
غيرَ أنني لستُ
وحدي
أدونيس - سورية
... ها غزالُ التاريخ يفتحُ أحشائيَ نهرُ
|
العبيد يهدُر, يجتاحُ اكتشفنا ضوءًا يقود إلى
|
الأرض, اكتشفنا شمسًا تجيء من القبضةِ,
|
هاتوا فؤوسكم نحملُ الماضي كشيخٍ يموت,
|
نَستشْرفُ الآتي, هُيامًا ورغبةً.
|
... وجه يافا طفلٌ هل الشجر الذابل يزهو؟
هل
|
تدخل الأرض في صورة عذراء؟ من هناك
يرجّ
|
الشرقَ? جاء العَصْفُ الجميل ولم يأت الخراب
|
خرجوا من الكتب العتيقةِِ حيثُ تهترىءُ الأصولْ
|
مَشَتِ الحقولُ إلى الحقولْ:
|
هو ساعةُ الهتْكِ العظيمِ أتتْ, وخلخلةُ العقولْ .
|
هذا هو اسمي
(مقاطع)
ماحيًا كل حكمةٍ هذه ناريَ
|
لم تبقَ - آيةٌ - دميَ الآيةُ
|
دخلتُ إلى حوضكِ أرضٌ تدور حوليَ
|
تقاطعتِ في دمي قطعَتْ صدركِ أمواجيَ
|
انْهصرتِ لنبْدأ: نسيَ الحبُّ شفرَةَ الليل هل
|
أصرخُ أنَّ الطوفان يأتي؟ لِنبْدأ:
صرخةٌ
|
تعرج المدينةَ والناسُ مرايا تمشي إذا عبَر الملحُ
|
جسديَ وردةٌ على الجرح لا يُقطَفُ إلاّ موتًا. دمي
|
غُصُنٌ أسلم أوراقَه استقرَّ...
|
هل الصخرُ جوابٌ؟ هل موتكِ السيدُ
النائم
|
يُغْوي? عندي لثدييكِ هالاتُ وَلوعٍ لوجهك الطفل
|
وجهٌ مثلهُ... أنتِ؟ لم أجدكِ.
|
دخلتُ إلى حوضكِ عندي مدينةٌ تحت
|
أحزانيَ عندي ما يجعل الغُصنَ الأخضرَ ليلاً
|
والشمسَ عاشقةً سوداءَ عندي...
|
تقدَّموا فقراءَ الأرض غطّوا هذا الزّمان بأسمالٍ
|
ودمْعٍ غطّوهُ بالجسد الباحث عن دفئِه... المدينةُ
|
أقواسُ جُنونٍ رأيتُ أن تلدَ الثورة أبناءَها, قبرت
|
ملايين الأغاني وجئتُ (هل أنتِ في قبريَ)? هاتي
|
زَمني لم يجىءْ ومقبرة العالم جاءت عندي
|
لكل السلاطين رمادٌ هاتي يديك اتبعيني...
|
قادِرٌ أن أغيِّر: لغْمُ الحضارة - هذا هو اسْمي.
|
... وقفت خطوة الحياة على باب كتابٍ محوته
|
بسؤالاتِيَ ماذا أرى? أرى ورقًا قيل استراحت فيه
|
الحضارات (هل تعرف نارًا تبكي؟) أرى
المئة اثنين
|
أرى المسجدَ الكنيسةَ سيّافيْن والأرض وردةً.
|
ليأت الوقتُ الحزين لتستَيْقِظْ شعوب اللهيب
|
صحرائيَ تنمو أحببتُ صفصافةً تحتارُ
|
بُرْجًا يتيهُ مِئْذنةً تهرمُ أحببتُ شارعًاصَفَّ لبنانُ
|
عليه أمعاءَهُ في رسومٍ ومرايا وفي تمائِمَ
|
قلتُ الآن أُعطي نفسي لهاوية الجنس وأعطي
|
للنار فاتحة العالم قلتُ استَقِرَّ كالرمح يا نيرون
|
في جبهة الخليقةِ روما كلُّ بيتٍ روما التخيُّل
|
والواقع روما مدينةُ الله والتاريخ قلتُ استقرَّ
|
لم آكل العيشَّة غير الرّملِ, جوعي يدورُ كالأرضِ
|
أحجارٌ قصورٌ هياكلٌ أتهجّاها كخبزٍ رأيت
|
في دميَ الثالثِ عينيْ مُسافرٍ مزج الناس بأمواج
|
حاملاً شعلةَ المسافات في عَقْلٍ نبيٍّ وفي دمٍ وَحْشيِّ.
|
... وعليٌّ رَمَوْهُ في الجبِّ غَطُّوهُ بقشٍّ والشمس
|
تحمل قتلاها وتمضي هل يعرف الضوءُ
|
في أرض عليٍّ طريقَهُ? هل يُلاقينا? سمعنا دمًا
|
سنقول الحقيقة: ليست بلادًا
|
هي عُكَّازة السّلاطين سجَّادةُ النبيّ
|
سنقول البساطة: في الكون شيءٌ يسمّى
|
لم تلدنا سماءٌ لم يلدنا ترابْ
|
إننا زَبدٌ يتبخَّرُ من نَهَرِ الكلماتِ
|
(منشور سري)
وطني فيَّ لاجئ
دهْرٌ من الحجر العاشق يمشي حولي أنا
|
تحبلُ النار أياميَ نارٌ أُنثى دَمٌ تحت
|
نهديها صليلٌ والإِبطُ آبارُ دمعٍ نهَرٌ تائهٌ وتلتصق
|
الشمس عليها كالثوبِ تزلقُ جرحٌ فَرَّعتْه
|
وشعشعَتْهُ ببَاهٍ وبهارٍ (هذا جنينُكِ?) أحزانيَ وَرْدٌ.
|
دخلتُ مدرسة العشب جبيني مُشقّقٌ ودمي يخلع
|
سلطانَه: تساءلتُ ما أفعلُ? هل أحزم المدينة
|
بالخبز? تناثرتُ في رواقٍ من النار اقتسمْنا
|
سلامٌ
لوجوهٍ تسير في وحدة الصحراء للشرق يلبس
|
العشب والنارَ سلامٌ للأرض يغسلها البحر
|
سلامٌ لحبّها... عُرُيكَ الصاعقُ أُعطَى أمطاره
|
اختمرَ الوقت تَقدَّمْ هذا دمي أَلقُ الشرق اغترفْني
|
أضِعْني لفخذيك الدويّ البرق اغترفني تبطّنْ جسدَي
|
ناريَ التوجّه والكوكب جرحي هدايةٌ أتهجَّى...
|
هل لتاريخيَ في ليلك طفلٌ؟ |
لم يَعُدْ غيرُ
الجنون
إنني ألمحهُ الآنَ على شبّاك بيتي
|
ساهرًا بين الحجار الساهره
|
... ورأيت التاريخ في رايةٍ سوداء يمشي كغابةٍ
|
لم أُؤرّخْ عائشٌ في الحنين في النار في الثورة في
|
وطني هذه الشرارة, هذا البرق في ظلمة الزمان
|
من ديوان "هذا هو اسمي" (1970) |