ما عادت الأيامُ تنفعُنا،
ولا اللحظاتُ تُورقُ
في ربوعِ وجوهِنا عنباً
وتينا
ما عادت الكلماتُ
توقِظُ من رجولتنا
فحولتَنا التي اختبأَتْ
وراء ستار مرحلةٍ
تجرّدُنا ثيابَ كلامِنا،
وطفولةَ الأحلامِ من
أحلامِنا،
ما عادت الأقمارُ
تحملُ في حقائبها
دفاتِرَنا التي كانت
ترتِّبُنا،
وتمنحنا الفواكهَ
والسّكينَهْ.
يا نار!
مزّقنا الحنينُ إلى
جداولهِ
وعفَّرَنا الهواءُ
بجرحِهِ المخزونِ في ملحِ
المدينَهْ.
لكأنّني آتي إليكِ
بلا لقاءٍ،
أستحمُّ بظلِّ صوتكِ
حاملاً طُرُقَ الوجعْ.
كلّ الطيورِ
تغادرُ الكلماتِ
بعد صباحِ وجهكِ
يا خيولاً من نهاياتِ
اللقاءِ المرِّ
سافرَ واجتمعْ!!
وأنا المبعَثرُ
بين ظلّي وانكساري،
أشتهي فرحا وناراً،
أرتدي صوتي
الذي في لونِهِ
حزنُ البجعْ
من عادتي
أنْ أخسرَ الأشياءَ في
قلبي،
وأرسمَها
على ورقِ الغيابْ.
من عادتي
أن أدفنَ الأسماءَ في
قلمي،
وأمنحَها مفاتيحَ
السرابْ.
من عادتي
أن أُطلِقَ الأحلامَ
كي أبني لها وطنَ
الصباحِ؛
تجيئني الأحلامُ
حاملةً خرابي،
واكتشافاتِ الغروبِ
وصمتَ بابْ.
من عادتي
أن أقطف الأقمارَ
قبل نضوجها،
أو بعدما يأتي هبوب
غيابها،
وأُفسِّرَ الأيّامَ
حسْبَ دقائق الوجعِ
المحاصَرِ
بالتشرَّدِ والعذابْ.
أمشي كنهرٍ
لملمَ الأقمارَ تحت
لحافِهِ
وأرادَ أن يخفي انحناءَةَ
عشقِهِ،
وطفولةَ الفرحِ البعيدِ
لكي يسلِّمَ صوتَهُ
لحبيبةٍ ظلّتْ تُحاصرُهُ،
تخيْطُ نوافذَ الفجرِ
المهرَّبِ
كي تَخبِّئَ عمرَهُ
وهواءَهُ المحفورَ
في عُنُقِ الخرابْ.
يا ظلَّنا المخبوءَ..
لا تخرجْ إلينا!
مثلما خرجتْ يَدِيْ
من قاعِ روحي،
وهي لا تدري القراءَةَ
والحسابْ.
جئنا
لكي نحمي وداعتَنا
وحزنَ جباهِنا،
جئنا
نُخبِّئُ كالصغارِ بلادَنا،
ونلفّها تحت الثيابْ.
مازلتُ أنتظرُ الْتفاتةَ
حزنِها
يا حزنها المولود بين
حرائق الذكرى
أتَعلمُ أنَّكَ اليومَ
ابتدأتَ نهايةً مذبوحةً
وأتيْتَ تحلُمُ
بالإيابْ...؟!!
متورّطٌ
في الحُلْمِ والكلماتِ،
ياكلَّ الذين تعلَّقُوا
بجراحِنا..!
ياكلَّ مَنْ كانوا هنا..!
يا بعضَ مَنْ مِنَّا!
تكسَّرتِ الرّياحُ على
حقول كلامهم،
وتبخّروا،
متورّطين
ومهملينْ
مثلي ومثل الماءِ في
ثَغْرِ اليبابْ.
غابَ القمرْ،
منه ابتدا فرحي القتيل
كلامَهُ،
وتطايرتْ خصلاتُ
ضحكتِهِ..
وغنَّى...
ثمّ أسكنَهُ الرحيلُ
فسيحَ طيَّاتِ الغيابْ.
خلُّوا يديهِ على يديَّ
فإنّهُ شفةٌ
تلمُّ ورودَها،
وأنا الذي
أَلِفَ القصائدَ
في اغترابْ.