
تطوعوا لخدمة مجتمعهم في مجالات مختلفة.
الهجوم الحاد للقائد الشيوعي ضد الخدمة المدنية أجبرتني على كتابة
مقال أرد فيه على تحريضه غير المبرر ، وضد وضع سياسة عمياء ومغلقة ، وبعيدة
عن الواقع ، وتتجاهل نص مشروع الخدمة المدنية ، وتزور الحقيقة.
في مقالي طلبت من الحزب الشيوعي ، ومن سائر الأجسام السياسية العربية عدم
اتخاذ خطوات رفض أعمى قبل دراسة المواد بشكل دقيق ، واجراء بحث جاد حول
مشروع الخطة المقترحة واسقاطاتها المختلفة على المجتمع العربي في اسرائيل ،
بل وضرورة اللقاء مع الجسم الذي يعمل على صياغة خطة الخدمة التطوعية ( لجنة
عبري )، وفهم الهدف بشكل واضح وحقيقي .
منطلقي كان ان كل مجتمع مدني يحتاج الى خدمات مدنية تطوعية في مؤسساته، وان
الحزب الشيوعي كقوة سياسية مركزية في الوسط العربي ، يتحمل مسؤولية أكبر من
غيره بأن يتصرف بفهم عميق من أجل التقدم الاجتماعي وتطوير مجتمع مدني متنور
، متسامح وغير منقسم وغير مغلق بشكل يحوله الى دفيئة
للأصولية الدينية.
كانت رؤيتي ان آلية الخدمة المدنية التطوعية هي اداة ممتازة اذا عرفنا كيف
نستغلها لمصلحة مجتمعنا العربي في اسرائيل .
من الواضح ان صوتي كان صرخة بين طرشان.
انا على معرفة منذ سنوات ، ان سياسة التنظيمات السياسية العربية في اسرائيل
، هي لأسفي الشديد ، سياسة رفض لكل اقتراح مصدره المؤسسة الحاكمة ، حتى لو
كان فيها تفضيل اصلاحي للوسط العربي ، وكنا شهودا لعدة مواقف رفضية غير
مسؤولة .
توصلت الى نتيجة مضحكة على العموم ، بأن القيادات العربية في اسرائيل
غير موافقة على الغاء الأضطهاد والتمييز . وأن هدفهم الحفاظ على الوضع
القائم.
لم أجئ لأدافع عن سياسات حكومات اسرائيل ، انما انا اواصل نضالي من أجل
المساواة الكاملة في الحقوق المدنية ، ومن هنا أرى أن الخدمة المدنية هي
جزء من الحقوق التي يحصل عليها المجتمع العربي .
من الضروري احداث تغيير سياسي وفكري في المجتمع العربي ، تغيير يقودنا الى
المشاركة
الكاملة في نهضة وعوائد المجتمع الاسرائيلي ، وأن لا نظل أقلية محكومة
ومضطهدة.