تهويمة صوفية
فدوى طوقان -
فلسطين
[ إلى
الصوت الحنون المتواجد، الذي ينبعث مع كل فجر هاتفًا: (سبحان فالق
الإصباح) فيهز أعماقي ويغرق روحي في نشوة سماوية ].
أي لحن مسلسلٍ رقراق راح ينساب في مدى الآفاقِ
|
أيقظ الكون حين منبثق الفجر على غمرةٍ من الأشواقِ
|
وإذا الحب ملء هذا الوجود الرحب يسري في روعة وانطلاقِ
|
وإذا الكائنات يغرقها الوجد الإِلهيّ في سنى الإشراقِ!
|
السموات من حنينٍ ووجدٍ خاشعات خلف الغيوم الرقاقِ
|
والجبال الشمّاء تشخص نحو الله سكرى في ذهلة المشتاقِ
|
وندى الفجر في الرياض الحوالي
|
أدمع الشوق رقرقت في المآقي
|
كلّ ما في الوجود من روعة اسم الله في نشوةٍ وفي استغراقِ!
|
***
أي لحن مخلّد سرمديّ من لحون الآزال والآبادِ
|
أي لحن قد صيّر الكون أغرودة حب رخيمة الإنشادِ
|
يا لهذا النشيد تنطلق الأرواح فيه من ربقة الأجسادِ
|
يا لهذا النشيد يوغل في أعماق ذاتي محطّمًا أصفادي
|
يا لقيدي الأرضيّ يسحقه اللحن ويذروه حفنةً من رمادِ
|
وإذا الروح في تجرده يسمو مشعًّا كالكوكب الوقّادِ
|
عانق اللحن مصعدًا وتوارى يتخطى شواسعَ الأبعادِ
|
غارقًا في صفائه، قد تغشّته غواشي غيبوبةٍ وامتدادِ
|
***
كلَّما رنّ في السكون صدى تسبيحة الله رائع الترديدِ
|
وسرت في الأثير أنغامها الطهر وأوغلن في الفضاء البعيدِ
|
أهطعت أنفس وذابت قلوب يزدهيها الفناء في المعبودِ!
|
وتسامى الشعور يلهب فيها خلجات الإِيمان والتمجيدِ
|
يا لهذا الصفاء.. يا لتجلّي الله.. يا روعة الجلال الفريدِ!
|
لكأني بالكون يهتف: يا رب، ويمضي مستغرقًا في الشرودِ
|
لكأني أحسّ وشك اتصالي.. لكأني أشمُ عطر الخلودِ!
|
***
أنا يا ربّ قطرة منك تاهت فوق أرض الشقاء والتنكيدِ
|
فمتى أهتدي إلى منبعي الأسمى وأفنى في فيضه المنشودِ
|
ضاق روحي بالأرض، بالأسر، بالقيد، فحرّر روحي وفكّ قيودي
|
ضمّني، ضمّني إليك، فقد طال انفصالي، وطال بي تشريدي
|
|