الـــوداع
حان حرماني و ناداني النذير
ما الذي
أعددتُ لي قبل المسير؟
زمني ضاع و ما أنصفتني
زاديَ
الأول كالزاد الأخير
ريُّ عمري من أكاذيب المُنى
و
طعامي من عفافٍ و ضمير
حان حرماني فدعني يا حبيبي
هذه الجنة ليست من نصيبي
و أنا إلفك في ظل الصبا
و
الشباب الغضِّ و العمر القشيبِ
أنزل الربوةَ ضيفاً
عابرا
ثم أمضي عنك كالطير الغريبِ
لِمَ يا هاجِرُ
أصبحتَ رحيما
و الحنان الجمُّ و الرقةُ فيما؟
لِمَ تسقينيَ من شهدِ الرضا
و تلاقيني عطوفاً و كريما؟
كلُّ شيء صار مُرَّاً في فمي
بعدما أصبحتُ بالدنيا
عليما
آه مَن يأخذ عمري كلَّهُ
و يُعيدُ الطفلَ و
الجهلَ القديما؟
هل رأى الحب سكارى مثلنا
كم بنينا
من خيالٍ حولنا
و مشينا في طريقٍ مقمرٍ
تثبُ الفرحةُ
فيهِ قبلنا
و تطلَّعنا إلى أنجمِهِ
فتهاوينَ و
أصبحْنَ لنا
و ضحكنا ضحكَ طفلينِ معاً
و عَدَوْنا
فسَبَقْنا ظلَّنا
و انتبهنا بعدما زال الرحيق
و
أفقنا. ليت أنَّا لا نفيق
يقظةٌ طاحت بأحلامِ الكرى
و تولَّى الليلُ, و الليلُ صديق
و إذا النورُ نذيرٌ
طالعٌ
و إذا الفجرُ مُطِلٌّ كالحريق
و إذا الدنيا
كما نعرفُها
و إذا الأحبابُ كلٌّ في طريق
هاتِ
أسعدني و دعني أُسعدُك
قد دنا بعد التنائي موردُك
فأذقنيهِ فإني ذاهبٌ
لا غدي يُرجى, و لا يُرجي غدُك
وا بلائي من لياليَّ التي
قرَّبَتْ حَيْني و راحت
تُبعدُك
لا تدَعْني للَّيالي فغداً
تجرحُ الفُرقةُ
ما تأسو يدُك
أزف البين و قد حان الذهاب
هذه اللحظة
قُدَّتْ من عذاب
أزف البَيْنُ, و هل كان النَّوى
يا
حبيبي غير أن أُغلقَ باب
مضتِ الشمسُ فأمسيتُ و قد
أُغلقَتْ دونيَ أبوابُ السحاب
و تلفَّتُّ على آثارها
أسألُ الليلَ و مَنْ لي بالجواب؟