أعـــــاد نيســــان للآكـــام و الشــجر
ما بدّدته شــهور البرد و المطــــر
و أبدت الأرض مـــا كانت تخبـــــئه
مخـــافة الـــــــريح و الأنواء من صُـوَر
كأنها غــــــادة تنضــــــو غلائلــــها
في موضـــع عن عيون الناس مســـتتر
فليس يقلقـــــــها إبراز فتــــــنــــــتها
و لا تلوذ بســــــتر خشـــية النظــــــــر
ما أروع الجبــــــل العمــلاق تغمره
وداعــــة و هو في جلبابــــــــه النضر
فليس للــــــرعد قصف في منـــاكبه
وليس للثــــــلج في فوديـــــه من أًثـــر
تســـلق الزهــــــر فيه كل رابيــــة
و بثّ ألـــــــوانه في كل منحــــــــدر
و حــــام ســرب فراشــــات ملوّنة
ثملـــــن من أرَج في الجوّّ منتشــــــر
وأقبلت نســـمات الصبح حاملـــــة ً
رَف الحقـول و بُقيا من ندى السَحَر
تســري فتبعــث فينا من طراوتها
ما تبعـــث الراح في الأبدان من خــدَر
و في الســهول يمد التين أذرعـه
كأنّمـــا يعـــــــد الزُرّاعَ بالثمـــــــــــر
و للمياه على الحصـــباء ثرثـرة
ألذُّ في الســمع من تــغـــــريدة الوتـــر
تجيء هازجة ًطـوراً ، وهامســة ً
طـــــوراً كما يهمس العشــــاق في حذر
هو الربيع مشى في الأرض ينعشها
كالـروح تبعـث في أوصال محتـــضر
أعاد لين صباها بعـــدما يبســت
واستســلمت لخمول الشــيب و الكــــبر
و زانها بضـــــروب ٍمن قلائده
و رشّ ألوانـــــــه حتى على الحجــــــر
و لم يدع بقعـــة إلا و مرّ بهـــا
مخلفـــــاً نفحــــــــة من ذيلــــــه العطر
فيــا لها جنـة ًما كان أروعـــها
بين الفرادديس ، لولا غفلة ُ البشــــر
نهارها جولــــة للطرف ذاهلــة
وليلها موعـــــــد للحــبّ و الســــمر
لكنّ أًصحابها لا يحـــفلون بها
كأنهم جُـــرّدوا من نعـمة البصـــــر!
من حولهم عالمٌ جازت مفاتنه
حدّ الخيال ، وهم قتلى من الضجر!
نهر الحياة قريب من مراشفهم
و هم ظِماءٌ بلا ورد ولا صـــــــدر
تصدّهم عنه أعـــراف مقدسة
تغلّ أرواحهم من سا لف العُصُـــر
فمتعة الروح تنبو عن مداركهم
و الحبّ جــرمٌ لديـــهم غير مغتفــر
ولا يلامس في وجدانهم وتراً
همس النسم و سحر الليل و القمــر
كأنّ ســوراً خفيّاً قد أحاط بهم
و لفهم بظلام غــــــير منحســـــر
فهم
يدورون كالثيران موثقة ً
إلى النواعــــــير حتى آخرالعمــر
جبال العلويين-1956