
ذاكرة السندباد
أحمد بلبولة – مصر
/ كوريا الجنوبية
ها أنا هادئا أستعيدُكِ يا مصرُ
مثل كتابٍ قديم أمامي
بعد هدوء العواصف والمدِّ والجزر
هل حدفتني الرياحُ أم الرخُّ أتعب
حاملَه السندباد؟
أقلب فيه على مجهر الغربة القاسية
ثم أطويه طيَّ الفؤاد
أستعيد الذي كان أو سيكون !
أقلِّبُ في الصفحاتِ !
فهل أقرأ الآن غيرَ المُعَاد ؟
راسيًا فوق شاطئه المشمسِ
مُقْعِيًا كنتُ لم أنعسِ
عقلة الأصبع المستظلة بالنرجسِ
بينما تطأ الرُّدْهةَ الملكية في
زهوها شهرزاد
دحرجتني على درج القصر
أو هوَّشتني الجدائلُ والسنواتُ
تئطُّ ؛ فظَلْتُ أسيلُ ...
إلى أن علقت بباب المساكين في "تيتنكْ"
أول العمر يا قصَبَ الذكرياتِ
نسيتُ العصافيرَ فيكَ وجئتُ لماءٍ
وزاد
ها أنا أستعيدُ
اجعلي آخر القصِّ بدء القصيدِ
وبدء القصيد انتحار السهاد
داخلٌ أنا مقهًى لأشرب شاي الصباحِ
وآنسَ بالغرباء
داخلٌ في العجاف الشداد
ما الذي يفعل الآن فيك الطواويسُ
يا مصرُ
قد سقط الريش والبَرَصُ امتدَّ حتى
العيونْ
ما الذي يفعلون ؟
اسألي يا بلاد
إذا لم يكن ثَمَّ من يتكلم
فلتتولَّ البهائمُ عنا الكلام
إذا مات من يزحفون على الأرض
فلتُخْرِجِ الأرض أثقالها والسلام
الخرائط لا تعرف الكِذْبَ تُسْقِطُ
من نفسها نفسَها وتُعَزِّي الأنام
فاشلونَ الذين تولَّوْكِ يا مصر
خمسين عاما
وقد كان يمكن ألا تكوني الحطام
فاشلون وهم يعرضون بقاياك للبيعِ
أفشلُ إذ يفتحون المزاد
إنما يُعْرَفُ المتآكلُ عنوانُه لو
جَفَتْهُ السطور
والممزَّقُ من غليان الصدور
لست أدري لمَ الموتُ
يَجثمُ
في
أرضنا
ويغيب النشور
النِّمالُ بَنَتْ مُلْكَها من خلال
الخَصاصِ الدقيق
والذي مقلتاه تُلِمُّ بأرجائه
نائمٌ لا يُفيق
المقارنة الآن في صالح الموت لو
كان مِنْ
خلفه سيلوحُ الطريق
اخرجي يا ضفادعَ مصرَ اخرجي
بالنقيق
صوتك الآن آخرُ شيء يقاتلُ
والصدق سِبْطُ الحريق
واجعلي فوق رأسك بعد خمود اللهيب
اجعلي فوق رأسك غيرَ النهيق
الكلام سلاح الردى والفساد
والسكوت له بيرقٌ واحتشاد
ازرعي الحلم في قلب من ترتضينَ
امنحيه الأمان
النهوض بسيط ولكن يخاف الجبان
والتقدم باب لمن يقرءون وباب
الزمان
إن فصلا حذفتِ الغداة لفصل الهوان
بللي الحبر بالماء
أو بدماء الفساد
وابدئي السطر من أول السطر
وانسي كتاب الرماد
طافيا فوق نهر الخيانة كانَ
فسحقا لعاد
يا بلادي ابدئي يا بلاد
Comments 发表评论
Commentaires تعليقات
click here 按这里
cliquez ici اضغط هنا
|
1 -
سيد يوسف - أوزباكستا ن
searchingformypoem@yahoo.com
اندهاشة مبدئية
أخي الرائع مالك الدهشة أحمد بلبولة
للمرة الأولى في حياتي.. أقرأ نصاً لك أو لغيرك لأحمل له كل هذا الكم
من الحسد والدهشة والغيرة والغبطة وغيرها من مفردات الإعجاب المتميز
غيظاً.. أحسب أنه لو قدر لمصر أن تتغير في هذه الأيام، لما وجدت نظرية
تلتف حولها أو منظراً ينفخ في رمادها ليوقظ جذوة ظنها الآخرون انطفأت
سوى هذا النص المعجز.. والله ليس مبالغة أن أقول ما قلت.. أنا بعد لم
أفق من سكري بهذا النص.. وتعبي في استكناهه.. غير أن هذه اندهاشة
مبدئية أبديها في حضرته وحضرتك.. مؤكدا لك أن هذا النص لن يفلت مني حتى
ألتهمه وأهضمه وأعيد صياغته.. فلتسمها سرقة أو استلهاما أو اقتباسا أو
ما تشاء.. لكن هذا ما عزمت عليه في قريب الأيام.. والسلام
سيد يوسف |
2 -
سيد الزناتي
greendesk707@yahoo.com
لم استطع قراءة النص بسبب تداخل لون النص الازرق مع الخلفية الذهبية
..كنت اشتاق لمعرفة كيف يكتب انسان مصري يعيش في الشرق الاقصي بعيدا عن
الوطن فتجربة الغربة لها اثر عميق في النفس البشرية
|
3-
dr essam eid دكتور عصام أبوغربية - السعودية
essam_aid1974@yahoo.com
يا لروعة الكلام
أخي الشاعر الكبير الدكتور أحمد بلبولة
حينما تترك لمشاعرك حرية الإبداع والتعبير تُُُخرج لنا دررًا ولآلئ
تُذكِّرنا بأيام خوال ماضيات كنا نجلس فيها نحن ثلاثتنا ( أنت وأنا
والدكتور محمود دسوقي ) نتناشدالأشعار ونتجاذب أطراف الحديث .
لقد أعدتنا إلى ذلك الزمان ..
لا حُرمنا منك يا دكتور أحمد
تحياتي
عصام |
4-
أحمد بلبولة
- كوريا
balboula176@yahoo.com
إلى الدكتور الجميل عصام عيد
الصديق الجميل الدكتور عصام عيد أشكرك على كلامك الجميل وتعليقك الذي
أسعدني: وقد باعدت بيننا البلاد أنت في السعودية الآن وأنا في كوريا
وكما قلت كنا ثلاثة أصدقاء أنا وأنت والدكتور محمود الدسوقي نجتمع
ونسمع الشعر وأذكر أن أول ديوان شعر لي طبع على يديك بعدما صحبتني لكي
نكتبه في مكتب قريب لبيتك أتمنى أن تكون كتبك في ازدياد دائم وأنت
النحوي المجتهد الدؤوب، وأتمنى أن ألتقي بك في مصر قريبا
أحمد |
5 -
أحمد بلبولة
- كوريا
balboula176@yahoo.com
تجربة الغربة -الأستاذ سيد زناتي
صدقت يا أستاذ سيد فتجربة الغربة قاسية جدا لأنها تفصل الإنسان حتى عن
ذاته، وتجعله أكثر حساسية لكل ما يمس وطنه وأكثر تفاعلا مع آلامه
وهمومه، وأكثر رغبة في تغييره، ويؤسفني كثيرا أنك لم تستطع قراءة النص |