في محراب
الأشواق
فدوى طوقان -
فلسطين
هذا مكانك, ههنا محرابُ أشواقي وحبِّي
|
كم جئتُه والدمعُ, دمعُ الشوق مختلجٌ بهدبي
|
كم جئتُه والذكريات تفيض من روحي وقلبي
|
يمددن حولي ظلهن, وينتفضن بكل دربِ
|
***
هذا مكانُك, كم أتيت إلى مكانك موهنا
|
تمضي بيَ الساعاتُ لا أدري بها, وأنا هنا
|
روح أصاخَ لهتفةِ الذكرى, وللماضي رنا
|
يتنسم الجوّ الحبيب, ويستعيد رؤى المنى
|
***
هذا مكانُك, مثل روحي, فيه إحساس كئيبْ
|
متحسرٌ.. يصبو إلى الماضي, إلى الأمس الحبيبْ
|
متسائل عن شاعرين, هواهما حلم غريبْ
|
كم رنّحا بالشعر جوَّهما, ففاض جوى مذيبْ
|
***
هذا مكانُك, أين أنت? وأين أطيافُ الفتونْ?!
|
المقعد الخالي يحنُّ إليك مرفَقُه الحنونْ..
|
أسوان, يرمقني وقد أهويت أنشج في سكونْ
|
ومواجدي ملهوفةُ الثيرانِ, تهدر في جنونْ?
|
***
ذنبي الذي قد هاج ثورة قلبك المترفعِ
|
كفَّرتُ عنه بأدمعي, بتنهدي بتوجعي
|
كفّرت عنه بما ترى من ذلتي وتخشُّعي
|
وبخَفضِ قمةِ كبريائي الشامخِ المتمنِّعِ!..
|
***
ذنبي? وما ذنبي ألا ويلاه من ظلمِ القيودْ!
|
ما حيلتي والغلُّ في عنقي على حبل الوريدْ
|
أواه; حتى أنت لم تنصف هوى قلبي الشهيدْ?!
|
أواه; حتى أنت تظلمني مع القدر العنيدْ?!
|
***
قلبي يئنُّ, يلوبُ في ألمٍ, يسائل في شرودْ:
|
لم لا يعود? فلا يجيب سوى صدى: (لم لا يعودْ)
|
وأروح, في شفتيَّ أشعارٌ, وفي كفيَّ عودْ
|
وأعاتب الأيامَ.. والزمن المفرَّق.. والوجودْ!
|
***
لم لا تعود? أنا هَهنا وحدي بهيكل ذكرياتي
|
وحدي, ولكني أحسُّك في دَمِي, في عاطفاتي
|
أصغي لصوتك, للصدى المنغوم في أغوارِ ذاتي
|
وأراك من حولي, وفيَّ, وملء آفاق الحياةِ! |
|
|