لم يكن في جعبتي غير شموع ٍو أغان ِ
عندمـا جئتك ،يـا طيبةُ ،تحدوني المقاديـرُ
لأُلقي جسـدي المتعـبَ فـي بعض ديارِكْ...
كنـتُ أسلمتُ البقايـا من نقودي
لصبي ٍ جائع ٍ أبصرتـه ملـقى على الدرب ِ،
ولـم أعبأ بـما سوف يـكون...
فبساتينكِ ،يـا طيـبةُ ،لا يـعدِمُ فيها
العندليـبْ
دوحة ً تحضنه عند المسـاءْ...
هكذا صوّر لـي وهمي ، ففـي طيبة كان الناسُ
فـي الماضي يـحبون الغنـاءْ!...
وعلى بابـك واجهتُ السؤالْ...
كنـت أدري أنَّهُ آت فأعددت له نفسي طـويلاَ ،
وطلبـتُ العلمَ في الصين ِ ..فسـارعت أجيب
"إنه الإنسانُ.."
وانداحـتْ على وجـه "أبي الهـول" ابتسامـه
مـلؤها الاشفاقُ والهـزءُ..
"ولـكنْ كان هذا من زمـانْ،
أيـها الآتي الغـريبْ!...
لم يَعدِ هـذا جوازاً للمـرور..."
لم يكـنْ وحشـاً مخيـفاً –مثلما تروي الأساطيرُ-
ولـكن كائناً فظ التـقاطيعِ ،
لـه سيـماءُ تـاجرْ
وعلى سترته أوسمة ٌشتى، بـدا لي
أنها من ورقٍ زاهٍ ملوَّنْ...
وبـحزمٍ صاح بي أن أفسـح الدرب لزائـرْ
جـاء في مركبـة ذات ستائـر!...
وعلى أبوابـك السبـعة ، يـا طيـبة ُ، كررتُ
الإجـابه
وتـلقيتُ ابتسامـات رثاءٍ و ازدراءْ،
وتـكوّرتُ على قـارعة الدربِ ،..
وحـيداً في المـساء
وتذكـرتُ حماقاتـي ،
وغنيـتُ لنفسـي بكآبه!....
آه كـم يحـزنني أن شموعي ، يـا مدينه
هي أوهى شـعلةً من أن تضئ
ليـلك المـرخى على عـهرٍ وزيـفٍ وعـفونه !...
* كُتبت هذه القصيدة في عام
1972 وهي من مجموعة (أوراق مهملة)