كم تخطّيـتُ إذ أمـدُّ جناحـي
وتعاميتُ عن نزيـفِ جراحـي! |
كم عبرتُ الآفاقَ والليـلُ داجٍ
لا أرجّي بُشرى انبلاجِ صباحي ! |
وسلاحي نُثـارُ حلـمٍ عهيـدٍ
وبقايا في جعبتـي مـن طِمـاحِ |
حُلُـمٌ مثقـلٌ بجمـرِ رمـادي
ليس يخبو..وقد تعاوت رياحـي |
ضرّجَت بالدماءِ أشلاءَ روحـي
سكرةُ الموتِ من يـدي سفّـاحِ |
ألجمَت مطمحي الصروفُ و كلاّ
لن يحدَّ اللجـامُ زهـوَ جماحـي |
فارسٌ ..إن كبا جوادي فإنّـي
ممسكٌ بالزمامِ والساحُ ساحـي |
شعلةٌ من نُضـارِ فكـرٍ وعـزمٍ
ماانثنى صارمي وتلك رماحـي |
ساحتي همّتي وحربـي سِجـالٌ
خصمي الدهرُ والثباتُ سلاحـي |
منجمٌ من مواهـبٍ فـذّةٍ لـو
أنصفَ البحـرُ وُجهـةَ المـلاّحِ |
لَتخطّى العبـابَ ربّـانُ بأسـي
وأضاءَ النجومَ وهـجُ كفاحـي |
وارتوى الجدبُ من ثجاجِ سحابي
واستقى الأقحوانُ من أقداحـي |
وانثنى الليلُ عن شموسِ نهـاري
وتوارى عن بهجـة الإصبـاحِ |
وانتشى العطرُ من ربيعِ زهوري
وتهادى فـي روضـي الفـوّاحِ |
و دَنَت غُـرّةُ النجـومِ لِكفّـي
وتلاشـت معالـمُ الأشـبـاحِ |
وثوى غولُ غُربتـي فـي أمانـي
و تماهى بالأُنسِ في خمرِ راحـي |
و تروّى النعيـمَ شـحُّ سنينـي
و تمنّى النسيـمُ نفـحَ أقاحـي |
أرهفَ الكونُ مسمعاً لِنشيجـي
أبلغُ القـولُ صرخـةُ الأرواحِ |
أُطبقُ الأخشبين في سجنِ صدري
ما تشكّيتُ أو خفضتُ جناحـي |
أطرَقت وحشةُ الوجودِ و هزَّت
غصنَ هَمِّي فأسّاقَطَت أفراحـي |
و ذَوَت نُضرةُ الحيـاةِ بفـردو
سي و حَنَّت لبلبلـي الصـداحِ |
أدمَعَت مُهجةُ القضـاءِ شواظـاً
من جحيمِ الأقـدارِ و الألـواحِ |
سكتَ الليلُ - باكياً لشجوني -
شهرزاداً عـن الكـلامِ المبـاحِ |