يوماً ما ســيحين الوقتْ
لنصوغ لكم ألغازاً شــعريّه
مادام يطيب لكم حلُّ الألغازْ
ســنعود إلى " الغصن الذهبيّْ "
فلعلّ هناك خرافاتٍ وثنيّه
لم يســتهلكها بعدُ الشــعراءْ
وســنمزجها بدم الحلاج ورمل الصحراءْ
ونخــط ّالإهداءْ
بعبارات لاتينيّه ! **
أما الآنَ ، وإخوتنا أشــلاء
تفرمها ماكنة ُالغزو الهمجيّه
فدعونا نهبــط ُمن قمم الإعجــــازْ
وننحي الألغـــاز
و ننحي معها النزُهات الليليّه
و مواويل الحب الشــرقيّه
لأحدثكم عن طفلٍ عربيّ لم يتخط
َّالعـــامْ
أحرقه في المهد ســعير النابالم !
*
كان كـــــكلّ الأطفالْ
يضحك للشمس ، وتنطق بالدهشـــة عيناهْ
ويكركرُ حين يلاطفه أبواه
وكــكل صغيرلم يتخطّ العامْ
كان يعانــق لعبته وينـــــــامْ
و لعل البســـمة كانت ترســمها شـفتاهْ
حين انهمرت في الليــــل شــظايا النابالم !
*
أنا لا أبكي الشــهداءْ
لا أبكي مََن خــــيّره الزمن الصارم فاختارْ
أن يهلك مرفوع الرأس ِعلى خط النار
لا أن يتلوّى كالدودة في الوحلْ...
أنا لا أبكي الشــهداء
فعلينا كتِبَ القتلْ ***
وكمــا غنّى " فرجيل "****
للرجل الحقّ وللســيفْ
ســأغنّي مادام هناك ســيوف و رجالْ
و ســأصفع ما يُدعى بضمير العالم
ما دام ضمــــير العلم ليس ســوى قاضٍ أبلهْ
يحتال عليه و يرشـــوه ملوك المالْ
لكنّي أبكي حين يمرّ الوحش ليغتــــالْ
عبر الأبواب المفتوحة دوماً نومَ الأطفالْ !
أبكي ذعر الأطــــفالْ
أبكي للـّــــعَبِ المحترقـــه
بين يدي طفل ِســابحْ
في بركة دم !
أبكي للمهد بكل براءته
يتحوّل تابوتاً من فحمْ
كي يطفىءَ شــهوة جزّارْ
ويكفّر عن نقص رجولة حرّاس الدارْ !
*
أبكي ؟ ...
ما الجدوى والدنيا تأخذ مجـــراها ؟ !
التاجر يرســـم بســمته التقليديه
والنســوة يحكمنَ أناقتهنّ أمام المرآةْ
والســاســـة يدلون بســيل من تصريحاتْ
أو يمتشــقون على البعد ســيوفاً خشــبيّه
وضـــمير العالم لا يفقــــــهْ...
لكنّي ســأصيح بهذا القاضي الأبلهْ
فلقد يسـمعني رغم هدير الآلات و موسيقى
الجازْ
و صدى الأبواق المأجوره
ســأصيح به: يا هذا ، أنت شــغلت المعموره
دهراً بحديث "المعتقلات" و "أفران الغازْ"
فلماذا لم نســمعْ رأيك في هذي الصوره –
صورة طفل عربيّ ًٍٍِلم يتخط ّالعام
أحرقه في المهــــد ســعير النابالم ؟ ؟
دمشق – 1972
*أوحت بهذه القصيدة
صورة نشرتها الصحف لطفل عربي أحرقه النابالم الإسرائيلي في جنوب لبنان.
** أهدى بعض
المتحذلقين من الشعراء العرب قصائدهم بلغات أجنبيّة.
***العبارة للشاعر
العربي الشهير عمر بن أبي ربيعة.
**** فرجيل هو الشاعر
اللاتيني المعروف ، وقد وردت هذه العبارة في مستهلّ ملحمته "الإنيادة".