
النهر العاشق
نازك
الملائكة - العراق
[ نظمتها الشاعرة خلال
فيضان عام 1954 ]
راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ
|
باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا
|
طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ
|
سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا
|
**
وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا
|
ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ
|
إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا
|
في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا
|
**
لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ
|
تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ
|
**
أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ
|
إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ
|
قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ
|
**
ذلكَ العاشقُ, إنَّا قد عرفناهُ قديما
|
إنه لا ينتهي من زحفِهِ نحو رُبانا
|
وله نحنُ بنَيْنا, وله شِدْنا قُرَانا
|
إنه زائرُنا المألوفُ ما زالَ كريما
|
كلَّ عامٍ ينزلُ الوادي ويأتي للِقانا
|
**
نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ
|
وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ
|
**
أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْه؟
|
إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها
|
إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ
|
[ 1954 ]
|