في الغرفة مروحةٌ تقطف
أبخرةً عن جسدي ،
صورٌ للذكرى ،
أوراقٌ فارغةٌ تعبثُ
بهواءٍ رطْبٍ ،
و دخانٌ يرقصُ كالشعرِ
و يلهو في الضوءِ ،
يؤسِّسُ كونا مختلفا .
تعَبٌ هشٌ يضبطُ خطته
ليموتَ .
قميصٌ تركتْـه
ليكسرَ أنفاسَ قصيدتِنا ..
" من أنت لتخلقَني ؟
" قالتْ ،
قلتُ : " أنا أنتِ و
لكني
أعرف كيف أخادع قلقي
المتكدس كالنورِ
و كيفَ أُرْتِبُ
أنفاسا من نارنجَ ،
وأفتحُ نافذةً في
الأفْقِ
و نافذةً في القلبِ
لأعرفَ كيفَ يحاسبُني اللهُ ..
و لستُ إلهً صوفيًا كي
أسكنَ هذا القلب و أصعدُ نورا مع روحكِ حين تريدينْ " .
في الغرفةِ ، تسَّاقطُ
مني الكلماتُ لتردفَ قافيةً حمراءَ ، و ساكنةً كغروب الشمسِ بلا تأويلٍ أو حتى نقدٍ
أهبلَ . قافيةً تُغمضُ عينيّ لتبدأَ .. قافيةً تخضرُّ لتورقَ أزهارا و خيوطا تحملني
...
قافيةً من وجعٍ شرقيٍ
: كيف يليقُ بنا أن نصبحَ إلفين بلا عرسٍ يُبعدنا ، أو حتّى تدبيرٍ فوقيٍ
يعدِلُ عن قولِ الحُلكةِ نورٍ ..
الحلكةُ نورٌ ، مثلك ،
ينتظرُ ، فكنْ أنت و لا تخشَ ...
و اِكسرْ كلَّ أصابعك
الحمقى ؛ كي تخرجَ منك إليكَ و يضْيَقَّ الليلُ هناكَ ، و يتَّسعَ النورُ ، فتصبحَ
أنت قصيدتك و أنتَ قصيدتها .
نافذةٌ تكتبُ قصةَ
مجنونٍ لا يحملُ ليلاه على كفيه و يرقصُ ..
لا وردَ على شفتيهِ و
لا وردَ هناك يهندسُ ، كالنملةِ ، أرصفةً للرؤيا . لا شيءَ هناك سوى لا شيءَ و لا
شيءَ و مجنونٍ لا ...
من أين يجيءُ الناسُ و
في أعينهمْ مدْنٌ تُدمنُ تبديلَ السكانِ ،
و أرصفةٌ حمراءُ كليلٍ
أندلسيٍ يبكيْ .
من أين يجيءُ الناس
فرادى مكسورينَ ، يجرُّونَ كَحَال الصوفي ، من الأرض إلى الأرضِ ،
خريفا صيفيا ..
ويمرُّ النهرُ على
أعينهم مرتبكا كنبيٍ يحملُ قلبا أندلسيَّ الحزنِ و يهمسُ للضوءِ :
لماذا تحملُ فجرا ، في
عينيك ،
يودِّعُنا .
و لماذا تهربُ حين
نناديكَ ؟
تقولُ : غدا ،
سيجيء الدور على
الغرباءِ
أقول : غدا ،
سيجيءُ الدورُ على
الشهداءِ .
في الغرفة يذبحني
الصمتُ
و تنسيقُ الشعرِ على
هيئةِ قبعةٍ يحملُها الريحُ شمالا حتى آخر نجمٍ يغمزُ للصحراءِ .
جنوبا حيث النيلُ يحكُ
الأرضَ و يومئ للسحْبِ :
" ترافِقُني يا قدري ..
و أرى في أول دربي
آخره ، و أرى آخر دربي من أوله .. "
( و القدر حليفُ
نهايتنا و القدرُ حليفٌ يخذلنا ) .
في الغرفةِ لهجةُ
بدويٍّ :
" يا ربي ،
يا ربَّ المكسورين
أَغثنا ، و اخفضْ لي ليلا من نورٍ يبصرْنا ."
في الغرفةِ أعشقُ ما
تكتبه الجدرانُ على وجهي ،
رائحة الموتِ تئزُّ ـ
كما النحلة ـ حين تمرُ على ضلفةِ شباكي المكسورِ ،
هشاشة تعبٍ يضبطُ خطته
لأموتْ .