ف

راسلنا

منتدى

عن الندوة

أدب وأدباء

صوت الشعر

شعر صيني مترجم

شعر إنجليزي مترجم

شعر مترجم

شعر عربي

أحمد عبد المعطي حجازي - مصر

هذا المساء يا عزيزتي جميل

 أحمد عبدالمعطي حجازي - مصر


لا تسأليني إن أتيتُ في مساء غدْ
وفي مساء بعد غدْ
ماذا تريد؟
لأنني سأدعي أني نسيت عندكم كتاب
أني نسيت علبةَ الدخانِ ليلةَ الأحدْ
أني، نعم أريد. ما الذي أريدْ
ستلمحين فكريَ الشريدْ
من خلف عيني حائرا يبحث عن جوابْ
وأمضغ الأسي، ولا أردٌ
لا توقفيني هكذا
فقد شبعتُ وقفة بكل بابْ
أسأل عن خبزي
وعن حبٌِ
ولا جوابْ
غير صدي صوتي يضيع في السكونْ
أرجوكِ قولي لي: استرحْ
أو: انتظرْ
وابتسمي ابتسامةَ مشجٌعة ْ
لأنني لن أستريَح لو بدا في وجهكِ الضجَرْ
وإنني أراك سوف تفعلينْ
أتذكرينْ؟
ليلة أن كنٌا نسير، ذات ليلةٍ
وقد تدثٌَر الطريق بالظلامْ
أنا أكاد أذكر الوقت وأذكر الكلامْ
لأنها أوَّل مرةٍ نسير وحدنا
وكنت أستطيع أن أقول كلٌَ شيءْ
لكنني لست من الذين يتقنون صنعة الغرامْ
أنا أكاد أذكر الوقت وأذكر الكلامْ
كنا نسير والطريق مظلمٌ

والناس أشباحٌ تمرّ
تبدو إذا سيَّارة مرت بهمْ
تمدّ فيهم إصبعين أزرقين من ضياءْ
وتختفي فيختفونْ
أيامَها كنا نعيش في الظلامْ
كانت سماؤنا بِبومٍ ينشر الخرابْ
علي بيوتنا التي بني سقوفَها العرقْ
علي حقولنا التي تخضرّ كل فصلْ
وتفرش الظلال للخرافِ والرعاةْ
وترضع المساءَ قطرة من الندي
وخفقة من الورقْ
أيامها حتي الندي احترقْ
وقلت في نفسي اعطها يدك
ففي ليالي الحرب تأمن البنات للرجالْ
وقلت لا، فقد تردّها
لكنني وددتُ أن يتوه دربنا
فلا نري خيال دارْ
ويشربَ الليل الخلودَ كلٌهُ
فلا يري النهارْ
وكان حراس الطريق والجنود يعبرونْ
وقد تقلصت أكفهم علي السلاحْ
وكنت أطرد الهواجسَ التي تأتي بفكرة ابتسامْ
وربَما لولاك ما فكرت أبتسِمْ
هربت من خواطري
كأنني استيقظتُ من حلمْ
ثم استدرت نحو وجهك الذي يفيض بالجمالْ
والعذابْ
وقلت:
هذا المساء يا عزيزتي جميل!

الأفق صلبان من الشررْ
تقاطعت علي الدجي
والطلقات تنهش السكونْ
لا تفزعي!
لا تفزعي، نحن معا
نحن معا نخوض في المنونْ
ولا نموتْ!
أحسست أنني أحبْ
أحسست أن إصبعي يفتِت الصخورْ
وصدريَ العاري يطيش حوله الرصاص
وفي دقيقةِ يصير لي جناحْ
أمشي به علي الرياحْ
إذا شربت جرعة من نبعك النميرْ
أحسست عندما اقتربنا من طريق منزلكْ
أن لياليَ السهادِ والغناءِ أقبلتْ!
أني بحاجِة إليكْ
أني أريد، ما الذي أريدْ
هربت من خواطري كأنني استيقظت من حلمْ
ثم التفتّ نحو وجهك الذي يفيض بالجمالْ
والعذابْ
وقلتْ:
هذا المساء يا عزيزتي جميلْ!
 

مارس 1957

__________________

Comments 发表评论 Commentaires تعليقات

click here 按这里 cliquez ici اضغط هنا

ضع إعلانك هنا