اعترافات بينَ يَدي
النّهر
منير محمد خلف
- سورية
مرهقَ الرّوحِ،
أفترشُ الغيمَ
يسقطُ من شرفةِ القلبِ
قوسُ الفرحْ.
مرهقَ القلبِ،
هذا الصباحُ عجوزٌ
يفتّشُ عن بعضهِ
كي يهرِّبَ أفراحنا
لستُ أعلمُ أيَّ اتّجاهٍ
سيأخذنا،
أيّ صوتٍ
يعشّشُ في صَدْرِ روحي؟
.. تُرى..!
مَنْ أتى بي إلى هذه
الرّحلةِ الضّيّقَهْ..؟
سرقَ الورد من شفتي
واختفى
ليُعيدَ تفاصيل سكتتِهِ
الغامقَهْ؟
مَنْ تُرى..
أَيقظَ النهرَ من حلمِهِ
ورماهُ بتفّاحة من خطيئةِ
حوّاءَ
وانتشلَتْهُ من
الضّفتينْ!؟
ليس لي
أنْ أُمارسَ طقسَ
الصّباحْ
فأنا وردةٌ من سلاسلَ
في وجهها أقفلَ الفجرُ
أبوابَهُ
واستراحْ،
وكلّ الذي كان بيني
وبين العصافير راحْ
ليس لي غيرُ هذا الخريفِ
يخبِّئ مزمارَهُ في قميصي
ويُلقي تجاعيد حسرتِهِ
في شباب الغناءْ
مثقلٌ بالسؤالِ
كأنَّ الحبيبةَ لم تقبلِ
الحبَّ
من شفتين ملوّنتين بطعم
الفَرَحْ
يدُها قُبلةٌ
سكبتْ صوتَها في دمي
فاختفى جرحُنا المتحضّـرُ
في شكل قبَّرةٍ
تشتهي أن تُكوِّمَ
أفراخَها القادماتِ
لكي لا تراها البراري
الجديدةُ
منشورةً فوق حبلِ
البكاءْ.
مَنْ يقودُ حصانَ
السّؤالِ
إلى الفكرة المستجدّةِ
في آخر البرقِ…؟
مَنْ ينحني…!
كي يُعيدَ الأصابعَ
للكفِّ
والهمسَ للشفتينِ..
الفواكه للصّيفِ
أو يكتفي بالسؤالْ
كلّ ما في الكلامِ:
استعاراتُنا اختنقتْ،
والتشابيهُ مثل احتلامِ
الذي أمرُهُ قد فَضَحْ
ما تقولون ـ يا أيّها الـ
تدّعون بأنّكُمُ الشّعراءُ ـ :
تلاميذُ من ورقٍ
وارتباكٍ،
ولا شيء في جيبِ بنطالهم
غير قرشٍ
مضى عصرُ نكهتِهِ
والكلامُ تدورُ رحاهُ
وليس هو اليوم غير
انطفاءْ
ما تقولون
ليس سوى خِرَقٍ من
تصاويرَ مقفلةٍ،
ليس إلاَّ تورُّط مَنْ
كان يرفعُ إصبعه للإجابةِ،
وهو الذي لا تبوحُ به
الأسئلَهْ.
لم يعدْ بيننا
غير ما نشتهي من سؤالٍ:
أَلمْ يأْنِ للشعر أن
يتوضّأَ بالضوءِ
يسجدَ للّهِ فجراً
ويغسل أوجاعَهُ
بالبكاءْ..؟!
انظروا..
كم يكون الوداعُ جميلاً
إذا كان في القلبِ
بعضُ بكاءٍ حنونْ
كم تكون الحياةُ ملوّنةً
بالغناءِ
ولون الفراشاتِ
والبرتقالْ،
كم تكون القصيدةُ مشغولةً
بالوجودِ
إذا ردّتِ الرّيحُ للقلبِ
صوتَ الحبيبِ البعيدِ
وكم سأكون سعيداً
إذا هيَ قالتْ: أُحبُّكَ
كم ستكون الطفولة شاهقةً
مثلما ـ من زمانٍ ـ
تعلَّقْتُ بالزهراتِ،
وأُمّيَ كانت تُرتّبُني
وتعيدُ الكلامَ إلى شفتي
المغلقَهْ
أَغمضَ القلبُ أفراحَهُ
جاء يبكي على القلبِ
يشلحُ سترتَهُ
ويغطّي حبيبةَ رحلَتِهِ
ثمّ يفقأ وحشتَهُ بشرودٍ
يحدّقُ في الماءِ حتى
الغيابِ.
.. حبيبانِ
ينقسمان أمامَ اغتيالِ
الكلامِ
وينخلعان من الأمنياتِ
كما الرّيحُ تخلعُ بابَ
اليتامى..
.. غريبانِ
يستيقظانِ من الحُلْمِ
يلتفتان إلى الخَلْفِ
ينكمشانِ على بعضِ خوفِ
يذوبان في شمعة اليأسِ
..كلٌّ يزرّرُ غربتَهُ في
يد النّهرِ
يعترفان أمام سكاكين
حزنَيهما: أنَّ في غرق الفجرِ
ما يوقظ القلبَ،
أنَّ الطفولةَ: كلّ
القصائد
لابدّ آتيةٌ في ثياب
الفرحْ